نظمت المبادرة الوطنية لتنمية القطاع الزراعي والهيئة الوطنية لعلوم الفضاء ووكالة الزراعة والثروة البحرية بوزارة الاشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني وجامعة الخليج العربي، زيارة تفقدية لموقع المشروع الوطني الخاص بنظام الكشف المبكر عن سوسة النخيل الحمراء وتجربة الري الناقص من قبل المسؤولين، وذلك للوقوف على ما تم تنفيذه إلى تاريخه مع شركة Smart Farm Sensing الهولندية التي تم توقيع عقد تنفيذ المشروع معها منذ منتصف شهر أكتوبر الماضي وللتعرف على الخطوات المستقبلية خلال الأشهر القادمة. الجدير بالذكر أنه قد تم إتمام ثلاث من أصل خمس مراحل يضمها المشروع ومنها تركيب الأجهزة والمعدات والمستشعرات استعداداً لتقييم هذه التجربة من ناحية الكشف المبكر عن تواجد سوسة النخيل الحمراء في أشجار النخيل قبل انتشارها، بالإضافة إلى توفير مياه الري لأشجار النخيل وتقليل الفاقد عبر ما يعرف بالتسرب العميق، وذلك باستخدام تقنيات الفضاء وانترنت الأشياء ونظم الذكاء الاصطناعي والإدارة الذكية للمزرعة وتوفير تلك البيانات للمستخدمين ضمن تطبيق إلكتروني على الهاتف النقال بهدف تسهيل العمل على المختصين في هذا المجال لمتابعة وضع النخيل وسرعة الاستجابة لأي أمر طارئ يتعلق بها.
وعن زيارته، قال الدكتور محمد إبراهيم العسيري الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية لعلوم الفضاء: "تأتي هذه الزيارة لغرض المتابعة لما تم التخطيط والاتفاق على تنفيذه قبل ثلاثة أشهر، والأطراف المشتركة جميعها حريصة على إنجاح هذا المشروع الوطني الذي يخدم القطاع الزراعي بما يشكله من أهمية بيئية وجمالية وما له من دور في تحقيق الأمن الغذائي وحماية الرقعة الخضراء في مملكة البحرين، وذلك تنفيذا لتوجيهات القيادة الرشيدة حفظها الله ورعاها والتي أولت القطاع الزراعي عناية واهتمام بالغين.
في بداية المرحلة الحالية من المشروع سيتم تنفيذ برنامج تدريبي مكثف على أيادي خبراء دوليين يحضره نخبة مختارة من منتسبي الجهات المشاركة وهذه خطوة هامة في سبيل بناء القدرات الوطنية في هذا المجال. ان ما شهدناه اليوم خلال الزيارة من تقدم فعلي على الأرض محل تقدير وإشادة، ونتطلع لاستكمال المراحل المتبقية من المشروع بذات الكفاءة، كما نرجو أن تحول النتائج والتوصيات التي ستتوصل إليها الدراسة إلى تطبيق عملي خصوصا في توفير الوقاية والحماية من سوسة النخيل الحمراء. ختاما أتوجه بالشكر الجزيل لكافة شركائنا في هذا المشروع الفريد من نوعه على مساهماتهم ودعمهم المتواصل لتحقيق كافة الأهداف".
ومن جانبها أكدت الأمين العام للمبادرة الوطنية لتنمية القطاع الزراعي الشيخة مرام بنت عيسى آل خليفة ان المشروع الوطني الخاص بنظام الكشف المبكر عن سوسة النخيل الحمراء وتجربة الري الناقص، يستهدف معالجة مشكلة أساسية تعاني منها أشجار النخيل بشكل حديث ومبتكر، وليحافظ على إرث حضاري مهم يعبر عن الهوية الزراعية لمملكة البحرين، مبينة ان الزيارة التفقدية للمشروع جاءت لتعكس الحرص المشترك للوقوف على أخر مستجدات المشروع بعد الإنتهاء من مراحله الثلاث الأولى واستعداداً لمتابعة هذه التجربة الرائدة على مدى العام المقبل وتوثيق نتائج المشروع من أجل تعميم التجربة لكونها ستشكل نقلة نوعية في مسيرة مكافحة آفة سوسة النخيل الحمراء مما يخدم المزارع البحريني بشكل خاص والقطاع الزراعي عامة. ويأتي ذلك ترجمة للتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، بالحفاظ على القطاع الزراعي وتطوير القدرات الوطنية في مجال الصناعات الغذائية وإنشاء بنية تحتية قوية للأمن الغذائي من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والبحوث العلمية للتغلب على كافة التحديات التي تواجه القطاع.
وأفاد المهندس إبراهيم حسن الحواج وكيل الوزارة للزراعة والثروة البحرية بوزارة الأشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني، "يحذونا الأمل نحو تحقيق مزيد من النتائج الطيبة لمشروعي النخيل مع إطلاقهما مشروع الكشف المبكر عن سوسة النخيل، ومشروع الري الناقص لنخيل التمر والذي يأتي بتعاون بين وكالة الزراعة والثروة البحرية والمبادرة الوطنية لتنمية القطاع الزراعي والهيئة الوطنية لعلوم الفضاء، وجامعة الخليج العربي، وذلك انطلاقاً من الأهداف الطيبة التي وضعت لهذين المشروعين والتي من أهمها الكشف المبكر عن سوسة النخيل الحمراء في النخيل قبل انتشارها مما يساهم في سرعة مكافحتها والحد من أضرارها وبالتالي تقليل الخسائر الناتجة من الإصابة بهذه الآفة. بالإضافة إلى تحديد احتياجات النخيل من الري عبر الاستعانة بأجهزة الاستشعار الأرضية الأمر الذي سيسهم في رفع كفاءة الري في مزارع النخيل".
وأوضح الحواج أن "النخلة كغيرها من المزروعات في البحرين تصاب بالعديد من الآفات الزراعية إلا أن الإصابة بحشرة سوسة النخيل الحمراء والتي اكتشفت في أوائل التسعينيات تعد من أهمها على الإطلاق إذ تؤدي الإصابة الشديدة بها إلى فقدان أشجار النخيل، وهو ما يتطلب التدخل السريع لعلاج النخيل ومنع انتقال الإصابة إلى النخيل السليم، ومن هذا المنطلق جاء الحرص الحكومي عبر تخصيص ميزانية تقدر بمليون دينار لدعم مشروع حصر ومكافحة سوسة النخيل الحمراء، الذي يتضمن فحص النخيل والفسائل ومعالجة المصابة منها. كما أن تحديد مدى تحمل النخيل للري الناقص وتنظيم الري للنخيل سوف يقوي ذلك من نمو النخيل وتحسين جودة التمر والقيمة الغذائية لها".
وذكر أن "مما يدعو إلى السرور هو المخرجات التي ستتحقق بفضل المشروعين، والمتمثلة في خفض نسبة الإصابة بحشرة سوسة النخيل الحمراء إلى مستويات جداً متدنية، وتقليص أعداد النخيل المزال، والاستخدام الآمن للمبيدات الكيميائية؛ وكذلك رفع كفاءة الادارة المتكاملة للري في مزارع النخيل وفي تقليل الهدر للمياه ".
وتقدم الحواج بوافر الشكر لجميع الجهات المشاركة في هذا البرنامج الذي يأتي ضمن التنسيق والتكامل والاستفادة من الإمكانات المتوافرة لدى القطاعات المختلفة في تنفيذ مشاريع مشتركة لتحقيق برنامج الحكومة الموقرة.
من جانبه صرح الأستاذ الدكتور وهيب عيسى الناصر، نائب رئيس جامعة الخليج العربي للشؤون الأكاديمية والبحث العلمي و الابتكار ، قائلاً: يسعدنا بأن نكون جزءاً هاماً من هذا المشروع الذي يتفق مع أهداف الجامعة الاستراتيجية، ويوظف ما لديها من خبرات بحثية متخصصة في علوم البيئة والموارد الطبيعية، و في التقنيات الحيوية الزراعية المتطورة؛ فقد أخذت الجامعة على عاتقها الأشراف على تركيب أجهزة تجربة الري الناقص لضمان دقة وجودة التجارب، والتي أشرف عليها الدكتور عبدالهادي عبدالوهاب، أستاذ كرسي السلطان قابوس للتنمية الزراعية بجامعة الخليج العربي.
وأضاف سعت جامعة الخليج العربي منذ تأسيسها لتوظيف العلوم المبتكرة في مجال البيئة والموارد الطبيعية والتقنيات الحيوية للتصدي للتحديات الاستراتيجية لمنطقة دول الخليج العربية وخصوصا قضايا التصحر والزراعة؛ فقد أسست برنامجاً في الثمانينات للتصحر والزراعة، و كانت من أوائل الجامعات التي أجرت بحوثا على الزراعة اللامائية، وأنتجت محاصيل ذات جودة، وذلك إنطلاقاً من استشعارها للأهمية الاستراتيجية لقضايا الأمن المائي والغذائي. وتابع الدكتور الناصر، على هذا الأساس قامت جامعة الخليج العربي بإنشاء العديد من التخصصات الفريدة والنادرة التي تسعى لتأهيل الكوادر الخليجية بالعلوم الرائدة، وإعداد الأبحاث وابتكار التقنيات المتقدمة في هذا المجال. كما تبنت جامعة الخليج العربي منذ بضع سنوات إطلاق المؤتمر الدولي الأول للوقاية المتكاملة لنخيل التمر، والذي جمع خبرات عالمية عرضت تجاربها وخبراتها المتقدمة في مجال المحافظة على نخيل التمر والسعي لاستدامة إنتاجها وجودته.
وقد حضر الزيارة أعضاء فريق العمل القائم على تنفيذ المشروع ونخبة من كبار الموظفين بالجهات المشاركة، حيث تم بعد هذه الزيارة عقد برنامج تدريبي على مدى يومين لعدد من موظفي الجهات الأربعة للتعرف على آلية استخدام التطبيق الالكتروني لمتابعة البيانات المتعلقة بالطقس ورطوبة التربة ومصائد سوسة النخيل الحمراء وكيفية تحديث البيانات بما يتماشى مع هو مطبق على أرض الواقع.