تشارك مملكة البحرين العالم احتفاله باليوم الدولي للتعليم، في الرابع والعشرين من يناير من كل عام، تقديراً لقيمة التعليم ورسالته التنويرية والحضارية واعتزازًا بإنجازاتها المتواصلة في توفير فرص وإمكانات التعليم الجيد والشامل للجميع، وفي إطار احترامها لحقوق الإنسان وحرصها على ترسيخ المجتمع المعرفي ودعم أهداف التنمية المستدامة في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وبدعم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله.وتشكل هذه المناسبة التي تحمل في نسختها هذا العام عنوان "تغيير المسار، إحداث تحوُّل في التعليم" ، فرصة للتأكيد على ما قطعته مملكة البحرين من خطوات واثقة وطموحة نحو مزيد من الإنجازات في دعم وتطوير العملية التعليمية، استكمالاً لتاريخها العريق في مجال التعليم النظامي منذ عام 1919 للبنين، وعام 1928 للإناث، وإدراكًا لأهمية التعليم في ترسيخ القيم الوطنية والإنسانية ودعم السلام والتنمية الشاملة والمستدامة في ظل الرؤية الملكية السامية التي أكدها جلالة الملك المفدى أمام المجلس الوطني بتاريخ 11/10/2015 بشأن "تطوير ومتابعة مضمون المناهج الدراسية التي تعزز الولاء والانتماء الوطني، وتُثبّت قيم التسامح والاعتدال، ونشر المعرفة"، بما يسهم في تقوية شخصية المواطن واعتزازه بدينه وقيمه ووطنه وعروبته، وإسهامه في التقدم الاجتماعي والاقتصادي والعلمي والتقني، بنص الدستور وقانوني "التعليم" و"التعليم العالي" لسنة 2005.واستندت مملكة البحرين في نهضتها التعليمية المستدامة ووفقًا للرؤية الملكية السامية على خمسة ركائز أساسية، أولها: تعزيز الرسالة التربوية والوطنية في المناهج التعليمية وتدريس قيم المواطنة والتسامح ومبادئ حقوق الإنسان، وثانيها: الاستثمار في العنصر البشري وضمان جودة العملية التعليمية وتنمية روح الإبداع والابتكار ورفع كفاءة الكوادر التعليمية والأكاديمية وفق أفضل الممارسات العالمية، وثالثها: زيادة الإنفاق الحكومي على قطاع التعليم من 87 مليون دينار عام 1999 إلى 332 مليون دينار عام 2022 ليمثل 13.4% من إجمالي المصروفات المتكررة، و2.4% من مصروفات المشاريع، وانعكاساته على تقدم الخدمات التعليمية، كمًا ونوعًا. ورابعها: توفير التعليم العادل والمنصف للجميع في إطار المساواة بين الجنسين والاهتمام بمختلف الفئات الخاصة، مما أدى إلى رفع نسبة الطالبات إلى 47% من إجمالي الطلبة في التعليم الأساسي، و52% في البكالوريوس والدبلوم العالي، و45% من حملة الماجستير و34% في الدكتوراه بحسب الإحصاءات الرسمية لعام 2020، وتمثل المرأة 50% من الكوادر الأكاديمية، هذا إلى جانب دمج الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة في البيئة المدرسية، من فئات الإعاقة الذهنية البسيطة ومتلازمة داون والتوحد والمكفوفين والصم، وتوفير الأجهزة المساندة لهم، وتخصيص قناة للتربية الخاصة على اليوتيوب، بالإضافة إلى توفير أجهزة الحاسب الآلي للطلبة المحتاجين ضمن حملة (فينا خير) للمؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، في سياق مشروعاتها الخيرية، وخامسًا: عززت مملكة البحرين من تميزها في توظيف تقنية المعلومات والاتصالات الحديثة في تطوير الخدمات التعليمية، واستدامتها في ظل التحول الرقمي وتنفيذ توجيهات جلالة الملك المفدى في كلمته السامية أمام المجلس الوطني بتاريخ 11 أكتوبر 2020 بخصوص تطوير التعليم عبر المنصات الافتراضية والتوجه "نحو اكتساب وامتلاك معارف وتقنيات علوم المستقبل، والتفوق في العلوم المتقدمة كعلوم الفضاء بفوائدها العلمية والبيئية، وعلوم الطاقة الذرية باستخداماتها السلمية لخدمة الإنسانية".وفي ضوء هذه القيم والمبادئ الحكيمة والرؤى العصرية، حققت مملكة البحرين إنجازات رائدة بشهادة منظمة اليونسكو التي وضعتها ضمن الدول ذات الأداء العالي في تحقيق أهداف التعليم للجميع، وفي المرتبة الأولى عالميًا في مؤشرات الالتحاق بالتعليم الثانوي والعالي وفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي بشأن التنافسية والفجوة بين الجنسين لعام 2018، والأولى عربيًا في التعليم وفقًا لتقرير مجموعة بوسطن الاستشارية 2018 و2019، ومؤشر رأس المال البشري للبنك الدولي 2018، وتصنيفها ضمن الدول المتقدمة ذات "التنمية البشرية العالية جدًا" وفقًا لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2020، وحصدها مراكز متقدمة عالميًا في العديد من المؤشرات العلمية والتقنية الفرعية لتقرير "مؤشر المعرفة العالمي 2021"، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة.وفي ظل الاوضاع الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا على العالم أجمع، فقد أثبتت مملكة البحرين ريادتها للعالم في الدمج بين التعليم النظامي والتعلّم عن بعد، مع مراعاة الإجراءات الاحترازية حفاظًا على الصحة والسلامة العامة لجميع الطلاب والكوادر التعليمية في مواجهة جائحة فيروس كورونا، بفضل تمتعها بمنظومة متطورة ومتكاملة للاتصالات وتقنية المعلومات، محققة إنجازات مشهودة في برنامج التمكين الرقمي في التعليم، منذ انطلاقه بأمر ملكي عام 2015، بعد نجاحات مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل، عبر تطوير المحتوى الرقمي والبوابة التعليمية، وإنتاج (1429) حصة تعليمية متلفزة لمختلف المراحل التعليمية الابتدائية والإعدادية والثانوية اعتبارًا من 22 مارس 2020 ولنهاية مايو 2021 بالتعاون بين وزارتي الإعلام والتربية والتعليم، وبثها يوميًا على قناة البحرين الرياضية الثانية وإعادة بثها على (14) قناة يوتيوب، وتطوير التعليم الفني والمهني في 11 مدرسة، ومتابعة المؤسسات التعليمية والجامعية والتدريبية الحكومية والخاصة جهودها في مجال التعليم الإلكتروني، وتعزيز التحول نحو الاقتصاد المعرفي والاستثمار في علوم المستقبل بعد إنشاء الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء في فبراير 2014، وتدشين مجلس التعليم العالي للاستراتيجية الوطنية للبحث العالمي للسنوات (2014-2024)، والتوسع في تدريس تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المدارس والجامعات، والترخيص لعشر جامعات أمريكية وبريطانية وفرنسية مرموقة، والنهوض بدور المؤسسات التعليمية والتدريبية ضمن مشاريع خطة التعافي الاقتصادي، بتدشين مدينة الملك عبدالله الطبية وكلية الهندسة بجامعة البحرين، وافتتاح المبنى الجديد لمعهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية في خليج البحرين، وتطوير مخرجات التعليم بما يلبي متطلبات سوق العمل.إن مملكة البحرين، بفضل التوجيهات الملكية السامية وتضافر جهود فريق البحرين بقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء لماضية في إنجازاتها التنموية والحضارية في تطوير الخدمات التعليمية وبناء المجتمع المعرفي والرقمي وطنيًا وعالميًا، من خلال عضويتها الفاعلة في مكتب التربية الدولي التابع لمنظمة اليونسكو، ومواصلة رسالتها العلمية والتنويرية من خلال كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي في جامعة لاسابينزا الإيطالية، واحتضانها للمركز الإقليمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصال التابع لليونسكو، ومنح "جائزة اليونسكو - الملك حمد لاستخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصال في مجال التعليم" في دورتها الثالثة عشرة لعام 2021 حول موضوع "استخدام التكنولوجيا لتمكين أنظمة التعلم الشاملة القادرة على مواجهة الأزمات"، وغيرها من المبادرات في دعم الابتكار والاقتصاد الرقمي، بما يدعم أهداف التنمية المستدامة.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90