خلال لقاء جمعية "التعافي" بالمستشار الأسري حمد الخان..

"انعدام الحوار والصحبة السيئة.. من أهم أسباب التعاطي"..


أكد المستشار الأسري والتربوي لمرحلة الطفولة والمراهقة السيد حمد محمد الخان أن من أهم أسباب انجراف الشباب اليوم لطريق الإدمان يكمن في أمرين، غياب الدور الأسري، والصحبة السيئة، حيث أوضح "الخان" الذي يقدم برنامجاً خاصاً عن المتعافين بالتعاون مع جمعية التعافي من المخدرات، أن أغلب الحالات التي تنجر نحو الإدمان جاءت نتيجة لأسباب لا يتحملها الشاب بالدرجة الأولى، وأن أسباب التعاطي تكاد تكون متشابهة مع جميع الحالات التي قام بلقائها ودراستها.

وبيّن المستشار الأسري والتربوي الذي يقوم بلقاء عدد من المتعافين بشكل دوري عبر منصات التواصل الاجتماعي وحوارهم في شأن التعافي وما بعد التعافي - دون الإفصاح عن هوياتهم -، أن أغلب المتعافين كانوا يعانون من الضرب، المقارنة، الصراخ، التهميش، الإهمال، انعدام الحوار، غياب الأهل لفترات طويلة، خلافات الزوجين أمام الأبناء، النقد المستمر، عدم التقبل، عدم وجود قدوة، عطفاً عن الصحبة السيئة وتأثيرهم الكبير على مستقبل الشاب، مضيفاً: "دور الأسرة يتصل هنا أيضاً بمتابعة الأبناء، من يصاحبون؟ من يتابعون على منصات التواصل الاجتماعي؟ من رفقاؤهم في العالم الافتراضي؟".

وحول البرنامج الإعلامي الذي يحاور فيه المستشار حمد الخان المتعافين بالتعاون مع جمعية "التعافي من المخدرات"، أشار الخان إلى أنه بدأ بالتعاون مع الجمعية منذ سنة تقريباً من خلال المقاطع التوعوية التي تطرح الحلول والاستشارات التربوية والأسرية، ثم أتت فكرة الجلوس مع المتعافين وسؤالهم والاستماع إليهم، مؤكداً أنه يريد إيصال الصورة للناس بشكل مباشر، مردفاً: "كما قيل، ليس الخبر كالمعاينة".

كما نوّه الخان أنه من خلال لقائه بالمتعافين اكتشف الكثير من الأمور لا سيما من خلال الغوص في أعماق هذه الشخصيات والتعرف على أسرارهم التي لم يجدوا أذناً تسمعهم فلم يستطيعوا البوح بها، حيث قال: "التقيت بالمتعافين شخصياً، وسألتهم أسئلة متعلقة بالجانب التربوي والأسري، وكيف كانت حياتهم في الطفولة، وهل كان الجانب التربوي له دور في لجوئهم لعالم الإدمان؟ - عافانا الله جميعاَ وثبتهم على الطريق المستقيم -، وقد تبين لي مدى استفادتهم من البرامج المقامة في جمعية التعافي من المخدرات وخاصة في الجانب النفسي والديني والاجتماعي والصحي وبناء الطموح وغيرها..".

وبالنسبة للمجتمع، فقد وجّه المستشار حمد الخان رسالة خاصة لجميع المؤسسات التربوية والتعليمية والأسر كذلك، لفت من خلالها أهمية أن تكون نظرة المجتمع اليوم مليئة بالشفقة والرحمة تجاه هؤلاء المدمنين، فهم - كما وصف - "إخواننا"، وقال: "يجب أن نساعدهم ونقف معهم، ونتأسى بقول النبي صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، (متفق عليه)".

وعزز الخان رسالته بضرورة مد أيدي المساعدة من قبل الجميع، "لا بد من تكاتف الجهود كافة.. من وجهة نظري، دور الأسرة هو الأساس والأهم، ولكن دور المجتمع لا يقل أهمية، من جهات مختصة وجمعيات وإعلام وصحافة وما شابه، لا بد من عمل منهج خاص وآلية متبعة لمتابعة هؤلاء المدمنين، وكذلك متابعة المتعافين في مرحلة ما بعد التعافي، أين وصلوا؟ وهل ما زالوا ملتزمين ببرنامج التعافي؟ وهل استطاعوا الانخراط مرة أخرى في المجتمع؟؟".

وبالنسبة عمّا يحمله هؤلاء الشباب من قدرات معطلة، صرح الخان: "أنا شخصياً سمعت من الشباب المتعافين أنفسهم أنهم اكتشفوا مواهب وإمكانيات لديهم كانت مخفية بسبب الإدمان والطريق المسدود الذي كانوا يعيشون فيه، الآن منهم من هو ماهر في النجارة، ومنهم من هو ماهر في لعب كرة القدم أو الأعمال اليدوية وما شابه..".

وفي هذا الإطار ثمّن السيد حمد الخان البرامج التي تقدمها جمعية التعافي من المخدرات التي تعيد لهؤلاء الشباب اكتشاف أنفسهم من جديد، حيث ذكر أن الجمعية تقدم برامج في المجال الاجتماعي، الرياضي، اكتشاف المواهب وتنميتها، المحاضرات الدينية، البرامج العلاجية والنفسية، وغيرها، ناصحاً المؤسسات والجهات المعنية بزيادة الوعي المجتمعي، وتكاتف الجهود في غرس القيم ووضع البرامج النافعة للمتعافين الشباب.

وختم السيد حمد محمد الخان المستشار الأسري والتربوي لمرحلة الطفولة والمراهقة كلمته بتوجيه رسالة خاصة للمدمنين وبالتحديد لمن يخجل من طلب المساعدة، "تذكر أننا لبعض، وأننا إخوة نساعد ونرسم لك الطريق الصحيح الذي سلكه من كان مثلك سابقاً والآن هو إنسان آخر، يشعر أن له قيمة وهدف في هذه الحياة وأن أسرته أطفاله يحتاجونه، فلا يضيع هذه الفرصة على نفسه..".

الجدير بالذكر أن جمعية التعافي من المخدرات هي الجمعية الوحيدة على مستوى البحرين والثانية على مستوى الشرق الأوسط التي تقدم الخدمات العلاجية دون مقابل لمرضى الإدمان من مملكة البحرين ودول مجلس التعاون، وقد افتتحت أبوابها في مارس 2012، واستقبلت على مدار السنوات الماضية مئات المرضى من مختلف الجنسيات خضعوا لبرنامج علاجي متكامل، أما بالنسبة إلى المرضى الذين يتعرضون للانتكاس، فدائماً ما يوجد لهم مكان في الجمعية لتلقي العلاج مرة أخرى حتى يصلوا إلى بر الأمان.