شارك في افتتاح فعاليات منتدى "مؤتمر حوار المنامة 2021"..

أيمن شكل


أكد وزير الدفاع الإندونيسي رابوو سوبيانتو أن شعبه ينظر باحترام كبير تجاه العالم العربي والشرق الأوسط الذي يعتبر مهداً لإيمان الشعب المقدس، مشيراً إلى أن إندونيسيا هي أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة في العالم.

وأعرب عن سعادته بأول زيارة له لمملكة البحرين للمشاركة في فعاليات المنتدى السابع عشر لـ "مؤتمر حوار المنامة 2021"، مشدداً على أن بلده على علاقة وثيقة مع قادة منطقة الشرق الأوسط وتقدر مشورتهم في قضايا المنطقة.

وقال: "نحن ندرك مصالح أمريكا باعتبارها قوة عظمى تمتد عبر نصفي الكرة الأرضية، لكننا أيضاً التزمنا بسياسة الصين الواحدة وندعم ونحترم مكانة بكين كقوة عظمى كانت لآلاف السنين من الحضارات التي قادت العالم ومن الطبيعي أن تتخذ مكانتها الصحيحة في العالم، ولذلك نحن نسعى للتفاهم والتعاون بين الدولتين".

وأوضح سوبيانتو أن الاعتراف بهاتين الحقيقتين لا يعني أن المحصلة صفر، ولكن تسعى إندونيسيا للتفاهم والتعاون مع كلا القوتين لتحقيق الاستقرار للإقليم خاصة بشأن الوصول للممرات البحرية والجوية دون أي عوائق، وقال: "مازلنا ملتزمين بمقاربة متعددة الأطراف من خلال "الآسيان" تشمل مجال الدفاع وقد اتخذت خطوات في هذا الصدد من حيث التدريبات البحرية متعددة الأطراف، وإطلاق برنامج لتبادل المعلومات الاستخباراتية، ولدينا دوريات بحرية مشتركة ونعد حالياً لدوريات مع باقي الأطراف".

وأشار إلى أن عدداً كبيراً من المتشددين الإندونيسيين تأثروا بشكل كبير وتلقوا التمويل والتدريب من جماعات ذات تفكير مماثل من الشرق الأوسط، مؤكدا على أن العلاقة بين القاعدة والجماعة الإسلامية تعد مثالاً على ذلك، ويتم مراقبة هذه العلاقات عن كثب، وتحافظ إندونيسيا في الوقت ذاته على علاقات مع الشرق الأوسط في مكافحة الإرهاب، لأن التأثيرات التي تحدث هناك قد تؤثر على إندونيسيا.

وقال إن الازدهار والسلام في الشرق الأوسط محل ترحيب في أندونيسيا، ولدينا مثل يقول "إذا عطس الشرق الأوسط فإندونيسيا تصاب ببرد"، ونوه بمتابعة القيادة الإندونيسية لكافة التفاعلات السياسية والتوترات والعنف في منطقة الشرق الأوسط عن كثب، وقال: "إن شعبنا يرغب في أن يرى الشمس مشرقة بمنطقة الشرق الأوسط وأن ينهض مرة أخرى، مشددا على دعم إندونيسا للقضية الفلسطينية، ووصفها بأنها تمثل مصدر قلق لإندونيسيا والشعب الإندونيسي، ونحن ندعم الحل السلمي الذي يقوم على حل الدولتين وراغبون لبذل قصارى جهودنا للوصول إلى حل نهائي.

وأشار وزير الدفاع الإندونيسي إلى أن دولته تتميز بموقعها بين قارتين ومحيطين عظيمين، وتعتبر من أهم ممرات التجارة العالمية، ولديها ثقافات وعقائد وديانات متنوعة كانت تمارس قبل عدة قرون وقبل ظهور الديانات الكبرى، وهو ما جعل الشعب الإندونيسي منفتحاً بطبيعته على العلاقات الخارجية ومرحباً بالضيوف ويعيش بسلام مع كافة الأطراف، ووصف موقف الدولة بالدفاعي وبأنها الدولة التي لا تملك طموحات إقليمية تخرج عن حدود أرضها ولا تحتاج لإظهار نفوذ خارج حدودها، وقال إن هذا الأمر ينعكس على تطوير قواتنا الدفاعية واستراتيجيتنا التي اعتمدت مفهوم الدفاع الشعبي الشامل.

وأوضح أن ملوك وسلاطين وأمراء إندونيسيا قد اعتمدوا منذ قرون طويلة استراتيجية الدفاع الشعبي الشامل، مرجعاً السبب إلى أن أرخبيل إندونيسيا يشتمل على الكثير من الإمارات الصغيرة ولم تكن جيوش السلاطين كبيرة وتعتمد على تعبئة السكان، وعندما لا تكون هناك طوارئ يعود الجنود لقراهم ومهنهم، وقال إن هذه الاستراتيجية مكنت الدولة من الحصول على استقلالها ومحاربة الغزاة بطرق كثيرة، وصنعت من تجربتها مفهوماً بأنه بدون الدعم الشعبي فلا يمكن لأي غاز أن يبقى في الأرخبيل، وقال: "هذه سياستنا الدفاعية ولذلك ننظم جيشنا على أساس إقليمي".

وأضاف سوبيانتو: "نؤمن بقوتنا التاريخية دون الاعتماد على حماة خارجيين ويجب أن نؤمن بقوتنا الخاصة وتجربتنا الجماعية كأمة وثقافة وهذا يعني أننا بحاجة للحفاظ على أفضل العلاقات مع كل الدول".

وأكد أن الأولويات الإندونيسية قد تتقاطع مع الأطراف في المنطقة ولذلك اتخذت إندونيسيا مسافة واحدة من الجميع، على الرغم من صعوبة إنجاز ذلك في دينامية بعض النزاعات والنفوذ والسيطرة ولذلك كان من الأفضل التحلي بالواقعية وقال: "الرغبة لعدم الانحياز قد تكون صعبة وقد شهدت اندونيسيا الصراع العالمي والحرب الباردة والرأسمالية والتطرف الديني والتمحور الإثني وواجهنا مشاكل مع جيراننا، وكان هناك تنافس على أساس الإيديولوجيا، فيما كانت دول مجاورة أقرب للغرب وأخرى أقرب للسلطات الشيوعية، وهو ما خلق مشاكل لكن استطعنا الوصول إلى حلول متعددة الأطراف وشكلنا مع 4 دول مجاورة رابطة أمم جنوب شرق آسيا وتمكنا من تخطي المشكلات والنزاعات الإقليمية وتوصلنا إلى حلول مع ماليزيا وأبقينا على أواصر الصداقة مع استراليا ونتحلى مع الفلبين بأفضل العلاقات على الرغم من أن الفلبين شهدت ثورة وتمرداً كبيراً في الجنوب ولديها العديد من الإثنيات بالمنطقة الجنوبية، ولذلك اعتمدنا على ثقافة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ونجحنا في تجربتنا".

وألمح إلى المشكلة التي تعيشها منطقة المحيطين الهندي والهادي التي تعتبر مصدر قلق وأرق لقادة المنطقة خاصة الوضع في بحر جنوب الصين والشرارة التي يمكن أن تشتعل حول الوضع في تايوان، وقال: "لذلك سنعود للديناميات الإقليمية ومضطرون لمواجهة واقع الاضطرابات التي قد تحدث في أي وقت خاصة بعد أن أصبح العالم أكثر قرباً وأي مشكلة تؤثر على واقع مناطق أخرى منه".

وأشار وزير الدفاع الإندونيسي إلى حدوث إعادة للتحالفات والاصطفاف في المنطقة مؤخرا، مشددا على دعم إندونيسيا لأي بلد وحقها في الدفاع عن حقوقها السيادية واحترام قراراتها السيادية.

وأكد أن إندونيسيا شهدت على مدى 40 عاماً استقراراً وسلاماً في شرق آسيا لأن الديمقراطية تسير بشكل جيد ولأن الجيش الإندونيسي قد انسحب من الحياة السياسية بشكل طوعي منذ 22 عاماً، ويعد من الجيوش القليلة التي انسحبت من الحياة السياسية، وقال: "كنت من بين القادة العسكريين القلائل الذين دعموا الانسحاب لأن إندونيسيا تمتد على أراض شاسعة ولدينا المساحة الإقليمية التي تضاهي غرب أوروبا من لندن إلى موسكو ولدينا 3 مناطق زمنية والعديد من الإثنيات و لدينا 300 – 400 لغة محلية، وعندها أدرك الجيش عدم قدرته على التحكم في هذه المساحة وانسحبنا من المشاركة السياسية ويؤدي المجتمع المدني في إندونيسيا دورا قويا في الحياة السياسية".

ولفت إلى أن المجتمع المدني في إندونيسيا لا يفضل أن يكون الجيش قويا أو أن يتم الإنفاق على الدفاع أكثر من التنمية الاقتصادية، وقال: نحاول إقناع المجتمع المدني بأنه لا يمكن تحقيق السلام إلا من خلال جيش قوي ولو تخلينا عن وجود دفاع قوي فالتاريخ يعلمنا أن النوايا الحسنة لا تضمن الأمن وأن الأقوياء هم إجمالا من ينجحون، ولابد للمرء أن يكون قويا ليحمي حقوقه المشروعة.

وأكد وزير الدفاع الإندونيسي أن تحديات وتهديدات كبيرة تحيط بالعالم أجمع لا سيما التهديدات الصحية والمناخية، منوهاً لجائحة كورونا وما يمكن أن يظهر بعدها من المجهول، وقال إن إندونيسيا تخطط للدفاع عن شعبها ببناء 40 مستشفى جديد العام المقبل وستطور المستشفيات العسكرية التي تبلغ 110 لدعم المواطنين المدنيين.

واختتم قائلاً: "سيقوم الأقوياء بما عليهم القيام به والضعفاء هم من سيعانون ولكن القوة وحدها لا تضمن الأمن والسلم، ونعرف أن القيم العالمية أصبحت أكثر إلحاحاً والرغبة في إحلال السلام وتأمين حرية التعبير والعدالة الاجتماعية وحرية الإبداع كلها أصبحت ضرورية وينبغي من الباحثين عن القوة والنفوذ أن يركزوا على احترام حقوق الإنسان وحماية الأقليات، وإن شعرت أي دولة بأنها مهددة فستبذل قصارى جهدها لحماية نفسها، وإندونيسيا تتفهم هذا الوضع وتحاول أن تبقي على الحوار والوساطة بين الدول العظمى.