مريم بوجيري
أقرت لجنة المرأة والطفل بمجلس النواب اقتراحاً بقانون يفرض عقوبة على المكلَّف بالتبليغ عن أيّ جريمة يمكن تصنيفها على أنّها نتجت عن عنف أسريّ، وصلت إلى علمه بحكم عمله، سواءٌ أكان ممارساً لمهنة طبيّة أو تعليميّة على حدٍّ سواء، إذا امتنع عن التبليغ، وتشديد العقوبة إذا نجم عن الجريمة وفاة أو عاهة مستديمة.
من جانبه أفاد المجلس الأعلى للمرأة بموافقته على الاقتراح بقانون، باعتباره يأتي ليسد النقص التشريعي في القانون رقم (17) لسنة 2015 بشأن الحماية من العنف الأسري الذي ألزم كل من علم بواقعة عنف أسري بحكم عمله أو مهنته الطبية أو التعليمية (المادة 8 من القانون) بالتبليغ من دون أن ينصّ على عقوبة امتناعه، كما أنه سيسهم إلى حدٍّ كبير في التطبيق الفعلي للقانون المذكور، والحدّ من حالات العنف الأسري، وتطبيق العقوبات الرادعة ضد مرتكبيه.
في حين اتفقت جمعية المحامين البحرينية مع الاقتراح بقانون، وأبدت الملاحظات التالية:
أ- إنّ العقوبات المقرّرة على المكلّف بالتبليغ هي شديدة، ويزيد مقدارها على العقوبة الأصلية التي تطبَّق على الفاعل الأصلي (المعتدي)، الأمر الذي يتعيّن معه بأن تكون مساوية بذات المقدار للعقوبة المقرّرة على المعتدي دون زيادة، أو أن تُرفَع مقدار العقوبات على المعتدي الأصلي بهذا القدر المقترح.
ب- اقترحت الجمعية أن يتمّ إعطاء فرصة للمبلغ في حالة وجود عذر أو ظروف حالت دون إبلاغه، وذلك بأن يتم معاقبته بعقوبة بديلة أو إعطاؤه فرصة التصالح إذا ثبت أنّ تخلّفه عن التبليغ ناتج عن أمر خارج عن إرادته أو لوجود عذر مقبول للنيابة أو المحكمة، وذلك بما يخدم حسن سير العدالة، وتشجيعاً للمبلغين على العدول عن الامتناع أو تخلّفهم عن التبليغ.
ج- اقترحت الجمعية إدراج فعل التنمّر، الماديّ والمعنويّ، ضمن الأفعال المجرَّمة كبند من بنود المادة المقترحة.
فيما أبدى مركز بتلكو لرعاية حالات العنف الأسري موافقته على إيقاع عقوبة بحقّ من يمتنع عن جرائم العنف الأسري، ورأى بأنّ تبسيط وتسهيل الأحكام لمن يخفي جريمة متعدّدة الأوصاف لن يكفي لردع من يتساهل في هذه التعامل مع الجريمة، واقترح المركز صيغة معدلة للمادة على النحو التالي:
(مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد في قانون العقوبات أو أي قانون آخر صدر بمملكة البحرين يعاقب المكلف بالتبليغ الوارد في المادة (8) من هذا القانون بالغرامة التي لاتقل عن ثلاثة الآف دينار ولا تزيد عن خمسة الآف دينار ويوقف عمله لمدة شهرين إذا امتنع عن التبليغ، وتكون العقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة غير قابلة لوقف التنفيذ والغرامة التي لا تقل عن خمسة الآف دينار ولا تزيد عن عشرة الآف دينار أو إحدى هاتين العقوبتين إذا نتج عن هذا العنف الوفاة أو عاهة مستديمة).
في حين أورد الاتحاد النسائي البحريني ملاحظاته على النحو الآتي:
أ- التأكيد على أهميّة وضرورة أن يقوم المشرّع البحريني بمراجعة شاملة لقانون الحماية من العنف؛ لما يشوبه من نواقص تستوجب التعديل.
ب- لم يشمل الاقتراح بقانون خدم المنازل العاملات لدى الأسرة، ضمن الفئات التي يستوجب توفير الحماية لهنّ من العنف في أثناء عملهنّ لدى الأسرة.
ج- لم يتضمّن القانون أيّ عقوبة على المعتدي حينما تثبت جريمة العنف الأسري والذي من المفترض أنّ يشتمل القانون على نصّ واضح وصريح لعقابه في جرائم العنف الأسري؛ وذلك لحماية الأسرة والمجتمع تباعاً، والحدّ من انتشار ظاهرة العنف الأسري.
د- لم ينصّ الاقتراح بقانون على تجريم الاغتصاب الزوجي والمعاشرة الزوجية بالإكراه؛ إذ إنّ قانون العقوبات البحريني لا يقرّ بها كجريمة، بل يعتبرها حقًّا مشروعًا للزوج، الوضع الذي يستوجب معالجة قانونية تُسهم في توفير الحماية للنساء من سوء المعاشرة الزوجية، وقد كان من الأجدر بالقانون أن يستخدم مفردة (الصلح) في الشكوى بدلاً من (التنازل عنها)، وأن يكون هذا الصلح ضمن شروط معينة يتفق عليها المعتدي عليه مع المُعتدي، وتكون خاضعة لرقابة إدارة الإرشاد الأسري، وتنقضي الدعوى الجنائية بهذا الصلح، وذلك خشية أن يتعرض المُعتدى عليه لإكراه مادي ومعنوي لإجباره على التنازل دون أن تتحقق الغاية من الاقتراح بقانون وهو الحماية، وحتى لا يفلت المُعتدي من العقاب على جرم ارتكبهُ.
هـ- ضرورة اتخاذ كافة التدابير الكفيلة بتوفير كافة أشكال الحماية كزيادة مراكز التأهيل والإيواء في كافة مناطق مملكة البحرين، والحرص على تضمين المناهج الدراسية مقرّرات تعزّز وتنشر ثقافة مناهضة للعنف الأسري، إلى جانب توفير برامج التثقيف والتوعية لعامة الجمهور بشأن الطابع الجنائي لجميع أشكال العنف ضدّ المرأة، والسعي لايجاد مجتمع خالٍ من العنف.