وليد صبري




* قيادة ناجحة لسمو ولي العهد رئيس الوزراء في التعامل مع "كورونا"

* مكتب الأمم المتحدة يعمل في البحرين منذ 43 عاماً لتحقيق الأولويات الوطنية

* إطلاق وتطوير جائزة جديدة للطاقة المتجددة أوائل 2022

* الأمم المتحدة فخورة بازدهار وحدة التحقيق الخاصة وبناء القدرات التقنية بشأن معايير العدالة الجنائية الدولية

* إطلاق "مختبرالابتكار" في الخدمة العامة مع "بيبا" لتعزيز القدرات في الإدارة العامة

* قيادة جامعة البحرين في مجال التنمية المستدامة منصة رائعة وفريدة من نوعها

* تدشين برنامج دكتوراه جديد في جامعة البحرين يرتكز على "أهداف التنمية المستدامة"

* خطوات هامة للبحرين في "الصحة" والبنية التحتية وكفاءة الكادر الطبي والتغطية الشاملة للسكان

* قطاع الأعمال نشط في البحرين ولابد من دور لـ"الصغيرة والمتوسطة" في تعزيز الابتكار

* البحرين قادرة على إعادة تدوير النفايات والاستفادة من "الاقتصاد الأزرق"

* مجالات عمل جديدة بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة والمدن الذكية والتحول الرقمي

* البحرين تزدهر كقائدة في "التنمية المستدامة" بالمنطقة وخارجها

* الطاقة المستدامة مجال واعد في البحرين يجعلها مصدراً عالمياً للطاقة النظيفة

* البحرينيون أكبر مصدر للثروة في المملكة ومكانة كبيرة للتنمية البشرية في البحرين

أكد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في البحرين، ستيفانو بيتيناتو، أن "المملكة خطت خطوات هامة في مجال الصحة، خاصة ما يتعلق بالبنية التحتية للنظام الصحي، وكفاءة الكادر الطبي، والتغطية الشاملة للسكان"، منوهاً إلى أن "ذلك تجلى في الاستجابة الناجحة والتصدي لجائحة كورونا (كوفيد19) من خلال القيادة الناجحة لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وتأسيس الفريق الوطني الطبي".

وأضاف بيتيناتو في حوار خص به "الوطن" مع انتهاء فترة عمله في المملكة أن "البحرين تتمتع بنظام تعليمي متين، ضمن أهداف التنمية المستدامة، لاسيما وأن التعليم متاح لك من يعيش في المملكة".

وقال إن "مكتب الأمم المتحدة الإنمائي يعمل في البحرين منذ 43 عاماً لتحقيق الأولويات الوطنية"، مشيراً إلى أن " "البرنامج الإنمائي يهدف لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين حياة السكان والحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية".

ولفت إلى أن "البرنامج الإنمائي يتعاون مع مختلف الجهات البحرينية في الطاقة المستدامة وتمكين الشباب وتنمية القدرات وتعزيز التنويع الاقتصادي"، مؤكداً أن "الطاقة المستدامة مجال واعد في البحرين يجعلها مصدراً عالمياً للطاقة النظيفة"، متحدثاً عن "إطلاق جائزة جديدة لـ"الطاقة المتجددة" أوائل 2022".

وشدد بيتيناتو على أن "الأمم المتحدة فخورة بازدهار وحدة التحقيق الخاصة وبناء القدرات التقنية والتبادلات بشأن معايير العدالة الجنائية الدولية"، موضحاً أن "هناك برنامج متعدد السنوات لدعم وحدة التحقيقات الخاصة".

وذكر أن "قيادة جامعة البحرين في مجال التنمية المستدامة منصة رائعة وفريدة من نوعها"، منوهاً إلى "تدشين برنامج دكتوراه جديد في الجامعة يرتكز على "أهداف التنمية المستدامة"".

وأشار الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في البحرين إلى أن "البحرين قادرة على إعادة تدوير النفايات والاستفادة من "الاقتصاد الأزرق"، متحدثاً عن "مجالات عمل جديدة بين الأمم المتحدة والمملكة في مجالات ذوي الإعاقة والمدن الذكية والتحول الرقمي".

وشدد على أن "البحرين تزدهر كقائدة في "التنمية المستدامة" بالمنطقة وخارجها"، منوهاً إلى أن "البحرينيين أكبر مصدر للثروة في المملكة ومكانة كبيرة للتنمية البشرية في البحرين". وإلى نص الحوار:

ما هي أبرز مجالات التعاون بين البحرين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي؟

- أنشئ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بناءً على رؤية تهدف إلى مساعدة البلدان على القضاء على الفقر وتحقيق التنمية البشرية المستدامة، وهو نهج للنمو الاقتصادي يشدد على تحسين نوعية حياة جميع السكان مع الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية. ويعمل مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في البحرين منذ عام 1978، ويعمل مع مختلف الشركاء الوطنيين لضمان إحراز تقدم نحو تحقيق الأولويات الوطنية. وبذلك يتعاون برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالاشتراك مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى في البلاد، مع مختلف الجهات البحرينية في مجالات الطاقة المستدامة، وتمكين الشباب، وتنمية القدرات، وتعزيز التنويع الاقتصادي من منظور التنمية المستدامة والبشرية.

لقد ذكرتم الطاقة المستدامة، كيف ساهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في هذا المجال في البحرين؟

- بدأ عملنا في مجال الطاقة المستدامة بمشروع وقعناه في أواخر عام 2014 لإنشاء وحدة الطاقة المستدامة في البحرين، بالشراكة مع مكتب وزير الكهرباء والماء، آنذاك. ويهدف المشروع إلى إيجاد وتعزيز بيئة تمكينية للطاقة الفعالة والمتجددة في البحرين، بما في ذلك سد الفجوات القانونية والمؤسسية والقدراتية، وزيادة الوعي العام بتكنولوجيات الطاقة الفعالة والمتجددة، ودعم تطوير معايير ولوائح الطاقة، بالإضافة إلى تنسيق وتنفيذ الالتزامات الإقليمية والدولية للطاقة الفعالة والمتجددة. وقد تم بلوغ أول الأهداف الموضوعة عام 2016، عندما وافق مجلس الوزراء على الخطط الوطنية للطاقة المتجددة "NREAP"، وكفاءة الطاقة "NEEAP". في عام 2019، أبرز إنشاء "هيئة الطاقة المستدامة" بوضوح التزام مملكة البحرين بالعمل على الطاقة المستدامة، وهو القرار الذي ساندناه من خلال مواصلة تعاوننا في دعم التقييم البيئي الاستراتيجي المُنشأ حديثاً. ويقدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الموارد البشرية والدعم التشغيلي إلى الهيئة، مما يعزز أجندة الطاقة المستدامة في البحرين من خلال هذه الهيئة وذلك بالتنسيق المشترك بين مختلف الوزارات لتنفيذ خطط العمل الوطنية بشأن مصادر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة. وأخيراً، نعمل مع هيئة الطاقة على إيجاد وتطوير جائزة جديدة للطاقة المتجددة سيتم إطلاقها في أوائل عام 2022.

ذكرتم أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يدعم بناء القدرات. ما هو مثال على إحدى تلك المبادرات في البحرين؟

- إن بناء القدرات المحلية هو أحد الأهداف الرئيسية لوجودنا في البحرين، على غرار ما نقوم به في بلدان أخرى حول العالم. ومن الأمثلة على ذلك تعاوننا المتعدد السنوات مع معهد البحرين للإدارة العامة "بيبا"، وهو جهة مكلَّفة بتحسين قدرة وكفاءة العاملين في القطاع العام البحريني. بناء على التعاون السابق، أطلقنا قبل عامين مشروع تأسيس مختبرالابتكار في الخدمة العامة مع المعهد، وهو برنامج طويل لمدة 18 شهراً لتعزيز القدرات الابتكارية في الإدارة العامة في البحرين. وانطلاقاً من الأولويات الاستراتيجية للحكومة، كانت حداثة هذا البرنامج تتمثل في إيجاد حلول أفضل وأكثر فعالية للتحديات المشتركة من خلال العلم السلوكي والابتكار، وتحسين تقديم الخدمات العامة. وتم تدريب 26 من "موظفي الابتكار" الحكوميين، الذين عرضوا حلولا لبعض التحديات. ونتطلع إلى أن تؤتي المشاريع النموذجية ثمارها داخل الجهات الحكومية المعنية. ومن الأمثلة الأخرى على ذلك برنامجنا متعدد السنوات لدعم وحدة التحقيقات الخاصة، وهي هيئة رئيسية زاد وزنها منذ إنشائها في عام 2012، للتحقيق مع أولئك الذين ارتكبوا أعمالاً غير قانونية أو تتصف بالإهمال ومحاكمتهم. ونحن فخورون برؤية ازدهار وحدة التحقيق الخاصة، والمساهمة من خلال بناء القدرات التقنية والتبادلات بشأن معايير العدالة الجنائية الدولية. وبشكل عام، ونظراً للمكانة العالية جداً للتنمية البشرية في البحرين، أود أن أقول إن جميع مشاريعنا في البحرين تتضمن ضمن أهدافها عنصر تنمية القدرات.

قمتم بدعم تعميم أهداف التنمية المستدامة بمملكة البحرين في مختلف المؤسسات، بما في ذلك جامعة البحرين. هل يمكنك إعطاؤنا بعض التفاصيل عن ذلك؟

- تُعرَّف أهداف التنمية المستدامة أحياناً بأنها "أهداف الأمم المتحدة"، وأنا لا أوافق على هذا التعريف، فهي ملكٌ لنا جميعاً، لجميع البلدان، وجميع المجتمعات المحلية، الشمال والجنوب حول الكوكب. وينبغي لنا جميعاً أن نملكها وأن نلتزم بإنجازها: المؤسسات العامة، ومجتمع الأعمال التجارية، والمنظمات غير الحكومية، والأوساط الأكاديمية، والأفراد. وكثيراً ما يتم الاتصال بنا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتقديم المشورة بشأن كيفية تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتتمثل استجابتنا في النصح بأن يتم البدء من داخل المؤسسات، وفي أن تدمج هذه المؤسسات المبادئ الرئيسة الكامنة وراء التنمية المستدامة، مثل الإنصاف والشفافية والشمول والاستدامة. كما تدعو أجندة التنمية إلى تضمين الجوانب "الاقتصادية والاجتماعية والحوكمة" للشركات على تجاوز المسؤولية الاجتماعية للأعمال الخيرية أو الشركات، بل على جعل الاستدامة جزءاً من نموذج أعمالها، من الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى الشركات الكبيرة.

وتعتبر جامعة البحرين واحدة من أقرب شركائنا هنا في البحرين، وقد اتفقنا على دعم العمل على أهداف التنمية المستدامة داخل الجامعة. وإذا ما فكرت في تجارب من أجزاء أخرى من العالم، يمكنني القول إن القيادة التي أظهرتها الجامعة في مجال التنمية المستدامة فريدة من نوعها تماماً. فمنذ أن بدأنا العمل مع الجامعة، قمنا بإجراء سلسلة من الندوات عبر الإنترنت حول أهداف التنمية المستدامة وأثر جائحة كورونا (كوفيد19)، مع تسليط الضوء على جوانب البيئة والتعليم وغيرها من المجالات - وأعتقد بأن الجامعة هي منصة رائعة ومناسبة لمثل هذه المناقشات. كما قمنا بالتعاون مع الجامعة بتصميم وتدشين برنامج جديد على مستوى الدكتوراه يرتكز على "أهداف التنمية المستدامة"، ونأمل في تصميم دورات أوسع لتغطية هذه الأهداف على عدة مستويات، ومن ضمنها دورات للمبتدئين. وتشمل الأنشطة الجارية الأخرى استراتيجية جديدة لأهداف التنمية المستدامة، ومختبر للابتكار، ومركز أهداف التنمية المستدامة الذي سيتم إنشاؤه داخل الجامعة، مما يرفع من مكانة الجامعة الدولية في تعميم هذه الأهداف وتعزيزها. ونحن نتطلع إلى مواصلة هذا العمل، يسرنا أن نرى اهتماماً كبيراً بأهداف التنمية المستدامة من الجامعات الأخرى في المملكة، بما في ذلك الجامعة الأمريكية والجامعة البريطانية. أما الهدف النهائي الذي نسعى له فهو أن يصبح الشباب والشابات فاعلين في التغيير نحو البحرين المستدامة، كقادة مستقبليين في مجالهم، في مجتمعاتهم المحلية، على الصعيدين الوطني والدولي.

إذا نظرنا إلى الأمم المتحدة ككل، كيف تنسقون عملكم مع الشركاء البحرينيين في الترويج لأجندة التنمية المستدامة لعام 2030، وأهداف التنمية المستدامة في المملكة؟

- إننا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وفي إطار الأمم المتحدة ككل، نعمل على التعاون مع الجهات الوطنية، بدءاً من نظرائنا الحكوميين الذين نعمل معهم بشكل وثيق وعلى أصعدة مختلفة. ويتمحور عملنا حول خطة عمل الحكومة، التي تغطي حالياً الفترة من 2019-2022، وبناء على ذلك، فإن إطار التعاون الاستراتيجي الموقع مؤخراً يشكل خريطة للتعاون المتفق عليه بين الأمم المتحدة والحكومة. إن العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة هو من صميم عمل منظومة الأمم المتحدة بأكملها في البحرين، وبالتأكيد فإن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هو جزء من هذا العمل. ويعتبر إطار التعاون المشار إليه آنفاً المنصة التي ننسق من خلالها نحن ووكالات الأمم المتحدة المختلفة عملنا ونحن ننفذ الخطط المشتركة. من أجل فهم أفضل لكيفية عمل الأمم المتحدة في البحرين، أشجعكم على الدخول إلى صفحة "الأمم المتحدة في البحرين"، ومتابعتنا في جميع منصات التواصل الاجتماعي.

ما هي أبرز إنجازات البحرين في مجال التنمية المستدامة برأيك؟ وما هي التحديات الرئيسة؟

- سأحاول الإجابة من منظور أهداف التنمية المستدامة، فمن المعروف جيداً أن البحرين قد خطت خطوات هامة في مجال الصحة "الهدف الثالث"، وخاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية للنظام الصحي، وكفاءة الكادر الطبي، والتغطية الشاملة للسكان. وقد تجلى ذلك في الاستجابة الناجحة لجائحة كورونا، وتنظيم الفريق الوطني الطبي، والقيادة الناجحة لسمو ولي العهد رئيس الوزراء. وتتمتع البحرين بنظام تعليمي متين "الهدف الرابع"، فالتعليم متاح للمواطنين وكذلك للمقيمين الآخرين الذين يعيشون في البحرين. ونحن نتطلع إلى رؤية استجابة مدارس البحرين بشكل أكبر لمتطلبات سوق العمل الوطني والدولي اليوم وغداً، لأن ذلك سيكون المفتاح لدفع البحرين إلى أبعد من ذلك كطرف فاعل في الاقتصاد العالمي في المستقبل. وفيما يتعلق بالقطاع الخاص وفرص العمل "الهدف الثامن"، فإن البحرين لديها قطاع أعمال نشِط، يجب أن تؤدي فيه الشركات الصغيرة والمتوسطة دوراً ملحوظاً في تعزيز الابتكار، لا سيما نحو الخدمات التي تتمتع بالقدرة التنافسية الدولية، وكذلك في خلق فرص عمل جديدة. أما المجال الآخر الذي أود أن أذكره، وأرى بأنه مجال واعد بشكل خاص في البحرين فهو الطاقة المستدامة "الهدف السابع"، حيث شهدنا خطوات كبيرة في إدخال التشريعات والبنية التحتية التي تمكن من التحول التدريجي نحو مصادر الطاقة المتجددة في البلاد، على أمل أن نرى في المستقبل القريب استخداماً واسع النطاق للطاقة الشمسية وكذلك مزارع الرياح الساحلية والبحرية، مما قد يجعل البحرين مصدراً عالمياً للطاقة النظيفة.

وكأي بلد آخر في العالم، هناك أيضاً مجالات يمكن تحسينها في رأيي، وأحب أن أشير هنا إلى الحفاظ على الحياة البحرية وتنوعها البيولوجي "الهدف الرابع عشر". البحر – ومنه أخذت البحرين تسميتها – يجب الحفاظ على الثروات والحياة الفطرية المتعلقة به بشكل متزايد، ومساعدة الفئات التي تعتمد عليه في كسب العيش، وإقامة توازن أكثر استدامة، وتحويله إلى مصدر للنمو في البحرين، وذلك بالاستفادة الكاملة بما نسميه "الاقتصاد الأزرق". وبالمثل، فإن البحرين، كونها دولة جزرية صغيرة – وقد عملت أنا شخصياً في دول أخرى مماثلة – تواجه تحدياً من حيث إدارة النفايات "الهدف الثاني عشر"، ويمكن أن تستفيد الجهود الحالية لإعادة تدوير وتصنيف النفايات من زيادة التنسيق والحملات العامة والتشريعات الخاصة بالقطاعات، مما يجعل القضية في صدارة جدول الأعمال الوطني.

لقد ذكرت جائحة كورونا (كوفيد19)، فكيف تقيم طريقة تعامل البحرين مع هذه الأزمة؟

- هذا موضوع تمت تغطيته كثيراً، لاسيما من قبل زملائنا في منظمة الصحة العالمية. وبشكل عام، تعاملت البحرين بشكل جيد للغاية مع أزمة جائحة كورونا. ولكن التقييم الإيجابي، في رأيي، ينبغي أن يتجاوز استراتيجية التصدي للوباء لعام 2020، التي كانت جديرة بالثناء. هنا ينبغي أن نركز على التأهب "للظروف الموجودة من قبل"، أي قبل انتشار الوباء. فعلى مدى السنوات العشرين الماضية أو نحو ذلك، استثمرت البحرين الكثير على صحتها: البنية التحتية ورأس المال البشري "مثل الكوادر الصحية من الأطباء والممرضين والعاملين في المجال الصحي والإداري واللوجستي"، وإلى حد ما، تعزيز ثقافة أوسع للصحة في البلاد.

وقد خدمت هذه الاستثمارات المبكرة مملكة البحرين على أن تكون أكثر استعداداً بمجرد بدء الجائحة في أوائل عام 2020. وبعد تفشي المرض مباشرة، سارعت الحكومة إلى إنشاء الفريق الوطني الطبي، حيث قامت بنشر الآلاف من المتطوعين الصحيين، وأنشأت مرافق العزل والتعقب والاختبار، واحتواء العواقب المترتبة على السفر، وفرضت استخدام الأقنعة، وإعطاء المعلومات اليومية عن الفيروس، وبدأت في عام 2021 حملة تطعيم شاملة. وكانت هذه الإجراءات، التي تستند إلى حد كبير إلى البحث العلمي والأدلة التجريبية، محورية للوصول إلى الوضع الحالي للعدوى المحدودة جداً. وبالإضافة إلى ذلك، أنشأت السلطات البحرينية آليات للحد من الأثر الاجتماعي والاقتصادي للوباء بين السكان، بما في ذلك برامج إسناد القطاعات الهشة. وفي هذا الشأن، اشترك البرنامج الإنمائي مع مركز "دراسات" في تحليل عدة مجالات من الآثار الاجتماعية والاقتصادية للوباء على الشباب والنساء والأعمال التجارية والبيئة والصحة العقلية، من بين مجالات أخرى، على أمل أن تضيف تلك الدراسات معارف وأفكاراً مفيدة للعمل في المستقبل.

كيف ترى قدرة البحرين على التعافي الكامل من أزمة جائحة كورونا (كوفيد19)؟

- أولاً، من الصعب تحديد متى "سيتعافى البلد تماماً" من الوباء: فلا يوجد اليوم شخص يستطيع أن يقول إن هذا البلد أو ذاك قد تعافى تماماً من هذا الوباء. وفي هذا الوقت، ربما يكون من الأفضل لنا أن نتذكر بأن الوباء لم ينتهِ بعد، وأن الطريق ما زال طويلاً. وفي حين أن البحرين لديها عدد قليل من الحالات في هذا الوقت بالتحديد، إلا أن العديد من البلدان على مستوى العالم لا تزال في خضم الجائحة، مع آلاف الوفيات وعشرات الآلاف من الحالات اليومية الجديدة، والعديد من الحالات التي لم يتم حتى حصرها. أحد الآثار المترتبة على ذلك هو أن سلالات جديدة تظهر في مكان آخر من العالم قد تصل إلينا، مما يعني أننا في البحرين يجب أن نبقى حذرين. والأمل مع ذلك هو أن يتم تعزيز الجهود والوعي المستمرين. أضف لذلك، والعالم لا يزال يعيش في "وضع الأزمة"، أن البحرين بلد منفتح، والوضع يعتمد إلى حد كبير على الاتجاهات التي تحدث في بقية العالم. وبالتالي، فإن الخطر القائم الذي يتعين إدارته ليس فقط من المرضى المصابين القادمين، ولكن أيضاً من عدم الاستقرار في الأسواق الدولية، وتقلب أسعار السلع الأساسية، ونقص الإمدادات التي يعتمد عليها الاقتصاد والمجتمع البحريني "مما يثير مخاوف تتعلق بالأمن الغذائي". وأعتقد أن السلطات تقوم بتحليل جميع هذه العوامل حتى يتسنى اتخاذ إجراءات وقائية في الطريق نحو الانتعاش والتأهب لما يمكن أن يحدث في المستقبل.

أين ترى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المستقبل، سيما ما يتعلق بمجالات العمل التي لديها أكبر إمكانات لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في البحرين؟

- سيعتمد توجه عمل البرنامج الإنمائي في البحرين في المستقبل على عدد من العوامل. أولاً، ضرورة أن تكون أعمالنا ذات صلة وفائدة في البحرين، التي ستحتاج إلى الاستمرارية واستكشاف مجالات عمل جديدة. ثانياً، الحاجة إلى توطيد الشراكات القوية القائمة بالفعل مع الجهات الفاعلة الرئيسية في البلد مع بناء شراكات جديدة. ثالثاً، وهذا أمر أساسي، بيئة داعمة توفرها حكومة البحرين، لدعم وجودنا والاستفادة من برامج عملنا التنموية. وقد أكد التوجه العالمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عبر خطته الاستراتيجية الجديدة أن مجالات عمله الرئيسية ستشتمل على مجالات عمل كالتصدي للفقر وعدم المساواة، والبيئة، والطاقة، والمساواة بين الجنسين. وفي البحرين، نأمل أن نواصل متابعة وتعزيز عملنا الراسخ في مجال الطاقة المستدامة، وتعميم أهداف التنمية المستدامة، وسيادة القانون، وتمكين الشباب، بينما نشرع في مجالات عمل جديدة بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة، والمدن الذكية والتحول الرقمي، والمساواة بين الجنسين، بالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة العاملة في البلاد.

هل لديكم ما تقولونه في نهاية لقائنا بكم، حول تجربتكم في البحرين؟

- بعد ما يقارب من 5 سنوات من العمل في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المملكة، ومع اقترابي من نهاية فترة عملي، أستطيع أن أرى بوضوح أن أكبر مصدر للثروة في البحرين هو سكانها. لقد غمروني باللطف والكرم والانفتاح، وما وجدته من فخر لدى كل شخص قابلته هنا خلال هذه السنوات. وبمعرفتنا بأن رأس المال البشري الجيد هو من أندر الموارد لبناء البلدان، يجعل من وفرته في البحرين مصدراً كبيراً للأمل. وأتطلع إلى أن أتابع من بعيد كيف ستزدهر البحرين وتبرز كقائدة في مجال التنمية المستدامة في المنطقة وخارجها.