عبدالله شاهد - رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة
للسنة الثالثة على التوالي، يخيّم كوفيد-19 على الوضع العالمي. نحن منهكون من فيروس يسخر منا في كل منعطف، فتارةً ينحسر ويعطينا الأمل؛ ثم يعاود للارتفاع بشكل انتقامي. لقد مثل انتشار متحوّر "أوميكرون" ضربة قاسية، خصوصاً مع تزامن ظهوره مع بداية العام الجديد، والذي عادةً ما يكون وقتاً للاحتفال والتطلع إلى آفاق جديدة، وترك الماضي وراءنا. غير أننا بدلاً من ذلك، مازلنا نتحمل تبعات هذا الوباء المأساوي غير المتراجع، رغم عدم ترحيبنا به.
ومع ذلك، فإننا لسنا عاجزين، بل بعيدين عن ذلك؛ فعلى عكس ما حدث قبل عامين، نواجه هذا العام الوباء بترسانات حقيقية من اللقاحات تحت تصرفنا: جونسون وجونسون، وفايزر، واسترازينيكا، وسينوفارم، وغيرها. كل منها وُضعت في وقت قياسي، في شهادة واضحة على ما يمكن أن يحققه الإبداع البشري، والعمل الجماعي.
وعلينا الآن أن نتعامل مع توزيع اللقاحات بنفس الطاقة والالتزام اللذين ميزا مرحلة تطوير اللقاحات. وفي هذه المهمة، يمكننا أن نقوم بنقل التجارب من البلدان التي قامت بذلك على الصعيد الوطني؛ حتى نتمكن من محاكاة نجاحها على الصعيد العالمي. وهذا هو طريقنا للتعافي من هذا الوباء.
وفي هذا الصدد، تمثل مملكة البحرين نموذجاً بارزاً بين البلدان التي وضعت برنامج تطعيم ناجح للغاية. وبينما أقوم حالياً بزيارة رسمية إلى هذا البلد، في الفترة من 22 إلى 25 من هذا الشهر، بدعوة من حكومتها، أعتقد أنه من المناسب تسليط الضوء على أسباب فاعلية برنامج البحرين لمكافحة الوباء، وتبيان تأكيدي على جعل التطعيم العالمي أولوية مهمة لهذه الدورة.
فمنذ البداية، وضعت البحرين ثقتها بالعلوم والمجتمع الطبي، من خلال الرجوع إلى منظمة الصحة العالمية، والموافقة على جميع لقاحات كوفيد-19 التي أذنت بها المنظمة، وبدأت بتقديم جرعات من اللقاحات المتاحة لديها، لجميع سكانها - المواطنين وغير المواطنين على حد سواء، مجاناً -. وقد وافقت المملكة حتى الآن على استخدام ست لقاحات أقرتها منظمة الصحة العالمية. كما يُحسب للبحرين أنها الدولة الأولى التي وافقت على لقاح (جونسون آند جونسون) للاستخدام في حالات الطوارئ.
وقد ضمنت موافقة البحرين السريعة على اللقاحات، والتزامها ببدء استخدامها بسرعة وشمولية، تحقيقها أحد أعلى معدلات التطعيم في المنطقة؛ حيث قامت حتى الآن بتطعيم ثلثي سكانها تطعيماً كاملاً، وقدمت جرعة معززة لأكثر من نصفهم. وقد ساعد ذلك على الإبقاء على عدد الحالات تحت السيطرة، وتجنب مستوى المأساة التي حلت بالبلدان ذات معدلات التطعيم المنخفضة.
والملاحظ أن وجود مخزون كافٍ من اللقاحات لا يكفي في حد ذاته؛ إذ ينبغي استكمال ذلك بلوجستيات قوية للتوزيع، وحملات توعية بشأن فعالية اللقاحات. وهذا ما نجحت مملكة البحرين فيه نجاحاً كبيراً، أيضاً.
وقد كان المجتمع الطبي البحريني، والعاملون في الخطوط الأمامية، والموظفون الداعمون على قدر من المسؤولية للقيام بهذه المهمة؛ حيث ساعدوا في إيصال اللقاحات وتوزيعها وإدارتها. كما اعتنوا بالمصابين؛ لمساعدتهم على التعافي، وضمان تجنيب البلد الوقوع في كارثة صحية. والأهم من ذلك مساعدتهم على تهدئة المخاوف المتعلقة باللقاحات، وتشجيعهم المزيد من الناس على الحصول على التطعيم.
وترافقني أثناء هذه الزيارة الآنسة فتون العمادي، وهي مواطنة بحرينية تعمل في مكتبي، وكانت جزءاً من هذه الجهود. وهي من بين "15811 من المتخصصين في الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية، والموظفين الداعمين، الذين حصلوا على جائزة الأمير سلمان بن حمد للجدارة الطبية؛ تقديرا لجهودهم الدؤوبة وتضحياتهم المشرّفة في مكافحة كوفيد-19، والحفاظ على الصحة العامة" . وأنا فخور بوجودها في فريقي، وأشجع المزيد من الشباب على أن يحذوا حذوها.
إن ما نحتاج إلى القيام به الآن هو محاكاة نجاح تجربة البحرين على المستوى العالمي، وأن ننهي التفاوتات العالمية في مجال اللقاحات، وأن نوزع اللقاحات العديدة المتاحة لنا على جميع البلدان التي تحتاج إليها. وفي الوقت نفسه، يجب أن نشجع المزيد من الناس على الحصول على التطعيم، وأن نطلب منهم المساعدة في تحقيق أهدافنا المتعلقة باللقاحات.
ومن خلال القيام بذلك، يمكننا ضمان عدم تحملنا المزيد من المآسي، والمزيد من الأحزان، والمزيد من الإرهاق وبالخصوص المزيد من "المتحورات" التي يمكن أن تقاوم اللقاحات الموجودة، وتُرجعنا مرة أخرى إلى المربع الأول. وسأواصل تقديم هذه الرؤى الدقيقة أثناء الحدث رفيع المستوى بشأن اللقاحات، والذي سأنظمه يوم 25 فبراير من هذا العام.
وفي المحصلة؛ لا يمكننا أن ننجح إلا بدعم جماعي من المجتمع الدولي. وأنا واثق بأننا سنكون في مستوى التحدي. يمكننا تطعيم العالم. يمكننا هزيمة كوفيد ويمكننا أن نتطلع إلى الاحتفاء ببداية العام المقبل بروح احتفالية، تاركين هذا الوباء خلف ظهورنا.
للسنة الثالثة على التوالي، يخيّم كوفيد-19 على الوضع العالمي. نحن منهكون من فيروس يسخر منا في كل منعطف، فتارةً ينحسر ويعطينا الأمل؛ ثم يعاود للارتفاع بشكل انتقامي. لقد مثل انتشار متحوّر "أوميكرون" ضربة قاسية، خصوصاً مع تزامن ظهوره مع بداية العام الجديد، والذي عادةً ما يكون وقتاً للاحتفال والتطلع إلى آفاق جديدة، وترك الماضي وراءنا. غير أننا بدلاً من ذلك، مازلنا نتحمل تبعات هذا الوباء المأساوي غير المتراجع، رغم عدم ترحيبنا به.
ومع ذلك، فإننا لسنا عاجزين، بل بعيدين عن ذلك؛ فعلى عكس ما حدث قبل عامين، نواجه هذا العام الوباء بترسانات حقيقية من اللقاحات تحت تصرفنا: جونسون وجونسون، وفايزر، واسترازينيكا، وسينوفارم، وغيرها. كل منها وُضعت في وقت قياسي، في شهادة واضحة على ما يمكن أن يحققه الإبداع البشري، والعمل الجماعي.
وعلينا الآن أن نتعامل مع توزيع اللقاحات بنفس الطاقة والالتزام اللذين ميزا مرحلة تطوير اللقاحات. وفي هذه المهمة، يمكننا أن نقوم بنقل التجارب من البلدان التي قامت بذلك على الصعيد الوطني؛ حتى نتمكن من محاكاة نجاحها على الصعيد العالمي. وهذا هو طريقنا للتعافي من هذا الوباء.
وفي هذا الصدد، تمثل مملكة البحرين نموذجاً بارزاً بين البلدان التي وضعت برنامج تطعيم ناجح للغاية. وبينما أقوم حالياً بزيارة رسمية إلى هذا البلد، في الفترة من 22 إلى 25 من هذا الشهر، بدعوة من حكومتها، أعتقد أنه من المناسب تسليط الضوء على أسباب فاعلية برنامج البحرين لمكافحة الوباء، وتبيان تأكيدي على جعل التطعيم العالمي أولوية مهمة لهذه الدورة.
فمنذ البداية، وضعت البحرين ثقتها بالعلوم والمجتمع الطبي، من خلال الرجوع إلى منظمة الصحة العالمية، والموافقة على جميع لقاحات كوفيد-19 التي أذنت بها المنظمة، وبدأت بتقديم جرعات من اللقاحات المتاحة لديها، لجميع سكانها - المواطنين وغير المواطنين على حد سواء، مجاناً -. وقد وافقت المملكة حتى الآن على استخدام ست لقاحات أقرتها منظمة الصحة العالمية. كما يُحسب للبحرين أنها الدولة الأولى التي وافقت على لقاح (جونسون آند جونسون) للاستخدام في حالات الطوارئ.
وقد ضمنت موافقة البحرين السريعة على اللقاحات، والتزامها ببدء استخدامها بسرعة وشمولية، تحقيقها أحد أعلى معدلات التطعيم في المنطقة؛ حيث قامت حتى الآن بتطعيم ثلثي سكانها تطعيماً كاملاً، وقدمت جرعة معززة لأكثر من نصفهم. وقد ساعد ذلك على الإبقاء على عدد الحالات تحت السيطرة، وتجنب مستوى المأساة التي حلت بالبلدان ذات معدلات التطعيم المنخفضة.
والملاحظ أن وجود مخزون كافٍ من اللقاحات لا يكفي في حد ذاته؛ إذ ينبغي استكمال ذلك بلوجستيات قوية للتوزيع، وحملات توعية بشأن فعالية اللقاحات. وهذا ما نجحت مملكة البحرين فيه نجاحاً كبيراً، أيضاً.
وقد كان المجتمع الطبي البحريني، والعاملون في الخطوط الأمامية، والموظفون الداعمون على قدر من المسؤولية للقيام بهذه المهمة؛ حيث ساعدوا في إيصال اللقاحات وتوزيعها وإدارتها. كما اعتنوا بالمصابين؛ لمساعدتهم على التعافي، وضمان تجنيب البلد الوقوع في كارثة صحية. والأهم من ذلك مساعدتهم على تهدئة المخاوف المتعلقة باللقاحات، وتشجيعهم المزيد من الناس على الحصول على التطعيم.
وترافقني أثناء هذه الزيارة الآنسة فتون العمادي، وهي مواطنة بحرينية تعمل في مكتبي، وكانت جزءاً من هذه الجهود. وهي من بين "15811 من المتخصصين في الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية، والموظفين الداعمين، الذين حصلوا على جائزة الأمير سلمان بن حمد للجدارة الطبية؛ تقديرا لجهودهم الدؤوبة وتضحياتهم المشرّفة في مكافحة كوفيد-19، والحفاظ على الصحة العامة" . وأنا فخور بوجودها في فريقي، وأشجع المزيد من الشباب على أن يحذوا حذوها.
إن ما نحتاج إلى القيام به الآن هو محاكاة نجاح تجربة البحرين على المستوى العالمي، وأن ننهي التفاوتات العالمية في مجال اللقاحات، وأن نوزع اللقاحات العديدة المتاحة لنا على جميع البلدان التي تحتاج إليها. وفي الوقت نفسه، يجب أن نشجع المزيد من الناس على الحصول على التطعيم، وأن نطلب منهم المساعدة في تحقيق أهدافنا المتعلقة باللقاحات.
ومن خلال القيام بذلك، يمكننا ضمان عدم تحملنا المزيد من المآسي، والمزيد من الأحزان، والمزيد من الإرهاق وبالخصوص المزيد من "المتحورات" التي يمكن أن تقاوم اللقاحات الموجودة، وتُرجعنا مرة أخرى إلى المربع الأول. وسأواصل تقديم هذه الرؤى الدقيقة أثناء الحدث رفيع المستوى بشأن اللقاحات، والذي سأنظمه يوم 25 فبراير من هذا العام.
وفي المحصلة؛ لا يمكننا أن ننجح إلا بدعم جماعي من المجتمع الدولي. وأنا واثق بأننا سنكون في مستوى التحدي. يمكننا تطعيم العالم. يمكننا هزيمة كوفيد ويمكننا أن نتطلع إلى الاحتفاء ببداية العام المقبل بروح احتفالية، تاركين هذا الوباء خلف ظهورنا.