يُقدم كتاب (أول الرؤى سلمان) الذي صدر عن مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات"، جُهدًا مُخلصًا للقراءة في شخصية ومسيرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، الذي عايش المسؤولية مُنذ طفولته المُبكرة.

ويأتي نشر هذه الحلقات عن فصول الكتاب (أول الرؤى سلمان)، في إطار الحرص على إثراء الذاكرة الوطنية، وإتاحة الفرصة أمام الأجيال القادمة لقراءة النهج الوطني لرجالات البحرين واستخلاص العبر والدروس من تجاربهم، وإبراز دور القيادة في صياغة مبادئ وقيم العمل الوطني والتنموي في المملكة.

يتتبع الفصل السابع من الكتاب الذي حمل عنوان "رؤى سلمان في مواجهة تحدي كورونا"، الاقتدار الذي أظهرتهُ المملكة في مواجهة هذا التحدي والتخفيف من أثره، والموازنة الدقيقة والحكيمة بين التداعيات الصحية والاقتصادية، التي كانت دليلًا قاطعًا على نجاعةِ رؤى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله وفعاليتها، ولحظةٍ فارقةٍ أظهرت مدى العمق المؤسسي وصلابة الأدوات الإدارية المُتبعة في البحرين، التي تأتت من هذه الرؤى بإشادةٍ دولية.

وكان لتوجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، بشأن التصدي لجائحة فيروس كورونا، وقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء للجهود الوطنية في التصدي للفيروس الأثر البالغ في جعل مملكة البحرين نموذجًا ومثالًا يُحتذى في التناغم، والمُبادرة للتصدي لهذه الجائحة.

فمُنذ بدء إنتشار الفيروس عالمياً بادرت اللجنة التنسيقية برئاسة سموه حفظه الله بعقد الاجتماعات ، لمواجهة الخصم غير المرئي للإنسانية، وترأس سموه على الفور اجتماعًا لهذه اللجنة يوم الثلاثاء 11 فبراير 2020م، وتم تشكيل الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس كورونا لمتابعة الإجراءات الخاصة بالتعامل مع الفيروس.

ولقد أعطت مملكة البحرين نموذجًا حيًا في التصدي لجائحة فيروس كورونا، بقيادة سموه، واستحقت إشادات دول العالم والمُنظمات الدولية والشعوب، بتجربة المملكة وفريق البحرين في التعامل مع هذا التحدي، من الناحية الصحية، والعلاجية، والإنسانية، والتقنية، الذي استطاع بجهوده المُتميزة أن يُحقق مُنجزاتٍ ملموسةٍ ومشهودة على هذه المُستويات كافة.

وظلَّت توجيهات صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله هي الرابط والمُنظّم لكُل الجهود الوطنية للتغلب على هذا التحدي، مُنذُ إعلانه "أنه يتوجب علينا بذل استطاعتنا جميعًا لحفظ سلامة وصحة المواطنين والمُقيمين، وكُلنا جنودٌ في ساحة مواجهةٍ واحدة، وأن عدونا اليوم هو فيروس كورونا (كوفيد-19) لا المُصابين به، وهذه المواجهة مرحلية ستنتهي بالحد من انتشار الفيروس، وستبقى وحدتنا وتضحياتنا من أجل سلامة الوطن والمواطنين والمقيمين شاهدةً عبر التاريخ".

بدأت مملكة البحرين تحتذي نموذجًا خاصًا ومُتفردًا في مواجهة هذا التحدي، فجميع القرارات التي اتُّخذت في خضمّ الجهود البحرينية لمُكافحة فيروس كورونا المُستجد انسجمت مع القوانين السائدة والمُطبقة في المملكة، فقد حرصت مملكة البحرين على عدم المساس بحق الأفراد، وضمان حُرية تحركهم وتنقلهم، مع مُراعاة السلامة العامة للمُجتمع، وقد راهنت على ثقافة ومسؤولية المواطن والمُقيم، من خلال تتبعه لإرشادات الفريق الوطني للتصدي لفيروس كورونا (كوفيد-19)، ووزارة الصحة والوزارات المعنية الأخرى، وهو ما تحقق بنجاحٍ باهرٍ ومُميز.

وكانت ثقة المواطنين والمُقيمين في موازاة ذلك تتعزز وتتعمق، نتيجة التعامل الحكومي المسؤول الذي يُراعي الخصوصية، والمُلتزم بحقوق الإنسان المريض واحتياجاته ومُساندته نفسيًا، بجانب اتخاذ الإجراءات العلمية والطبية المطلوبة لمُساعدته على تجاوز المرض، والعودة لاستئناف الحياة، بحيث تصبح الحالة القائمة عاملًا مُساعدًا في احتواء المرض، وتقليل فرصة تحوله لناقلٍ يؤدي إلى نقل العدوى للآخرين، وهو ما كان ليتأتّى لولا هذه الإدارة المُحنّكة، التي تفهمت التحديات من مُختلف الزوايا، ولم تترك شيئًا للصدفة أو التجربة، ووقفت بجانب الاجتهاد المُخلص والمسؤول.

وقد انعكس ذلك فعليًا على المؤشرات والأرقام، التي خلص إليها استطلاع رأي المُجتمع البحريني، الذي نفذه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات"، حول تأثير تحدي فيروس كورونا المُستجد (كوفيد-19) على العادات والسلوكيات المُجتمعية، وكان أبرزها أن غالبية ساحقة من المبحوثين يُعتبرون أنفسهم جزءًا من الفريق المُكلف بمواجهة الفيروس، ما يعني أن الفريق تمكن من الوصول إلى كُل أفراد المُجتمع، وحوَّلهم خلال وقتٍ وجيزٍ وبسهولة إلى شركاءٍ يُسهمون وبقوةٍ في نجاح الخطط التي تم اعتمادها، وتحقيق الأهداف التي حددها.

وقد حظيت هذه الإنجازات بتكريمٍ من قبل حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، عندما وجّه خطابًا قال فيه: "بالنيابة عن الجميع، يطيب لنا أن نُجدد الشكر الخالص والامتنان العميق لولي عهدنا الأمين، على مُتابعته الحثيثة وإدارته لـ"فريق البحرين" في التعامل مع مُتطلبات الظرف الراهن، باستباقه للعديد من الإجراءات العلاجية والاحترازية ذات الكفاءة العالية، والاستمرار في التعامل المسؤول مع مخاطر الوباء للقضاء عليه، بعونٍ من الله، مع تقديري الكبير لفريق البحرين الطبي على جهوده التي تصل الليل بالنهار، وبنتائجٍ ترتقي لمُستوى الحدث".

وكانت مملكة البحرين من أوائل الدول التي أشادت بها مُنظمة الصحة العالمية، وما اتخذته من إجراءاتٍ احترازية، شكلت مثلًا أعلى، وصورةً أبهى، للانضباط والتماهي مع الشفافية الدولية بكافة مؤسساتها، إذ تجاوزت في ذلك خطط وبرامج الدول المُتقدمة، والمشهود لها في إدارة الأزمات، وكانت البحرين تخط بمدادٍ من ذهب سبقًا دوليًا جديدًا، بسبب تميّز إجراءاتها مُقارنةً بدول العالم الأخرى.

فبفضل الجهود الحكومية، وتنفيذ خطة متطورة لمواجهة التحدي، تصدرت البحرين دول العالم في نسبة شفاء مُصابي فيروس كورونا فيما حظيت جهود فريق البحرين الوطني لمُكافحة فيروس كورونا بإشادةٍ محليةٍ وخليجيةٍ وعربيةٍ ودوليةٍ واسعة، سواءً على مُستوى الخدمات الطبية، أو على المُستوى الاقتصادي والاجتماعي، وغيرها من الإجراءات التي لاقت استحسانًا شعبيًا، مُعتبرة المملكة من أبرز دول العالم في التصدي للفيروس.

لفتت تجربة البحرين في مُحاربة ومُكافحة فيروس كورونا وإدارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، انتباه الجميع، نظرًا لنسب الشفاء العالية في المملكة، وهو الأمر الذي عبرت عنه دولٌ شقيقة، تبادلت الرأي والمشورة مع الفرق الطبية البحرينية، نتيجة ما اتخذته من استعداداتٍ وإجراءاتٍ صحيةٍ لازمة، وتكاتف الجميع لمنع انتشار الفيروس، حيث أن الاستراتيجية الوطنية في مملكة البحرين أثبتت كفاءتها في التعامل مع الفيروس، عبر مسارات العمل المُختلفة، من فحصٍ، وحجرٍ، وعزلٍ، وعلاج، وكان لها الأثر – ولله الحمد – في تعافي الحالات القائمة، إلى جانب تتبع الاتصال والمُخالطة، وقد أشادت هذه الوفود بتجربة البحرين في مجال البروتوكول العلاجي، وآلية تقصّي الأثر للحالات المُخالطة للحالات القائمة، إلى جانب الاحتياطات المُتخذة بشأن طُرق الحفاظ على صحة الكوادر الصحية، بتوفير جميع المُستلزمات الوقائية التي توفر لهم الحماية اللازمة.

لقد انبرى صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، بكُل ما عُرف عنه من حنكة وذكاء في إتخاذ القرارات، وسُرعةٍ في اتخاذ الاجراءات اللازمة، فجعل من البحرين شجرةً وارفة الظلال، تفيِّء كُل من ينتمي إليها بالمحبة والرعاية.

لم يكن غريبًا على أهل البحرين ما قدمه سموه، من جُهدٍ مُخلص، أدّى الى حصر الجائحة وكبح جماحها، ووضع آثارها في أدنى المراتب العالمية، بفضل السُرعة والمُبادرة والمهارة، التي عُرف بها سموه في التعامل مع الأحداث الكبار، وما كان غريبًا على سموه، هذا النجاح الذي أحرزه لمملكة البحرين وقدمه هديةً لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه.

إن النظر في الجهود البحرينية، والسعي لاستخلاص العبر والدروس منها، يتمثّل في الوعي المُبكّر بضرورة الموازنة بين جهود مُكافحة الفيروس، على مُستوى التدابير الصحية، والعمل على استمرارية الأنشطة الاقتصادية، ما أعطى دفعةً قويةً وطويلة المدى، مكّنت مملكة البحرين من الأداء بصورةٍ مُتميزة، وتطلب ذلك من الفريق الوطني العمل على مدار الساعة للتصدي لجائحة فيروس كورونا، وعلى رأسه صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، الذي استطاع أن يُشخّص المُشكلة على المدى البعيد، وأن يوظّف كُل الطاقات المُمكنة، للخروج بنموذجٍ أصبحت دولٌ كثيرة تُدرك أنه الطريق الصحيح الواجب اتخاذه، مما يؤكد تفرّد الحالة البحرينية.

ولعلّها تعتمد أساسًا على تلمّس القيادة لتطلّعات المُجتمع البحريني، وقُدرتها على التواصل البنّاء والإيجابي مع جميع أفراده، فهذه القيادة اليقظة، الحاضرة على الدوام، استطاعت أن تُثبت للجميع مدى نفاذها لفهم وتشخيص ووضع الحلول للتحديات التي تواجه البحرين.

لقد سجلت مملكة البحرين سابقة الريادة وسابقة الفوز، في هذه المعركة العالمية ضد تحدي جائحة فيروس كورونا، وسيذكر التاريخ، بوميضٍ من العز والفخار، دور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، الذي خطط ونفّذ، فكان نعم المُخطّط ونعم المُنفّذ.