لكي لا يصبح المقابل النقدي "ذريعه" لعدم أخذ الإجازة

مريم بوجيري

رفضت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس النواب اقتراحاً بقانون يجيز منح الموظف بدلاً نقدياً عن إجازته السنوية وفق القواعد والشروط التي يحدِّدها ديوان الخدمة المدنية، وذلك لضمان سير المرفق العام بانتظام، وتأثر الوظائف بالتقاعد الاختياري الذي تسبَّب في حدوث ضغط على بعضها واضطرار عدد من الموظفين إلى عدم أخذ إجازتهم السنوية في سبيل استمرار العمل، إلى جانب تحقيق الرضا الوظيفي للموظف بمنحه بدلاً نقدياً عن الإجازات التي لم يستفد منها في سبيل استمرار العمل وانتظامه.

من جانبه أكد جهاز الخدمة المدنية صعوبة تطبيق الاقتراح بقانون، وذلك نظراً إلى عدم تماشي منح بدل نقدي للموظف في أثناء الخدمة كما جاء في الاقتراح بقانون بدلاً عن خروجه في الإجازة السنوية مع الأسس والمبادئ التي تقوم عليها سياسة هذه الإجازة في الخدمة المدنية والأهداف المرجو منها تحقيق التوازن بين مصلحة الموظف والعمل وتوفير وسائل الراحة النفسية والجسدية له من خلال الابتعاد عن ضغوط العمل.

وأبرز الجهاز الملاحظات الآتية بشأن الاقتراح بقانون:

1. إن خروج الموظفين في إجازات سنوية -وبخاصة بالمستويات الإشرافية والقيادية في الجهات الحكومية- يتيح الفرصة للموظفين بالمستويات الأدنى للندب على هذه الوظائف والتدريب على القيام بالمهام الإشرافية، وتهيئتهم لإعداد صف ثانٍ لشغل هذه الوظائف في المستقبل بما يتماشى مع سياسات وأنظمة التدريب والإحلال المعمول بها في الخدمة المدنية، ولإضافة تجارب وأساليب ومعارف إدارية مختلفة لتطوير العمل، في حين أن تطبيق هذا الاقتراح بقانون من شأنه التأثير على تنفيذ هذه السياسات ويتعارض مع الأهداف المرجو تحقيقها في هذا الجانب.

2. ينص البند (و) من المادة رقم (28) من اللائحة التنفيذية الصادرة بالقرار رقم (51) لسنة 2012 وتعديلاتها على أن الموظف يستحق عند انتهاء خدمته بدلاً نقدياً عن رصيد إجازاته السنوية التي لم ينتفع بها بما لا يزيد عن الحد الأقصى المسموح بنقله إلى السنة التالية مضافاً إليه الإجازة المُستحقة عن السنة التي انتهت خدمته خلالها أو بنهايتها محسوباً على أساس آخر راتب تقاضاه.

3. من شأن تطبيق الاقتراح بقانون إضافة أعباء مالية عالية وغير متوقعة على الميزانية المرصودة للجهات الحكومية.

4. سيتَّرتب على الاقتراح بقانون مراجعة وتعديل التشريعات القانونية للإجازة السنوية المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية الصادرة بالقرار رقم (51) لسنة 2012 وتعديلاتها، وكذلك تعليمات الخدمة المدنية المتعلّقة بها، ووضع الضوابط والشروط المناسبة لاستحقاق هذا البدل النقدي، بالإضافة إلى دراسة مدى تأثير تطبيق المقترح في الخدمة المدنية على إنتاجية الموظفين وسير ومصلحة العمل وما يترتَّب عليه من تكاليف إضافية على الجهات الحكومية.

5. نصَّت المادة رقم (26) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2010 على إمكانية تحديد مواعيد عمل خاصة إذا اقتضت ضرورة العمل بقاء الموظف أو عدد من الموظفين على رأس العمل ساعات طويلة استعداداً لأي طارئ، وكذلك المادة (27) من القانون التي نصَّت على جواز تكليف الموظف للقيام بأعمال إضافية بعد ساعات الدوام الرسمي وخلال العطلات بحسب الشروط والضوابط، حيث يمكن من خلال هذه التشريعات اتخاذ الإجراءات والبدائل المناسبة لتنظيم سير العمل الحكومي ولمواجهة احتياجات الجهة الحكومية، وهو ما يساهم في تحقيق أهداف الاقتراح بقانون بانتظام سير المرفق العام.

من جانبها اعتبرت اللجنة في تقريرها أن الحرص على ألاَّ يصبح وجود مثل هذا المقابل النقدي للإجازة السنوية عامل إغراء للموظف يجعله يُحجم عن أخذ إجازاته السنوية بما يُضر بصحته ومصلحة العمل، ويمنع تجديد طاقته، وأشارت إلى أنه ما جاء في مرئيات (جهاز الخدمة المدنية) من أن خروج الموظفين في إجازات سنوية وبخاصة بالمستويات الإشرافية والقيادية في الجهات الحكومية يُتيح الفرصة للموظفين بالمستويات الأدنى للندب على هذه الوظائف، والتدريب على القيام بالمهام الإشرافية لتهيئتهم لإعداد صف ثانٍ لشغل هذه الوظائف في المستقبل بما يتماشى مع سياسات وأنظمة التدريب والإحلال المعمول بها في الخدمة المدنية، في حين أن تطبيق هذا الاقتراح بقانون من شأنه التأثير على تنفيذ هذه السياسات ويتعارض مع الأهداف المرجو تحقيقها في هذا الجانب.

وبينت أن صيغة مقترح القانون التي جعلت أمر منح الموظف بدلاً نقدياً عن إجازته السنوية مسألة جوازية للسلطة المختصة، الأمر الذي قد يجعل الأمر تحكمياً دون معيار ثابت يضمن المساواة بين الموظفين في مختلف الجهات، في حين أن تطبيق فكرة الاقتراح سيتطلَّب توفير مخصصات مالية إضافية لبند مصروفات القوى العاملة بالميزانية العامة للدولة، ما سيترتَّب عليه أعباء مالية إضافية على الميزانية العامة التي تخضع لبرنامج التوازن المالي الذي يهدف بالأساس إلى زيادة الموارد غير النفطية وتخفيض المصروفات المتكررة كما أن الهدف متحقّق في حال انتهاء خدمة الموظف طبقاً للقواعد المعمول بها.