ترتبط مملكة البحرين بعلاقات أخوية تاريخية وثيقة ومتميزة مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، تستمد مقومات قوتها وازدهارها من الروابط الودية بين قيادتي وشعبي البلدين، وما يجمعهما من أواصر الدم والنسب والمصاهرة ووشائج القربى، ووحدة الدين واللغة والهدف والمصير، وفق رؤى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وأخيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظهما الله.

وجاءت الزيارة الرسمية لصاحب السمو الملكي الأميـر سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى أبوظبي والتقائه أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة ، يرافقه عدد من أصحاب المعالي والسعادة الوزراء وكبار المسؤولين، لتعكس حرص البلدين الشقيقين على توطيد أواصر هذه العلاقات الأخوية التاريخية وتنميتها في المجالات كافة، كأنموذج يحتذى به في الأخوة الخليجية والعربية وحسن الجوار، والشراكة الوطيدة في ترسيخ الأمن والسلام الإقليمي والعالمي.

وتعد العلاقات البحرينية الإماراتية ذات خصوصية فريدة في إطار علاقات المحبة والأخوة بين قيادتي وشعبي البلدين الشقيقين التي أرسى قواعدها الآباء والأجداد على أسس من التحالف والود والاحترام المتبادل، وتعزيزها بإقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 1971، وما تشهده من تقدم ونماء على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والإعلامية والثقافية والبرلمانية.

وبلغت هذه العلاقات الأخوية أرقى مستويات الشراكة منذ تولي صاحب الجلالة الملك المفدى مقاليد الحكم، واكتسبت دفعة إيجابية بإنشاء اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين البلدين في أبريل 2000 وانعقاد دورتها التاسعة في مارس 2021 برئاسة وزيري خارجية البلدين، وحرص البلدين على تبادل الزيارات الرسمية على أعلى المستويات، كان آخرها زيارة جلالة الملك المفدى إلى أبوظبي في أكتوبر الماضي، ومباحثات جلالته المثمرة مع أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الامارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات.

وترتبط البحرين والإمارات بالعديد من اتفاقيات التعاون الدبلوماسي والقنصلي والتربوي والتعليمي، وفي الخدمات الجوية والنقل الدولي للركاب والبضائع، والمشاركة في تطوير حقل البحرين، وإنشاء مجلس رجال الأعمال المشترك بين غرفتي تجارة وصناعة البلدين، ومذكرات للتفاهم في مجالات: المشاورات السياسية، الأكاديمية الدبلوماسية، السياحة، الإعلام، الثقافة، التربية والتعليم، التعليم العالي، التخطيط الحضري، الكهرباء والماء، العمل، التنمية الاجتماعية، التأمينات الاجتماعية، حماية المستهلك، البيئة، والمصارف وأسواق الأوراق المالية، وبين معهد البحرين للتنمية السياسية ومؤسسة وطني الإمارات، وفي المجال البرلماني، والشراكة الفاعلة بين المجلس الأعلى للمرأة والاتحاد النسائي العام بدولة الإمارات ومؤسسة دبي للمرأة، وغيرها من الاتفاقيات الموقعة في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

وتنتهج البلدان سياسة خارجية حكيمة ومتزنة تنشد أمن واستقرار المنطقة وتحقيق المصالح المشتركة، في سياق اعتزاز المملكة بالمواقف الأخوية الإماراتية الثابتة إلى جانب أمنها واستقرارها، ودعمها الدائم لسيادة الإمارات على جزرها الثلاث ومياهها الإقليمية، وتبنيهما مواقف موحدة في مواجهة التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية العربية ورفض أي حملات مغرضة تحاول المس بمكانتهما الرائدة إقليميًا وعالميًا في مجالات الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وتمتعهما بثقل سياسي ودور محوري في مساندة القضايا العربية والإسلامية، ومحاربة التطرف والإرهاب، وحل النزاعات الإقليمية والدولية بالطرق الدبلوماسية، وتوقيعهما في سبتمبر 2020 على الاتفاق الإبراهيمي وإقامة علاقات دبلوماسية مع دولة إسرائيل، ومبادراتهما بتحفيز الاحتفاء باليوم العالمي للضمير والأخوة الإنسانية، ودعم العمل الإنساني والإغاثي، في ضوء إيمانهما الراسخ بأن التسامح والتعايش بين الأديان والثقافات والحضارات ركائز أساسية لدعم الاستقرار والسلام والتنمية المستدامة في المنطقة والعالم، وغيرها من الإسهامات التي توجت بانتخابهما لعضوية مجلس حقوق الإنسان، وانتخاب الإمارات عضوًا غير دائم في مجلس الأمن الدولي.

ودائمًا ما تفخر البحرين بالمسيرة الإماراتية الاتحادية المباركة التي أرسى قواعدها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، وما تحققه من إنجازات ونهضة تنموية تجاوز صداها المحيط الإقليمي إلى العالمية، وفقًا لما أشاد به صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والتي توجت بإطلاق (مسبار الأمل) كأول مهمة عربية وإسلامية لاستكشاف كوكب المريخ، وتشغيل محطة (براكة) للطاقة النووية السلمية، وتنظيم معرض "إكسبو 2020 دبي"، في حدث عالمي يبرز دورها المحوري في تسخير العلوم والتكنولوجيا لخدمة البشرية.

وتعد الإمارات ثاني أكبر شريك اقتصادي عربي لمملكة البحرين، بعد المملكة العربية السعودية الشقيقة، في ظل ارتفاع حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين من 198 مليون دولار أمريكي عام 2000 إلى 1.9 مليار دولار عام 2020، بحسب إحصاءات هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية. وبلغ التعاون الاستثماري والمالي مستويات متقدمة في ظل ارتفاع قيمة رأس المال البحريني في شركات المساهمة العامة بالإمارات إلى 1.66 مليار دولار عام 2019 بعدد 16 ألف مستثمر، في مقابل 7312 مستثمرًا إماراتيًا في البحرين، وهناك بنك بحريني عامل في الإمارات مقابل ثلاثة بنوك إماراتية في البحرين، إلى جانب 3773 رخصة بحرينية لمزاولة أنشطة اقتصادية داخل الإمارات في مقابل 1704 رخصة إماراتية بالبحرين، وارتفاع عدد مالكي العقارات إلى 13,790 بحرينيا في الإمارات في مقابل 2891 إماراتيًا بالبحرين وفقًا لوزارة المالية الإماراتية.

هذا، وتثمن مملكة البحرين المواقف الإماراتية المشرفة في دعم مسيرتها الاقتصادية، من خلال مساهمة صندوق أبوظبي للتنمية وحكومة أبوظبي في تنفيذ 26 مشروعًا تنمويًا واستثماريًا في مملكة البحرين منذ عام 1974، عبر تقديم قروض ميسرة ومنح واستثمارات مباشرة بقيمة تجاوزت 10.6 مليارات درهم (2.9 مليار دولار)، تمثل المنح نسبة 90% منها، ومن أبرزها: تدشين مدينة الشيخ زايد الإسكانية (المرحلة الثانية ببناء 200 وحدة)، والوحدات السكنية بالمدينة الشمالية، ومحطات كهرباء وماء في سترة والرفاع ومعالجة مياه الصرف الصحي، ومشروعات زراعية، ومشروع الوحدات الصناعية الصغيرة، ودعم الخدمات الاجتماعية والصحية بإنشاء مركز القلب ومعهد خليفة بن زايد، وفي قطاع النقل والمواصلات عبر تمويل شراء خمس طائرات بوينج، وردم الميناء الجديد والمنطقة الصناعية في الحد، وطريق الشيخ زايد، ومشروع توسعة مطار البحرين الدولي، إلى جانب المساهمة في دعم برنامج التوازن المالي، وغيرها من المشروعات.

وهناك آفاق أرحب للتعاون الاستثماري وتبادل الخبرات في مجالات الطاقة المتجددة، واستكشاف الفضاء وعلوم المستقبل بالتنسيق بين الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء ووكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء، وتعزيز الريادة العربية لكلا البلدين في مجالات الحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية والأمن السيبراني وأنظمة الاتصالات والذكاء الاصطناعي، لاسيما مع اختيار البحرين مركزًا لتأسيس مركز بيانات إقليمي لتعزيز التحول الرقمي في المنطقة العربية، ومواصلة التعاون المثمر والمشرف في المجال الصحي وتجاوز تداعيات جائحة فيروس كورونا، وإنجاز أعلى معدلات التعافي وتقديم التطعيمات المجانية للمواطنين والمقيمين، والتوجه نحو استعادة الحياة الطبيعية.

وتولي الدولتان اهتمامًا كبيرًا بتفعيل التعاون البرلماني المشترك، ما تجسد في زيارة معالي السيد صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات الشقيقة إلى المنامة في أكتوبر 2021، بدعوة رسمية من معالي السيدة فوزية بنت عبدالله زينل رئيسة مجلس النواب، ووضع آليات لتعزيز التعاون المثمر بين السلطتين التشريعيتين في البلدين، هذا إلى جانب اهتمام البلدين الشقيقين بتشجيع الإنتاج الإعلامي والفني والبرامجي المشترك، والتنسيق الإعلامي في المحافل الإقليمية والدولية، ما برز في ملتقى الإعلام الإماراتي البحريني الذي نظمه نادي دبي للصحافة بالتعاون مع جمعية الصحفيين البحرينية، عبر تقنية الاتصال المرئي بتاريخ 21/10/2021، بمشاركة سعادة السيد علي بن محمد الرميحي وزير الإعلام، ورموز الصحافة والإعلام والمسؤولين ورؤساء التحرير والمواهب الشابة الواعدة في صناعة الإعلام والاتصال في البلدين.

وتحرص البحرين والإمارات على تفعيل التكامل الخليجي، وتعزيز المنجزات المحققة على مدى أكثر من أربعة عقود في إطار المنظومة الخليجية، من خلال استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية، بعد نجاحاتها في إقرار الاتفاقية الاقتصادية الموحدة، وإقامة منطقة ‏التجارة الحرة عام 1983، وإعلان الاتحاد الجمركي عام 2003، والسوق الخليجية المشتركة عام ‏‏2008، ومتابعة تنفيذ مشروعات الربط البري ‏والكهربائي والسكك الحديدية، والتكامل المالي، وتعزيز المنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة، والتعاون الإعلامي بين وكالات الأنباء، ودعم أنشطة جهاز إذاعة وتليفزيون الخليج، ومؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك، وغيرها من الإنجازات التكاملية في المجالات الثقافية والعلمية والبيئية.

إن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى دولة الإمارات الشقيقة، وما حققته من نتائج مثمرة، تمثل إضافة جديدة إلى صرح العلاقات الأخوية الوطيدة بين البلدين الشقيقين، في ظل توقيع المزيد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية للتعاون في مجالات التعليم العالي والعمل والموارد البشرية والصحة والتجارة والاستثمار والصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وأسواق الأوراق المالية والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني والنقل والمواصلات والخدمات اللوجستية وتغير المناخ، وغيرها من أوجه التنسيق والتعاون بما يحقق المصالح المشتركة لكلا البلدين الشقيقين، ويدعم جهودهما الرائدة والمؤثرة إقليميًا ودوليًا في تعزيز الأمن والاستقرار والتسامح والأخوة الإنسانية، وتدعيم التنمية المستدامة.