نظّم التحالف للآثار بالتعاون مع هيئة البحرين للثقافة والآثار ووزارة خارجية الولايات المتحدة الأميركية والسفارة الأمريكية في البحرين يوم الخميس الماضي الموافق 28 أكتوبر2021م ندوة عبر الإنترنت بعنوان "تعزيز العلاقات الثنائية من أجل محاربة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية"، بمشاركة معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة الهيئة، السيد ماثيو لوسينهوب القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لمكتب الشؤون التعليمية والثقافية الدكتور ريتشارد كورين كبير الباحثين والسفير فوق العادة لمؤسسة معهد سميثسونيان للتاريخ والفن والثقافة في واشنطن، الدكتور منير بوشناقي المستشار لدى المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي في المنامة والسيدة مارغريت ناردي القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأميركية.

وهدفت هذه الندوة، الثانية من نوعها، إلى مناقشة الدور الهام للثقافة في تعزيز الأمن العالمي والاقتصادات المحلية والدبلوماسية الخارجية، إضافة إلى إلقاء الضوء، من خلال وجهات نظر كبار المسؤولين الحكوميين في كلا البلدين، على التحديات التي تواجه محاربة الجرائم المتعلقة بالممتلكات الثقافية ومشاركة الآراء المختلفة لدى البحرين والولايات المتحدة حول سبل دعم التبادل الثقافي المشترك.

هذا وقدّمت الندوة الافتراضية الدكتورة تيس ديفيس المديرة التنفيذية للتحالف للآثار، فيما أدار النقاش الدكتور ريتشارد كورين.

وفي مستهل حديثها تقدّمت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة بالشكر إلى وزارة خارجية الولايات المتحدة الأميركية والتحالف للآثار على جهودهم لتنظيم الندوة، مؤكدة أنها جاءت في التوقيت الصحيح حيث تواجه آثار ومقتنيات المنطقة تحديات جسيمة. وقالت إن التصدّي لظاهرة التجارة غير المشروعة بالمملكات الثقافية يحتاج إلى تكاتف جهود كافة الأطراف والتعاون مع المؤسسات المحلية والدولية، مشيرة إلى أن البحرين، وفي سبيل حفظ وصون مقتنياتها الأثرية ومواقعها التاريخية، عززت البنية التحتية الثقافية من المتاحف ومراكز الزوار، فمتحف البحرين الوطني افتتح عام 1988م كأول متحف بمعايير عالمية في المنطقة ليحفظ ما تمتلكه البحرين من اكتشافات أثرية تعود إلى حضارات كدلمون وتايلوس والفترة الإسلامية وغيرها. وتطرقت إلى مشروع الاستثمار في الثقافة الذي أطلقته معاليها، وساهم من خلاله القطاع الخاص في تشييد العديد من المتاحف ومراكز الزوار التي تساهم في توعية المجتمع المحلي حول أهمية حفظ الإرث المادي لمملكة البحرين.

ونوّهت معاليها إلى أن البحرين تتعاون مع منظمة اليونيسكو على حفظ الآثار والمواقع في مختلف مناطق الوطن العربي، ولذلك تستضيف منذ عام 2012م المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي، إضافة تسجيلها لثلاثة مواقع على قائمة التراث العالمي وتوقيعها على اتفاقية اليونيسكو لعام 1970م الخاصة بمحاربة الاتجار بالممتلكات الثقافية. وركزت معاليها على الدور الذي يقوم به المركز الإقليمي من تدريب للكوادر البحرينية والعربية العاملة في مجال التراث العالمي، المشاركة في توعية المجتمعات المحلية حول أهمية هذا التراث ومساعدة الدول العربية على تحضير ملفات ترشيح مواقعها لقائمة التراث العالمي. كما وشددت معاليها أن مملكة البحرين لا يوجد على أرضها أي نشاط للاتجار بالممتلكات الثقافية، مبدية استعدادها الدائم للتعاون مع الجهات الأميركية والدولية والمؤسسات المختصة من أجل محاربة تجارة الممتلكات الثقافية. من جانبه قال السيد ماثيو لوسينهوب أن الولايات المتحدة الأميركية تعمل بشكل فعّال من أجل مكافحة التجارة غير القانونية في القطع الأثرية وتعمل على إرجاعها إلى بلدانها الأصلية وقد تمكنت الجهات الأميركية من إعادة ما يقارب من 20 ألف قطعة آثار إلى 45 دولة، مؤكداً أن النجاح في ذلك يتطلب بناء شراكات قوية مع مختلف الدول حول العالم.

وأكد على أهمية العمل مع القطاع الخاص من أجل تعزيز عمل الجهات الرسمية في مكافحة التجارة غير المشروعة في الممتلكات الثقافية ودعم مشاريع التنمية المستدامة. كما وتطرق إلى التحديات الحالية التي تواجه الدول في هذا المجال ومنها جائحة كورونا التي أثرت على قطاع السفر والتنقل، الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي ساهمت في انتعاش هذه التجارة وصعود التجارة الإلكترونية التي سمحت بوجود سوق جديدة لتبادل المملكات الثقافية المنهوبة عبر الانترنت المظلم. أما الدكتور منير بوشناقي فقال إن مملكة البحرين ملتزمة برفع الوعي بخصوص التجارة غير المشروعة بالآثار من خلال تدريب المتعاملين مع القطع الأثرية والفنية وتشجيع حماية الممتلكات الثقافية، منوهاً إلى أهمية التعاون مع المؤسسات التعليمية والثقافية في هذا المجال. من جانبها توجهت السيدة ماغي ناردي بالشكر إلى هيئة البحرين للثقافة والآثار والتحالف للآثار ووزارة الخارجية الأميركية على العمل المشترك من أجل تعزيز محاربة التجارة غير المشروع بالممتلكات الثقافية، مؤكدة على متانة العلاقات ما بين البحرين والولايات المتحدة.

ومن ثم أعلنت السيدة ناردي "وثيقة المنامة للتعاون 2021"، والتي تحدد الأطر للعمل المشترك في المستقبل من أجل محاربة الأنشطة التجارية غير المشروعة في الآثار.

وتتضمن الوثيقة تأكيداً من الولايات المتحدة الأميركية ومملكة البحرين على الدور الهام الذي تقومان به من أجل محاربة التجارة غير الشرعية بالممتلكات الثقافية، مع الاعتراف بأهمية التبادل الثقافي والممارسات التجارية النزيهة. وتنص الوثيقة أيضاً أن تقوم الدولتان بالانتباه للنمو المتزايد لعمليات سرقة وتهرب الآثار وما تشكله من مصدر لتمويل الحركات والعمليات التخريبية، وتؤكدان أنها تشكّل خطراً وتهديداً للتراث الثقافي العالمي والمؤسسات الثقافية. كذلك تنص الوثيقة أنه سيتم العمل والتعاون ما بين البلدين من أجل محاربة التجارة غير المشروعة بالممتلكات الثقافية من خلال: تبادل المعلومات وبناء شبكة علاقات متينة بين الخبراء والمعنيين من كلال البلدين، بناء القدرات والتدريب والمساعدة التقنية المتبادلة، تعزيز الأطر القانونية وتحديث القوانين المتعلقة بالأمر والعمل على زيادة الوعي بخصوص مخاطر هذه التجارة وأهمية محاربتها.