تواجه أوروبا العديد من التحديات، بما فيها التغير المناخي، والطلب المتزايد على الطاقة، وأزمة أوكرانيا، جميعها أدخلت القارة العجوز في حقبة جديدة.

إلا أن ألمانيا على وجه الخصوص، أصبحت في مأزق، إذ يعتمد أكبر اقتصاد في أوروبا على الغاز الروسي بشكل كبير في العديد من القطاعات، بما فيها قطاع الطاقة والصناعة.

ومع استمرار الأزمة الأوكرانية وتراجع واردات الغاز الروسي عبر خط "نورد ستريم 1"، تسارع ألمانيا من أجل إيجاد بدائل للغاز، إلا أن المهمة أقرب للمستحيل، ما يجعل أمام ألمانيا ضوء وحيد في نهاية نفق أزمة الطاقة، ألا وهو ضوء الطاقة الشمسية.

الطاقة الشمسية

يرى المدافعون عن استخدام الطاقة الشمسية من الأوضاع الراهنة فرصة جيدة للتوسع في استخدام الطاقة المتجددة، إلا أن التوسع في استخدام الطاقة الشمسية يتطلب وقتًا كبيرا.

وفي عام 2020، ولدت ألمانيا أكثر من 50 بالمئة من احتياجاتها من الكهرباء عن طريق الطاقة المتجددة، تصدرتها طاقة الرياح بتوليد نحو 27 بالمئة من الكهرباء في البلاد، ونحو 10 بالمئة من الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية، بحسب تقرير لموقع "دويتشه فيلي" الألماني.

وقبل اندلاع الأزمة في أوكرانيا شهر فبراير الماضي، تعهدت الحكومة الألمانية بأن ترفع قدرات إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة إلى 80 بالمئة بحلول عام 2030، على أن تصبح محايدة كربونيًا بحلول عام 2035.

وقال رئيس وحدة الخلايا الكهروضوئية بمعهد فراونهوفر بألمانيا، هاري ويرث، إن الحكومة الألمانية تستهدف إضافة نحو 250 جيجاوات من الطاقة الشمسية إلى مجمل إنتاج الكهرباء، مشيرًا إلى أن باستمرار الوتيرة القوية التي تسير بها الحكومة نحو الطاقة الشمسية، فإن ألمانيا قد تولد نحو 30 بالمئة من طاقتها الكهربائية من الشمس بحلول عام 2032.

وبرغم أن التوسع في استخدام الطاقة الشمسية يتطلب الكثير من الوقت، إلا أنها توفر حلا يمكن أن يكون فعالا ومفيدا بشكل كبير على كافة الأصعدة في المستقبل القريب.

ويرى ويرث أن الأزمة الأوكرانية دفعت الدول الأوروبية للتفكير بجدية أكبر للتوسع في استخدام الطاقة الشمسية كبديل آمن لتوليد الكهرباء بدلا من الغاز الروسي، لكنه أشار إلى أن التحدي الآخر أمام توسع أوروبا في الطاقة الشمسية، هو الصين.

الصين في المقدمة

بعكس أوروبا، أولت الصين اهتماما مبكرًا بتكنولوجيا الطاقة الكهروضوئية، إذ استثمرت نحو 50 مليار دولار للتوسع في إنتاج خلايا الألواح الشمسية، ليصبح إنتاجها منها أكبر 10 مرات عن إنتاج أوروبا.

وتمتلك الصين في الوقت الحالي نحو 80 بالمئة من قدرات إنتاج الألواح الشمسية في العالم، كما أنها الموطن لأكبر 10 موردين لمعدات تصنيع الخلايا الكهروضوئية.

وبهذه القدرات، بات بإمكان الصين أن تنتج مكونات الطاقة الشمسية بتكلفة أقل بنحو 35 بالمئة مقارنة بإنتاجها في أوروبا، ما يعني أن امتلاك الصين لهذه القدرات القوية يجعل من الصناعة عرضة لمشكلات سلاسل التوريد واختناقاتها.

ويمثل هذا تحديًا كبيرا للقارة الأوروبية، التي تبحث جاهدة عن حلول تدفعها للابتعاد عن استخدام الغاز الطبيعي بشكل قوي في أقرب وقت.

ولكي تضمن أوروبا التوسع السلس لاستخدام الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء، لا بد من أن تضخ المزيد من الاستثمارات للابتكارات في قطاع إنتاج الطاقة الشمسية كأولوية قصوى بالمرحلة الحالية.

ويؤكد ويرث أن الطلب على مكونات الطاقة الشمسية سيكون قويًا في المرحلة القادمة، ما يتيح فرصة جيدة للشركات الراغبة في ضخ استثماراتها بهذه الصناعة الواعدة.