بقلم: ميرزا النشيط

السياحة ليست موسيقى.. وليست منظراً جميلاً لغروب الشمس نستمتع به ثم يتلاشى، السياحة كما أطلق عليها خبراء الاقتصاد، صناعة بلا دخان، والصناعة لها مصانع، والمصانع تنتج المال، والمال ركيزة اقتصاد كل بلد.

صدور المرسوم الملكي من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم حفظه الله ورعاه في استحداث الوزارة جاء ليضع بوصلة السياحة في الاتجاه الصحيح، فقد ظلت السياحة لسنوات عديدة بدون استراتيجية أو خطط واضحة لها، فقد كانت منذ التسعينات مع الآثار وبعدها مجلس الوزراء ومن ثم تحت الثقافة وبعدها تحت الإعلام والتلفزيون وأخيراً الصناعة والتجارة.

إن الرؤية الاقتصادية 2030 لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، تخطط أن تكون السياحة إحدى روافد الاقتصاد الوطني غير النفطي، وكانت لسموه تجربة مماثلة وهي إحياء تجارة اللؤلؤ عبر السياحة بعد أن كانت مهنة صيد اللؤلؤ مهمشة ومجرد نزهة، جعل منها منتج سياحي عالمي وأصدر لها قوانين تنظم رحلات الغوص مع مكاتب السياحة والآن مدرجة ضمن برامج مختلف جنسيات سياح العالم.

تعتبر وزيرة السياحة في البحرين ثاني وزيرة للسياحة في منطقة دول الخليج العربية بعد وزيرة السياحة في سلطنة عُمان عام 2004.

نحن المرشدين السياحيين عملنا عن قرب مع الوزيرة عندما كانت نائب الرئيس التنفيذي لهيئة البحرين للسياحة والمعارض، وهي ذات شخصية منفتحة تتقبل وجهات النظر الأخرى والأخذ بها، كما يشهد لها الجميع بالتواضع، وهي حاصلة على بكالوريوس في إدارة الأعمال / تسويق، وكانت مديرة التخطيط الاستراتيجي، ومن يملك هذا التخصص يعرف كيف يدير استراتيجيات الأعمال في جميع المحطات.

يقع على عاتق الوزيرة العبء الأكبر في تأسيس قاعدة سليمة لمنظومة السياحة، وكم نحن متشوقون لنرى الضوء يمتد إلى الوظائف المعتمة التي انحسر عنها توظيف البحرينيين وأن تشمل خطة التأسيس خلق وظائف للمواطنين في عدة قطاعات كالسفر والسياحة والضيافة والإرشاد السياحي والعلاقات العامة والتسويق.

وهناك عدة أمور تحتاج إلى البت فيها وتصحيح وضعها ومنها على سبيل المثال العمل على استقطاب البواخر السياحية لتكون مملكة البحرين المرفأ الرئيسي لانطلاقها إلى دول الخليج الأخرى، بدلًا من أن تكون مجرد عبور ليلة واحدة كما هو عليه الحال.

بالإضافة إلى دعم برامج ومشاريع المرشدين السياحيين لجعل هذه المهنة مستدامة توفر دخل مادي إلى عائلاتهم، وجعلهم شركاء مهنة في منظومة السياحة، والمساهمة في إعادة النظر بخصوص مناهج التخرج الحالية في جامعة البحرين لطلبة قطاع السياحة، لتتضمن برامج تدريب عملية وزيارات ميدانية ليكونوا أكثر تأهيلًا لتتماشى مع متطلبات سوق العمل، وكذلك العمل على تعزيز السياحة الداخلية للمواطنين والمقيمين والسياح، وبرنامج الجولات السياحية للاطلاع على الإرث التاريخي في مدينة المنامة يعتبر أحد النماذج الموفقة، ولدى المرشدين السياحيين الاستعداد التام بالتعاون مع الوزارة لإنجاح نهضة السياحة وتقديم أفضل الخدمات لضيوف المملكة.

إن برامج الأعراس مشروع مستدام منذ 2016، وممكن تطويره مستقبلاً وجعل له فريق عمل وإدارة أو قسماً منفرداً يختص بالترويج للمشروع، وهناك دول جعلت من الأعراس دخلاً اقتصادياً رئيساً كاليونان عملت على برنامج الحوافز «incentives» لاستقطاب المتزوجون وخصصت لهم جزيرة أطلقت عليها (جزيرة الأحلام) يتوافد عليها من جميع أقطار العالم.

يجب أن لا ننسى نحن اليوم نواجه تحديات ومنافسة في قطاع السياحة من دول الجوار وفي مقدمتهم المارد القادم من السعودية بمشاريع تفوق الواقع لكنها الواقع مؤهلة بسحب البساط.

تتوفر في البحرين جميع عناصر النجاح من وجود الكادر البحريني المؤهل والإرث التاريخي من البيوت التراثية والبنية التحتية والقوانين والتشريعات الميسرة للاستثمار.

ومهما كانت التحديات المحيطة بنا، فإن البحرين لديها رونقها الأصيل كبريق اللؤلؤ ولها عشاقها من الأصدقاء والزوار والسياح، ولابد أن تأخذ مكانتها الإقليمية والعالمية، وإن استحداث وزارة للسياحة فهو الضوء الأول.

* رئيس أصدقاء دلمون المرشدين السياحيين بجمعية تاريخ وآثار البحرين - الممثل الإقليمي للاتحاد العربي للمرشدين السياحيين