أكدت الاستاذة هالة الأنصاري الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة أن محور الاستقرار الأسري والترابط العائلي يتصدر قائمة أولويات الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية، مشيرة إلى التجربة البحرينية الخاصة في هذا الإطار التي يدير عملياتها المجلس الأعلى للمرأة بقيادة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى حفظها الله، وأوضحت أنه جرى تصميم خطط عمل ومبادرات هذا المحور بصورة شمولية ومنهجية علمية تعتمد على صناعة المؤشرات الوطنية والمقارنات الدولية وإيجاد علاقات ترابطية بين تأثير الاستقرار الأسري على الأمن المجتمعي وصولاً إلى مشاركة متصاعدة للمرأة في الحياة العامة وفي الاقتصاد الوطني .

جاء ذلك خلال مشاركتها كمتحدثة رئيسية في منتدى الأسرة السعودية الذي ينظمه مجلس شؤون الأسرة السعودي، وذلك في دورته الرابعة التي تتزامن مع الذكرى الخامسة لانطلاق رؤية المملكة 2030 تحت عنوان "دور الأسرة في منظومة التنمية المستدامة و "رؤية المملكة 2030"، حيث نوهت الأنصاري بتوجهات حكومة المملكة العربية السعودية الموقرة بتقديم كل ما هو مستحق من دعم ومساندة لمشاركة مؤثرة للمرأة في البناء التنموي بالنظر إلى ما وصلت إليه من مكانة مرموقة تجعلها اليوم الشريك الجدير في صنع حاضر ومستقبل وطنها.

وقالت الأنصاري أنه من حسن الطالع أن يتم تنظيم منتدى الأسرة السعودية، بالتزامن مع الذكرى الخامسة لانطلاقة رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وذلك بهدف رسم صيغة متجددة لمساهمات المؤسسة الأسرية بالنظر إلى مكانتها ودورها المحوري في تحقيق الأهداف التنموية لتكون كياناً فاعلاً ومستوعباً لمسئولياته الوطنية.

تدابير استثنائية لتلافي آثار الجائحة

واعتبرت الأنصاري أن ما أحدثته جائحة (كوفيد-19) على المستوى الصحي والاقتصادي والاجتماعي يتطلب مراجعات ومعالجات متسارعة وذلك بحسب ما أشار إليه تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بتنفيذ أهداف السنة الدولية للأسرة لعام 2021، مشيرة إلى قيام العديد من الدول بوضع تدابير استثنائية لاحتواء الصعوبات الحياتية التي تواجهها الأسرة، وتحديداً في مجال التوفيق بين مسئوليات الأسرة والمهنة، والتنشئة الايجابية للأطفال وزيادة مشاركة الآباء في الاضطلاع بالمهام الأسرية.

شراكة وطنية

على صعيد آخر، أشارت الأنصاري إلى أن أعمال المجلس الأعلى للمرأة في مملكة البحرين ارتكزت بشراكة وطنية تشمل كافة حلفاء العمل على ثلاثة أسس رئيسية تتمثل في مراجعة وتطوير التشريعات وسد الفجوات التي تؤثر على المراكز القانونية لأفراد الأسرة وضمان اتساقها مع ما نص عليه الدستور بإزالة كافة أشكال التمييز والوصول إلى العدالة مع مراعاة الخصوصية التي تحيط بالعلاقات الأسرية، ووضع ومتابعة تنفيذ السياسات والإستراتيجيات النوعية لتحويل النصوص التشريعية لواقع معاش، عبر إدماج منهجي ومنظم لاحتياجات الأسرة البحرينية ضمن المسار التنموي من خلال مبادرات وبرامج مركزة لتمكين الأسرة من الأخذ بزمام إدارة شئونها واستقلالية اتخاذ قراراتها، وبما يتسق مع قيم وغايات رؤية مملكة البحرين الاقتصادية 2030، إضافة إلى العمل على ربط جهود مملكة البحرين في مجال تمكين وتقدم المرأة مع أهداف التنمية المستدامة.

ملامح من الجهود البحرينية لتنمية دور الأسرة

وعرضت الأنصاري في كلمتها عددا من الأمثلة المادية على ما استطاعت أن تحققه الجهود والمساعي الوطنية في مجال تنمية دور الأسرة البحرينية ورفع مستويات استقرارها، من خلال بعض ملامح العمل المتعلق بالحفاظ على استقرار وكينونة الأسرة البحرينية كصدور قانون الأسرة وفصل محاكمه في مباني مستقلة مراعاةً لخصوصية القضايا الأسرية والتسريع في إجراءاتها سعياً لتخفيف الضغط على تلك المحاكم، كما يسمح القانون البحريني بالطعن في أحكام محاكم الأسرة ورفعها لأعلى سلطة تقاضي فيها وهي محكمة التمييز، وصدور قانون بإلزامية تطبيق الصلح الأسري والتسوية الودية قبل الوصول لمرحلة التقاضي، كما تم استحداث مؤخراً خدمة "الوساطة الأسرية" بالشراكة مع المؤسسات الأهلية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال الإرشاد الأسري للتوسط في المسائل الأسرية خارج نطاق المحاكم، وصدور قانون الحماية من العنف الأسري.

كما تحدثت الأنصاري في هذا السياق عن توسيع مظلة استفادة المرأة البحرينية من الخدمات الإسكانية خصوصاً عند تعرضها لظروف الترمل أو الانفصال سواء كانت حاضنة أو غير حاضنة للأبناء، ويسمح، لغير الحاضنة ضمن الفئات العمرية التي لا تنطبق عليها معايير الحصول على حق التملك، أن تستفيد من الخدمات الإسكانية بالانتفاع منها مدى الحياة، بالإضافة إلى إمكانية استفادة المرأة الحاضنة من برامج السكن الاجتماعي الذي يؤهلها لشراء وحدات سكنية من القطاع الخاص وبدعم ميسر من الدولة، وإنشاء لجان لتكافؤ الفرص في كافة مؤسسات القطاع العام التي تعمل على متابعة تنفيذ الخدمات المقدمة للأسرة والسياسات الداعمة لتقدم المرأة البحرينية بما يمكنّها من تحقيق التوازن بين المسئوليات الوظيفية والواجبات الأسرية دون إرباك لمسار تقدمها المهني.

ملامح الخطة الوطنية القادمة لنهوض المرأة البحرينية

وأكدت الأنصاري في كلمتها أن التجارب أثبتت ضرورة وأهمية التخطيط الاستباقي والمستشرف لاحتياجات الأسرة المعاصرة، وكشفت في هذا السياق عن أن تحديث الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية التي ستنتهي العام المقبل سيستند إلى على عدد من الاعتبارات من بينها انتقال مملكة البحرين من مرحلة "النهوض بالمرأة" إلى "نهوض المرأة" بذاتها والتركيز على كيفية استدامة "تقدم" المرأة البحرينية وقياس تأثير مشاركتها على التنافسية الوطنية، لتكون هي من تنهض بنفسها، وتقرر ما هو مناسب لها ولأسرتها.

محاور المنتدى

هذا وشاركت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة في منتدى الأسرة السعودية بدورته الرابعة إلى جوار عدد من الوزراء، ونخبة من الخبراء والقيادات الوطنية، والمنظمات الإقليمية والدولية من مختلف أنحاء العالم؛ الذين ناقشوا أهم قضايا الأسرة المعاصرة وسبل تمكينها وحمايتها، وتضمن المنتدى ثلاثة محاور رئيسة هي أدوات تمكين الأسرة من اتخاذ قرارات مستنيرة في ظل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الحالية، ومسؤولية الأسرة تجاه البيئة والمجتمع والاقتصاد ودور الأسرة في تنمية رأس المال البشري، والأسرة كراعي أول للهوية الثقافية والوطنية للنشء .

وطرح المتحدثون في المنتدى العوامل المؤثرة على اتخاذ القرارات المستنيرة للأسرة ودورها في عملية التمكين، والتشريعات والسياسات الداعمة للأسرة وشراكات وحلول مجلس الأسرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030، والمسؤولية المجتمعية للأسرة كأداة لتحقيق التنمية المستدامة واستعراض نماذج وتجارب دولية فاعلة عن دور الأسرة في حماية البيئة، إضافة إلى الأسرة وتشكيل الهوية الثقافية ودورها في تعزيز المواطنة الصالحة وتكريس قيمها في نفوس الأبناء .