أكّد السيد رشيد محمد المعراج، محافظ مصرف البحرين المركزي، على أهميّة استراتيجية تطوير قطاع الخدمات المالية في مملكة البحرين (2022-2026) باعتباره أحد القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية في المملكة، والتي تندرج استراتيجيته تحت أولوية "تنمية القطاعات الواعدة" ضمن خطّة التعافي الاقتصادي التي تأتي تحقيقاً لرؤى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدّى حفظه الله ورعاه، وتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، لتنمية الاقتصاد الوطني وخلق المزيد من الفرص النوعية للمواطنين، وبما يسهم في زيادة تنافسية مملكة البحرين وجذب الاستثمارات التي يعود أثرها بالنفع على الوطن والمواطنين.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده السيد رشيد محمد المعراج محافظ مصرف البحرين المركزي، والسيد خالد إبراهيم حميدان الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية، والشيخ خليفة بن إبراهيم آل خليفة الرئيس التنفيذي لبورصة البحرين، والدكتور أحمد عبد الحميد الشيخ مدير عام معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية (BIBF)، وذلك للإعلان عن استراتيجية تطوير قطاع الخدمات المالية في مملكة البحرين (2022-2026).
وقال السيد رشيد المعراج إن استراتيجية تطوير قطاع الخدمات المالية تأتي تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء بوضع استراتيجية شاملة للقطاع المصرفي في مملكة البحرين للسنوات الخمس القادمة تضمن مواصلة الحفاظ على مسار النمو الاقتصادي وتعزيز موقع ومكانة البحرين المالية والاقتصادية، بما يُحقّق تطلعات المواطن البحريني الذي هو أساس ومحور التنمية، ووبما يتماشى مع أهداف رؤية البحرين الاقتصادية 2030.
وتابع بأنّ تطوير قطاع الخدمات المالية سيؤدي دوراً أساسياً في تحفيز مختلف القطاعات الاقتصادية الأخرى بما يعزز من مكانة المملكة كمركز إقليمي للخدمات المالية، ويسهم في مواصلة تحقيق أهداف المسيرة التنموية الشاملة بقيادة جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه، مشيراً إلى أنّه عند صياغة الاستراتيجية تم الأخذ بعين الاعتبار أهم متغيرات وتطورات قطاع الخدمات المالية محلياً وإقليماً ودولياً، حيث تم وضع عدد من البرامج وفقاً لأفضل التجارب والممارسات الدولية في هذا المجال، وعلى النحو الذي يحافظ على استدامة الخدمات المالية ومواكبتها لأحدث الأساليب والنظم.
وشدّد المحافظ بأن الحكومة برئاسة صاحب السموّ الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، تولي اهتماماً بالغاً بمواصلة تعزيز دور قطاع الخدمات المالية والذي يعتبر أكبر مساهم غير نفطي في الناتج المحلي الإجمالي لمملكة البحرين.
وفي هذا السياق، استعرض المحافظ أبرز الإحصائيات المتعلّقة بالقطاع المالي في مملكة البحرين، حيث أشار إلى أن عدد المؤسسات المالية المُرخّصة بلغ 367 مؤسسة، وبلغ عدد القوى العاملة في هذا القطاع 13,737 عاملاً، ووصل حجم موجودات القطاع المصرفي إلى 211.7 مليار دولار أمريكي، بالإضافة إلى أنّ نسبة مساهمة القطاع المالي في الناتج المحلي بلغت 17.9% بمعدّل 12.1 % بالقطاع المصرفي، و5.8% بقطاع التأمين.
ولفت إلى أن استراتيجية تطوير قطاع الخدمات المالية (2022-2026) ترتكز على العديد من البرامج بمجالات متعددة ضمن 5 أولويات رئيسة، وهي؛ خلق فرص العمل، وتطوير التشريعات والسياسات، وتطوير قطاع الأسواق المالية، وتطوير الخدمات المالية والتكنولوجيا المالية، إلى جانب تطوير قطاع التأمين.
وأفاد المحافظ بأن مؤشرات أداء الاستراتيجية تتمحور حول زيادة حصّة تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة بطريقة مرحلية وعلى أساس تدريجي لتصل إلى 20% من محفظة التمويل المحلّية لبنوك التجزئة بنهاية 2025، وإدراج 5 شركات واعدة على سوق البحرين الاستثماري، وخفض معدل التداول النقدي الورقي بنسبة 25%، والحفاظ على نمو سنوي مستمر لعدد التحويلات المالية الإلكترونية بما لا يقل عن 10%، إلى جانب الحفاظ على مساهمة القطاع المالي في الناتج المحلي الإجمالي في حدود 20% حتى نهاية عام 2026 ومن ثم زيادة النسبة إلى 25%، وزيادة مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلّي من 5.8 % إلى 8% بنهاية 2026، وبالإضافة إلى تلبية الاحتياجات التدريبية لأبرز مجالات تطوير القطاع المالي بواقع 3,000 متدرّب سنوياً بنهاية 2024، وزيادة نسبة مشاركة الأفراد والمؤسسات في السوق الأولي لإصدارات الدين العام لحكومة مملكة البحرين إلى 20%.
وحول برامج استراتيجية قطاع الخدمات المالية، بيّن المحافظ بأنها تسعى إلى خلق فرص العمل من خلال استقطاب المؤسسات المالية والمصارف، والتعاون مع معهد البحرين للدراسات المصرفية لتقديم حلول تدريبية في المجالات العملية للقطاع المالي والشهادات الاحترافية، والتحوّل الرقمي والتنمية المُستدامة، والعمل مع البنوك المحلّية لتدريب الباحثين عن عمل والطلبة في مجال الصيرفة الإسلامية والتقليدية، بالإضافة إلى تطوير التشريعات والسياسات عبر تحديث قانون مصرف البحرين المركزي والمؤسسات المالية، وإعادة هيكلة مجلّد التوجيهات الصادر عن المصرف، وإطلاق وتطوير أطر عمل تنظيمية لنماذج الأعمال المُستحدثة في القطاع المصرفي، وإصدار أوراق استشارية وسياسات وتوجيهات رقابية في مجالات متعددة، فضلاً عن إطلاق إطار البحرين للتمويل المفتوح وللخدمات المصرفية المفتوحة بمرحلتيه الأولى والثانية، ، وإعداد مشروع قانون بشأن المقاصّة، وإصدار قانون المعاملات المضمونة، ووضع قواعد تنظيمية لمتطلّبات الإصدار والإفصاح للتمويل الأخضر، وتعزيز تصنيف البحرين ضمن تقرير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتقييم "الفاتف".
وأضاف المحافظ أن برامج الاستراتيجية تهدف أيضا إلى تطوير قطاع الأسواق المالية من خلال تشجيع الإدراج في سوق البحرين الاستثماري، وتشجيع عمليات الطرح العام الأولي وإدراج المزيد من الشركات، والعمل على انضمام بورصة البحرين لمؤشر الأسواق الناشئة، وتعزيز سبل تنسيق الإدراج المزدوج مع دول مجلس التعاون الخليجي، وربط أنظمة المقاصّة والتسوية والإيداع المركزي إقليمياً ودولياً، وأتمتة الخدمات المقدّمة للمستثمرين من قبل بورصة البحرين وشركة البحرين للمقاصّة بما فيها تطبيق آلية الإلحاق الرقمي للمستثمرين (Digital Onboarding)، وإنشاء نظام تداول مباشر للأوراق المالية الحكومية في السوق المالية الثانوية.
وواصل بأنّ برامج الاستراتيجية تهدف كذلك إلى تطوير الخدمات المالية والتكنولوجيا المالية من خلال طرح دينار رقمي ، وإدراج تحسينات على البنية التحتية لشبكة بنفت، وتطوير الشبكة الخليجية للمدفوعات لربط ودعم نقاط البيع بكافة خدماته، وترقية وتحسين البنية التحتية لنظام التحويلات المالية الإلكتروني (EFTS) ، إلى جانب ربط مصارف التجزئة بنظام المدفوعات الخليجية (آفاق)، وضمن منصة (بُنى) متعددة العملات للمدفوعات عبر الحدود بين الدول العربية، وتطوير نظام مدفوعات فورية على مدار الساعة، وتعزيز منصّة FINHUB973 الرقمية للتكنولوجيا المالية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة SupTech لتطوير الممارسات الرقابية، وتوظيف نماذج الأعمال المستحدثة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ودعم احتياجات القطاعات الواعدة مثل التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، وطرح إصدار خامس جديد من العملة البحرينية، وإطلاق مؤشر جديد لتحديد أسعار الفائدة على الدينار لمعاملات التمويل بين البنوك، وتطوير نظام "اعرف عميلك الإلكتروني eKYC" وربطه مع خدمات مركز البحرين للمعلومات الائتمانية و، وإنشاء فريق استجابة للطوارئ السيبرانية في القطاع المالي، وإطلاق إطار عمل للنضج السيبراني، بالإضافة إلى تطوير نظام للتنفيذ الفوري للأوامر القضائية الصادرة من المحاكم، وتعزيز الآليات التمويلية المتاحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والتأكيد على مشاركة أكبر للبنوك المحلية في تمويل المشاريع الاستراتيجية، وتعزيز ونشر الثقافة المالية والمصرفية.
وأردف المحافظ بأنه من بين برامج تطوير قطاع التأمين، إصدار توجيهات تنظيمية لحماية حقوق حاملي وثائق التأمين، وودعم التحول الرقمي في القطاع، وزيادة الوعي التأميني بالإضافة إلى طرح منتجات تأمينية جديدة.
ومن جانبه؛ قال السيد خالد إبراهيم حميدان الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية أن تطوير قطاع الخدمات المالية والمندرج تحت خطّة التعافي الاقتصادي يعتبر من الأولويات والبرامج التي يعمل عليها مجلس التنمية الاقتصادية، حيث يشكّل تطوير هذا القطاع عاملاً مهمّاً في دعم مسارات تنمية الاقتصاد الوطني وتوفير المزيد من الفرص الملائمة للمواطنين، وبما ينعكس على زيادة تنافسية مملكة البحرين بجذب الاستثمارات النوعية وبما يتماشى مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030، مشيراً إلى أنّ مخزون الاستثمار الأجنبي في قطاع الخدمات المالية بلغ 21 مليار دولار في 2020 وبما يعادل 61% من الناتج المحلي، متطلعاً للحفاظ على مساهمة القطاع المالي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 20% حتى نهاية عام 2026 ومن ثم رفعها إلى 25%، وزيادة مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلّي من 5.8 % إلى 8% بنهاية 2026، مؤكدا بأن مجلس التنمية الاقتصادية سيواصل جهوده في استقطاب المؤسسات المالية.
وأضاف حميدان بأنّ التركيز على التحوّل الرقمي في الخدمات المالية وخدمات التأمين يشكّل أولوية قصوى، حيث يعد هذا القطاع بنية أساسية لدعم وتنمية مختلف القطاعات الاقتصادية، وقال: "نؤمن بأن البرامج المطروحة ضمن استراتيجية تطوير قطاع الخدمات المالية (2022-2026) ستعزز من مكانة المملكة الرائدة في القطاع المالي، حيث يشكّل إطلاق مركز سيتي للتكنولوجيا، والذي يهدف إلى خلق 1,000 وظيفة في مجال البرمجة على مدى السنوات العشر القادمة، دليلاً واضحاً على ما تتمتع به مملكة البحرين من مكانة رائدة ومرموقة في القطاع المالي".
وفي ذات السياق، تحدّث حميدان عن استمرار مساعي خليج البحرين للتكنولوجيا المالية والذي يمثل أكبر مركز مخصص للتكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بإتاحة المزيد من الفرص لتطوير وتسريع شركات التكنولوجيا المالية، والتي تُوِّجَت بإطلاق مصرف البحرين المركزي وحدة خاصة بالتكنولوجيا المالية والابتكار وبيئة تجريبية رقابية لاختبار حلول التكنولوجيا المالية، بما يضمن دعم القطاع المالي لتبني خدمات التكنولوجيا المالية.
وبدوره ذكر الشيخ خليفة بن إبراهيم آل خليفة الرئيس التنفيذي لبورصة البحرين أنّ خطّة التعافي الاقتصادي ستسهم بشكل كبير في جعل بورصة البحرين سوقاً مالياً إقليمياً وعالمياً، نظراً لمستوى الخدمات الفريدة والمتنوعة التي تقدّمها البورصة من إدراج أو تداول وخدمات أخرى للقطاع المالي، لافتاً إلى أنّ بورصة البحرين مستمرة في تطوير آليات عملها بما يصبّ في تطوير قطاع الخدمات المالية، وبما يرفد الاقتصاد الوطني ويوفر المزيد من فرص العمل النوعية للمواطنين، واستقطاب الاستثمارات.
وأوضح بأنّ بورصة البحرين تعمل على تنفيذ مجموعة من الأولويات والبرامج بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة خاصة في مجالات التدريب الأكاديمي المتعلّق بالاستثمار والتنمية المستدامة، حيث تم مؤخراً توقيع اتفاقية في هذا الشأن مع معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية، واستحداث برنامج "أسواق المال للتدريب المهني"، وتطوير برنامج "Trade-Quest" المتعلق بطلاب المدارس والجامعات، والتوسع في برنامج المستثمر الذكي الموجه لطلبة المرحلة الابتدائية بمملكة البحرين.
وبيّن الشيخ خليفة بن إبراهيم بأن بورصة البحرين سبّاقة في تدشين الخدمات والمنتجات المبتكرة بفضل دعم الحكومة والتعاون الذي قدمه المتعاملون في سوق المال، منوهاً إلى أن ركائز النمو في بورصة البحرين تتمحور حول بيئة العمل في البورصة وكيفية التفاعل مع جميع المتعاملين في المنصة.
وأشار الشيخ خليفة بن إبراهيم إلى دور بورصة البحرين في تنفيذ استراتيجية تطوير قطاع الخدمات المالية (2022-2026)، والذي يتمحور حول تطوير أداء ومُخرجات قطاع الأسواق المالية عبر تشجيع عمليات الطرح العام الأولي وإدراج المزيد من الشركات، إضافة إلى تشجيع الشركات المتوسطة والصغيرة في الإدراج في سوق البحرين الاستثماري، وتقديم الخدمات للشركات البحرينية غير المدرجة بما يطور من منظومة أعمالها، فضلاً عن تضمين التنمية المستدامة في عمل البورصة وأيضاً في قطاع أسواق رأس المال تماشياً مع الأهداف المتعلقة بذلك، والعمل على انضمام بورصة البحرين لمؤشر الأسواق الناشئة، وتعزيز سبل تنسيق التعاون والربط مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
فيما قال الدكتور أحمد عبد الحميد الشيخ مدير عام معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية (BIBF) إنّ التوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه، ومتابعة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، تدفع لمزيد من الحرص لتحقيق تطلعات المواطن وتوفير أفضل الفرص له، كما إنها تُشكّل خارطة طريق لتنفيذ رؤية معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية.
ونوّه الشيخ بأن برامج ومبادرات وخطط معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية الرامية لنشر الوعي الاستثماري وتوفير مختلف البرامج المتعلقة بقطاع الخدمات المالية تتماشى مع استراتيجية تطوير قطاع الخدمات المالية (2022-2026)، لافتاً إلى أنّ استراتيجية المعهد ترتكز على رفد القطاع المالي والمصرفي بالكوادر المؤهلة وتعزيز مكانة المملكة في مجال التدريب المتخصص ورفع كفاءة العاملين في هذا القطاع.
وأكّد الشيخ استمرار المعهد في تصميم برامج تدريبية متخصصة في قطاع الخدمات المالية تلبي الحاجة المتزايدة لتبني ممارسات الاستدامة والاستثمار المستدام، لتطوير كوادر وطنية تضع الاستدامة في صميم أعمالها المؤسسية.