"الإسكان": يتسبب بخسائر موارد الوزارة من استحصال الأقساط بمبالغ كبيرة مستقبلاً

مريم بوجيري


أقرت لجنة المرافق العامة والبيئة مقترحاً بقانون يلغي الفوائد التي تحتسبها وزارة الإسكان على المستفيدين من خدماتها الإسكانية كونها تخالف أحكام الشريعة الإسلامية ونصوص الدستور، إلى جانب تفاوت نسب الفوائد من شخص إلى آخر، بما ينطوي على إخلال بمبدأ العدالة والمساواة الدستوري و زيادة تكاليف المعيشة على المواطنين.

من جانبها، أكدت وزارة الإسكان أنها لا تتقاضى أية فوائد لقاء الخدمات الإسكانية (التمليك والتأجير) التي تقدمها للمواطنين المستحقين لهذه الخدمات ابتداءً، ما يؤكد أن قانون الإسكان بما تضمنه من أحكام لا تشوبه شبهة عدم دستورية، معتبرة أنه لا أساس للقول بأنّ الفوائد التي تحتسبها وزارة الإسكان على المواطنين المستفيدين من الخدمات هي في حقيقة الأمر (ربا) وفق التعريف الوارد بالمذكرة الإيضاحية للاقتراح "الزيادة في رأس المال سواء كانت هذه الزيادة قليلة أو كثيرة" ذلك أن خدمة التمليك لا ينطبق عليها وصف الزيادة في رأس المال، حيث إن الوزارة في هذه الحالة تخصص للمنتفع خدمة عينية وتستحصل مقابلها تقسيطاً.

وحسب المعايير الشرعية المعتمدة من هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، فإن الزيادة على رأس المال أو الكلفة هي في حقيقتها ربح وليست رباً، ولا يطال هذا الربح أية مخالفة شرعية، ومن الجدير بالذكر أن خدمة التمليك والتأخير تقدم عبر عقود انتفاع لا تحمل أي شبهة في توافقها مع أحكام الشريعة حيث عُرضت العقود المعمول بها حالياً لدى وزارة الإسكان على هيئة الرقابة الشرعية ببنك الإسكان التي أكدت أنّ العقد بصيغته الحالية لا يتعارض مع المعايير الشرعية.

وأكدت الوزارة فيما يتعلق باختلاف مقدار الفوائد التي تفرضها الوزارة على المستفيدين من الخدمات الإسكانية حيث تكون نسبة الفائدة على مواطن ما مرتفعة ولا يكون على مواطن آخر أي نسبة فائدة، أن القرار رقم (909) لسنة 2015 بشأن نظام الإسكان قد وضع معيار احتساب القسط الشهري المترتب على الخدمة الإسكانية بـ%25 من الدخل الشهري للمنتفع ثابتة وتسري على جميع المواطنين، وذلك لمراعاة تفاوت دخولهم وتعنى بالفئة الأضعف ذات الدخل الأقل وتحقق مبدأ العدالة.

كما بينت أن قيمة الرسوم الإدارية المقررة على الوحدات السكنية موحدة لجميع المنتفعين بالخدمة، واختلاف قيمة القسط الشهري عائد إلى تباين الدخول الشهرية للمواطنين استناداً لمعيار احتساب القسط الشهري آنف الذكر، وذلك فرضته حقيقة عدم تساوي دخول المنتفعين تغليباً للمصلحة العامة، فكان الأدعى دعم أصحاب الدخول الأقل دعماً يتناسب مع دخولهم وينخفض هذا الدعم كلما زاد دخل المنتفع، كما أن تساوي مقابل الخدمة يقوم على فرضية لا يمكن إعمالها إلا إذا تساوت دخول جميع المنتفعين، وهو ما ينفي شبهة الإخلال بمبدأ العدالة والمساواة.

وأكدت بشأن الاقتراح الملاحظات التالية:

الأثر المترتب على إلغاء الرسوم الإدارية التي تتقاضاها وزارة الإسكان نظير تخصيص الوحدات السكنية إلى المواطنين:

‌أ. إن وزارة الإسكان لا تتقاضى أية فوائد نظير تقديم خدمة التمليك للمواطنين، وإنما هي رسوم إدارية تُحسب ضمن ثمن الوحدات الإسكانية، كجزء من الكلفة التي تتكبدها الحكومة والتي تتراوح بين %4.5 إلى %7، في حين يتم احتساب %3 فقط على المواطن، وعليه فإن الحكومة تقدم للمواطن مسكناً بسعر مدعوم في حين أنها تتكبد الاقتراض بمعدل فائدة أعلى لتتمكن من توفير تلك الخدمات للمواطنين.

‌ب. تحرص الوزارة على تقديم الخدمات الإسكانية وفق المعايير والسبل التي تضمن من خلالها منفعة المواطن بتوفير السكن الملائم له ولأسرته باعتبارها الركيزة الأساسية للعيش الكريم، جنباً إلى جنب مع مراعاة الوضع المالي للمنتفع بتحديد أقساط شهرية ميسرة لا ترهـق كاهله، كما حرصت الحكومة ممثلة بـوزارة الإسكان على مراعاة الأوضاع المالية للمواطنين عبر تحديد الحد الأقصى للقسط الشهري على نحو لن يشكل عبئاً على المواطن ذلك عبر تخفيض القسط الشهري على %25 من دخل المواطن، بما مؤداه عدم استحصال الوزارة القيمة الفعلية لتكلفة لوحدة السكنية من المنتفع، وتجدر الإشارة إلى أن 10% إلى %15 فقط من المنتفعين يدفعون كامل القسط الشهري المترتب على الوحدات السكنية بينما يستفيد %85 إلى %90 من المنتفعين من الأقساط المخفضة، وبالتالي لا يتم سداد قيمة الوحدة السكنية بالكامل، بما مؤداه أن قيمة الوحدة السكنية المسددة لا علاقة لها التكلفة، وإنما بربع الدخل الشهري للمنتفع.

‌ج. إن الاقتراح بقانون يرمي لتحقيق مصلحة محدودة لفئة من المواطنين، إلا أن أثره المالي قد ينعكس على الأجيال القادمة من المواطنين، إذ ستتحمل وزارة الإسكان الأعباء المالية المترتبة عليه، الأمر الذي قد يترتب عليه تأخير انتفاع المواطنين المدرجين في قوائم الانتظار من الخدمات الإسكانية.

‌د. إنّ التأثير السلبي لتطبيق الاقتراح بقانون على وزارة الإسكان وبنك الإسكان -بصفته الجهة المنوط بها استحصال الأقساط المترتبة على الخدمات الإسكانية- واستناداً إلى دراسة هذا الشأن، فإن الوزارة والبنك سيتعرّضان لخسارة في مواردهما على مدار سنوات استحصال الأقساط، تقدّر بمبالغ كبيرة في السنوات القادمة، وسوف تتكبّد الوزارة والبنك عبء فقدان هذه الإيرادات بما يؤثر سلباً في مواردهما خلال تلك الفترة، ناهيك عن تبعات إلغاء الرسوم الإدارية على الوحدات السكنية الجديدة التي سيتم تخصيصها مستقبلاً، وما سيترتب عليه من عجز مقابل خصم ضئيل لمواطنين ممن وُفرت لهم الخدمة الإسكانية، في حين يمكن الاستفادة من تلك المبالغ في توفير تمويل إسكاني أو مساكن لعدد كبير من المواطنين الذين لاتزال الخدمة الإسكانية في حيز الانتظار بالنسبة لهم.

‌هـ. دعت الوزارة إلى إعادة النظر في طرح الاقتراح بقانون المذكور في ضوء التأثيرات السلبية لتطبيقه، وترسيخ المبادئ الداعية إلى دعم الملف الإسكاني بما يؤهل وزارة الإسكان لتفعيل جهودها الرامية إلى خلق حلول جذرية بما تنتجه من سبل وبرامج إسكانية مستحدثة، وهو الدعم الذي تتطلع بتفاؤل منشود إلى نيله.