بلومبرغ
خط الأنابيب يعمل بنحو 40% من طاقته فقط بعد انتهاء أعمال الصيانة.. وتوقعات بمزيد من الاضطرابات
مسؤولون أوروبيون يتهمون روسيا باستخدام الطاقة كسلاح مع اقتراب فصل الشتاء.. والكرملين يرفض الاتهامات
تستعد أوروبا من جديد لاضطرابات محتملة في إمدادات الغاز من روسيا، حتى بعد إعادة تشغيل خط أنابيب "نورد ستريم" المهم، عقب انتهاء أعمال الصيانة هذا الأسبوع.

توقفت التوربينات، التي تساعد في ضخ الغاز، في ألمانيا أثناء نقلها، بعد أن تقطعت بها السُبل في كندا بسبب العقوبات، فيما حذّر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين من تقلّص شحنات الغاز عبر "نورد ستريم" - أكبر خط أنابيب روسي إلى القارة – في حالة لم تتم إعادة التوربينات إلى روسيا في الأيام المقبلة.

يستعد السياسيون ورجال الأعمال بكافة أنحاء الاتحاد الأوروبي لاحتمال قطع روسيا مزيد من إمدادات الغاز، أو إيقافها تماماً، لذلك تتسابق دول الاتحاد الأوروبي لبناء مخزوناتها، بينما تواجه أزمة طاقة تاريخية تسببت فيها الحرب الروسية في أوكرانيا، وهي الأزمة التي قد تُلحق أضراراً اقتصادية جسيمة مع انتشارها عبر القارة.

قالت بيني ليك، محللة أبحاث الغاز والغاز الطبيعي المسال في أوروبا لدى شركة "وود ماكنزي" (Wood Mackenzie Ltd): "من المتوقع مزيد من الاضطرابات في ظل زيادة روسيا ضغوطها السياسية والاقتصادية على أوروبا مع اقتراب الشتاء".

انتهاء الصيانة

منذ انتهاء الصيانة يوم الخميس الماضي، يعمل خط "نورد ستريم" بنحو 40% من طاقته، نفس معدل تدفق الغاز تقريباً قبل أعمال الصيانة.

قد ينخفض مستوى التشغيل إلى 20% في وقت قريب خلال الأسبوع المقبل إذا استمر تأخر التوربينات، حسبما أعلن "بوتين"، حين قال في وقت سابق من هذا الأسبوع إن اثنين فقط من التوربينات في محطة ضخ روسية تعمل حالياً، أحدهما يحتاج إلى الصيانة هذا الشهر، وإذا لم تصل قطع الغيار من كندا إلى روسيا قريباً، ستنخفض الإمدادات.

ملحمة التوربينات

لم يكن موقف مكونات التوربينات واضحاً. بدايةً من أمس الجمعة، تقطعت السُبل بالتوربينات البديلة في مكان غير معروف في ألمانيا، نظراً لأن روسيا لم تقدم الأوراق اللازمة لإتمام عملية الشحن، وفقاً لشخص مطلع على الأمر. لكن "غازبروم" الروسية قالت إنها لم تتلق المستندات المطلوبة من شركة تصنيع التوربينات "سيمنز"، كما أنه ليس لديها التزامات إضافية تجاه الشركة الألمانية حتى تتسلم تلك المكونات.

قال سيمون تاغليابيترا، الزميل البارز لمركز "بروغل" (Bruegel) للأبحاث: "تقوم روسيا بلعبة استراتيجية تتعلق بإمدادات الغاز إلى أوروبا ترتكز إلى الحفاظ على استمرار إمدادات ضعيفة بدلاً من التوقف، ما يقلل عزم أوروبا لخفض الطلب على الغاز، بينما يجب ألا تقع أوروبا في ذلك الفخ وتواجه الأزمة بغض النظر عن أي شيء".

اتهم مسؤولون أوروبيون، من بينهم وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بربوك، روسيا باستخدام الطاقة كسلاح، وهو الاتهام الذي يرفضه الكرملين بشكل قاطع.

اقرأ أيضاً: "غازبروم" تطلب من "سيمنز" وثائق تسمح بإعادة توربين الغاز في ظل العقوبات

ارتفعت أسعار العقود الآجلة للغاز الهولندي، المؤشر القياسي الأوروبي، أمس الجمعة للجلسة الثالثة على التوالي، مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن الإمدادات.

المخزونات الروسية

بينما يبني الاتحاد الأوروبي مخزوناته من الغاز، تستعد موسكو أيضاً لفصل شتاء قاسٍ. حيث أعلن وزير الطاقة الروسي، نيكولاي شولغينوف الرئيس بوتين يوم الخميس بأن مستويات تخزين الغاز في البلاد تبلغ 81% من المطلوب حتى يُمكن تحمل ذروة الطلب خلال أشهر البرد.

قال "شولغينوف" خلال لقاء أَذاعه التلفزيون الرسمي: "نستعد لفترة صعبة مع تفهمنا الكامل بأن شركائنا في الدول غير الصديقة، على سبيل المثال، يتوقعون بقلق بالغ موسماً شديد التعقيد، لكننا على الجانب الآخر نعمل بشكل طبيعي وفقاً لخططنا وجداولنا الزمنية".

من المنتظر رؤية كيف يُمكن أن يتأثر إنتاج روسيا من الغاز عقب الانتهاء من التخزين المحلي إذا كانت هناك منافذ تصدير محدودة، في الوقت الذي تُظهر فيه بيانات "غازبروم" انخفاض إنتاجها بنحو 10% على أساس سنوي بحلول منتصف يوليو. وبينما تخفض روسيا إمدادات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا، دون مؤشر على عودتها لتعزيز الإمدادات، اختارت "غازبروم" عدم حجز توريدات غاز إضافية لشحن الوقود في أغسطس خلال مزاد شهري في وقت سابق من هذا الأسبوع.

أرجع "غولدمان ساكس" تقليص صادرات الغاز الروسي إلى عمليات التخزين المحلي، وإغلاق منافذ التصدير، فيما قالت سامانثا دارت، رئيسة أبحاث الغاز الطبيعي بالبنك، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" في وقت سابق من هذا الأسبوع، إن موسكو لديها خيار إعادة توجيه التدفقات عبر أوكرانيا، لكنها اختارت عدم القيام بذلك.

انتعاش الغاز

أشارت "دارت" إلى أن فرض روسيا شروطاً حتى تسير التدفقات بشكل كامل على المسار الصحيح يعكس "أن الأمر أكثر من مجرد توربينات، ومن المحتمل أن يكون قراراً سياسياً واقتصادياً أكثر من مجرد قرار تقني".

بينما لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن إمدادات خطوط أنابيب الغاز إلى أوروبا، شهدت القارة بعض الارتياح فيما يتعلق بواردات الغاز الطبيعي المسال، التي تدفقت بأحجام قياسية هذا العام، ما يرجع جزئياً إلى تراجع الطلب الآسيوي، نتيجة المخزونات الكافية وعمليات الإغلاق بسبب كوفيد في الصين، ما أعاد بيع بعض الشحنات في السوق الفورية.

أضافت "دارت": "في اللحظة التي يتحسن فيها النشاط الصيني، قد نرى ذلك يتغير بسرعة، وسيكون هناك عدد أقل من الشحنات المتاحة لأوروبا".