تثير أصول يخفيها مليارديرات روس في الولايات المتحدة، مطالبات مدعومة من الجمهوريين والديمقراطيين، لرفع الستار عن "السرية المالية"، وهي تركيبة مفضّلة لحماية الملكية في البلاد، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

وأشارت إلى أن مسؤولين من نيويورك إلى ألاسكا، يسعون إلى معلومات بشأن شركات مجهولة ذات مسؤولية محدودة، تمارس أعمالها في ولاياتهم، وفي بعض الحالات بعد كشف أن ثمة مليارديرات روس وراء تركيبة الشركة.

وسيستند ذلك إلى قانون أُقرّ على المستوى الفيدرالي قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، ويلزم الشركات ذات المسؤولية المحدودة بالإفصاح عن مالكيها إلى وزارة الخزانة.

وذكرت الوكالة أن هذه الجهود لا تزال في مراحلها الأولى، معتبرة أنها ستشكّل تغييراً كبيراً في تركيبة يعود تاريخها إلى عام 1977، عندما كانت وايومنغ أول ولاية تنشئ شركة ذات مسؤولية محدودة.

وتقود نيويورك هذا الأمر الآن، علماً بأن ممتلكات في مانهاتن، مرتبطة بالملياردير الروسي أوليج ديريباسكا، الخاضع لعقوبات الآن، استخدمت شركة ذات مسؤولية محدودة من ولاية ديلاوير.

"قانون شفافية الشركات"

وقال السيناتور الديمقراطي عن ولاية نيويورك، براد هويلمان الذي رعى مشروع قانون في هذا الصدد: "يشعر الناس بصدمة لدى معرفتهم المزيد عن هذه الثغرة في القانون، التي تسمح بعدم كشف (هوية) المشترين. من المؤكد أن التركيز على الأثرياء الدوليين الذين دعموا نظام (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، أدى إلى إعادة الاهتمام بهذه الجهود".

الاقتراح المقدّم في نيويورك، والذي يمكن التصويت عليه هذا الشهر، سيكون واحداً من أبرز المحاولات حتى الآن للتراجع عن السرية المالية في الولايات المتحدة، التي اعتُبرت هذا الأسبوع الدولة الأكثر تواطؤاً في مساعدة الأفراد على إخفاء الثروة، بحسب "شبكة العدالة الضريبية". ونالت الولايات المتحدة أسوأ تصنيف، منذ بدأت المجموعة بإصدار تصنيفها، في عام 2009.

وستذهب نيويورك خطوة أبعد من "قانون شفافية الشركات"، الذي أُقرّ في واشنطن العام الماضي، وستصبح أول ولاية تتّبع إصلاحاتها الخاصة في الإفصاح عن المعلومات، ما يفتح الباب أمام طلبات المواطنين لحرية المعلومات، بموجب قانون الولاية.

ويمكن أن يمسّ ذلك 1.6 مليون شركة ذات مسؤولية محدودة، تعمل داخل حدود الولاية، بحسب "بلومبرغ".

مشروع القانون لم يرقَ إلى حدّ إنشاء سجل عام على الإنترنت، يمكن أن يساعد في التأكد من عدم استخدام شركات أو شراكات أو صناديق ائتمانية أخرى، لإخفاء هويات المالكين الحقيقيين. ويُعدّ مدافعون عن الشفافية، اقتراحاً منفصلاً في هذا الصدد.

وقال أندريس كنوبل، وهو باحث أساسي في "شبكة العدالة الضريبية" بشأن الملكية النفعية، إن الولايات المتحدة "في حاجة ماسة للحاق بالركب"، نظراً إلى أن دولاً أخرى تعتمد هذا النظام منذ سنوات.

"شركة مجهولة الهوية"

أثارت العقوبات التي فُرضت على بوتين وحلفائه الأثرياء، بعد غزو أوكرانيا، مخاوف من لندن إلى نيويورك بشأن قدرة الشركات الوهمية المجهولة على تعقيد جهود إنفاذ القانون.

وقالت النائبة الديمقراطية عن نيويورك، كارولين مالوني، التي رعت "قانون شفافية الشركات"، إن مشروع القانون في الولاية "سيكشف العالم الغامض للشركات ذات المسؤولية المحدودة في نيويورك"، التي تسمح لأوليجارشيين وآخرين بإخفاء أصول.

إضافة إلى ديريباسكا استحوذ مليارديرات روس، من رومان أبراموفيتش إلى ديمتري ريبولوفليف، على عقارات في نيويورك من خلال شركات ذات مسؤولية محدودة، بحسب سجلات الملكية في المدينة ووثائق محكمة، علماً أن الولايات المتحدة لا تعاقب أياً من هذين الأمرين.

وقال غاري كالمان، المدير التنفيذي لمنظمة "الشفافية الدولية" في الولايات المتحدة: "الولايات المتحدة هي أسهل مكان في العالم لفتح شركة مجهولة الهوية. نريد أن نكون دولة صديقة للأعمال. ومع ذلك، هذا لا يعني أنهم يستحقون السرية التي يمكن أن تمسّ بمجتمعاتنا".

"كوكتيل رعاة البقر"

تشمل الجهود الأخرى اقتراحاً من ولاية ألاسكا، بإعداد قاعدة بيانات عامة لملكية الشركات ذات المسؤولية المحدودة، ومناقشة في وايومنغ حول إصلاح قطاع الائتمان، بعدما كشفت "أوراق باندورا" استخدام الملياردير الروسي إيجور ماكاروف لما يُسمّى "كوكتيل رعاة البقر"، وهي هيئة ائتمان تختفي وراء شركات وهمية. فرضت كندا عقوبات على ماكاروف، لكنه ليس معاقباً في الولايات المتحدة.

وقال النائب الديمقراطي عن ألاسكا، زاك فيلدز: "نحن نجهل حتى إلى أيّ مدى يستغلّ لاعبون أجانب قوانين الائتمان. من الصعب التقييم، نظراً إلى أن ثمة درجة عالية من التعتيم".

أما بالنسبة إلى وايومنغ، وهي موطن لصناعة ائتمان بقيمة 31.5 مليار دولار، فإن التغييرات المهمة في السياسة الضريبية لا تزال "بعيدة المدى"، كما قال السيناتور كال كيس.

وشارك رايان جورول، من "تحالف المساءلة المالية وشفافية الشركات" (مقره واشنطن)، في إيجازات تشريعية أخيرة بشأن إصلاحات الكشف عن المعلومات في الولاية، وكذلك وايومنغ وألاسكا.

وقال: "نيويورك هي واحدة من أكثر الأسواق التجارية والعقارية المرغوبة في العالم، ويريد فاسدون ومتهرّبون من العقوبات وأطراف سيئة أخرى، الوصول إلى تلك الأسواق من دون الكشف عن هويتهم. نيويورك تقول أساساً: كفى".

واقترح هويلمان إصلاحات في عام 2017، بعدما كشفت تحقيقات بشأن برج الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، استخدام مشترين كثيرين لشركات ذات مسؤولية محدودة، لكن ذلك لم يبلغ عتبة الكونجرس.

وقال هويلمان: "من الصعب تصديق أن أحداً لا يعرف مَن يمتلك مساحات شاسعة من العقارات في أجزاء من منطقتي، مثل شارع المليارديرات".