منذ انهيار شبكة الكهرباء الحكومية في لبنان، اضطر الكثير من العائلات المنتمية للطبقة المتوسطة والعاملة إلى إنفاق معظم دخلها الشهري على مولدات كهرباء خاصة.

مع ذلك، يعيشون بدون كهرباء طوال نصف اليوم تقريبا، بحسب تقرير صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" الخميس.

ويهدد هذا الوضع بتعميق الفقر في هذا البلد المتوسطي الصغير المنغمس في انهيار اقتصادي مدمر.

وفي التقرير، وثقت "هيومن رايتس ووتش"، ومقرها نيويورك، معاناة أكثر من 1200 أسرة منخفضة الدخل في لبنان، وجاء في التقرير أن خدمات المولدات غالبا ما تكون مكلفة وأغلى بكثير من الكهرباء التي توفرها مؤسسة كهرباء لبنان.

وعلى المستوى الوطني، لا تستطيع أسرة واحدة من كل عشر أسر الاستفادة من مولد للحصول على الكهرباء عندما تقطع مؤسسة كهرباء لبنان التيار الكهربائي.

وبعد اقترابها من الإفلاس، تزود مؤسسة كهرباء لبنان الحكومية اللبنانيين الآن بأقل من ثلاث ساعات من الكهرباء يوميا.

وأخبرت معظم العائلات التي تحدثت إليها "هيومن رايتس ووتش" أنها تتنازل عن الطعام والتعليم والأدوية والاحتياجات الأساسية الأخرى لسداد تكاليف الكهرباء الإضافية.

وتستهلك فواتير المولدات حوالي 44 بالمئة من متوسط الدخل الشهري للأسرة، وضعفي ذلك بالنسبة للأسر الأكثر فقرا في البلاد.

وذكرت "هيومن رايتس ووتش" أن متوسط الدخل الشهري في لبنان 122 دولارا، حيث تكسب 40 بالمئة من الأسر حوالي 100 دولار أو أقل في الشهر، و90 بالمئة يكسبون أقل من 377 دولارا شهريا.

كما أخبرت معظم العائلات التي شملتها الدراسة "هيومن رايتس ووتش" أن فواتير المولدات الباهظة أثرت على قدرتها على دفع ثمن الطعام وتكاليف الخدمات الطبية وغيرها من الخدمات الحيوية.

وفي غضون ذلك، قال خُمس العائلات في التقرير، وهم الأفقر من بين الذين جرت مقابلتهم، إنهم لا يستطيعون دفع تكاليف الكهرباء التي تنتجها المولدات، ما يجعلهم يعيشون في الظلام طوال ساعات يوميا.

وقالت لما فقيه، مديرة "هيومن رايتس ووتش" في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في مؤتمر صحفي للإعلان عن التقرير إن عبء نقص الكهرباء في لبنان "يتحمله الفقراء بشكل غير متناسب".

ويقول برايان روت، كبير المحللين الذي ساهم في التقرير: "الوضع الحالي يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة، ويدفع اللبنانيين إلى أوضاع تنتهك حقوقهم الإنسانية، وتعيق وصولهم إلى الغذاء والماء والصحة".

ومنذ اندلاع الأزمة الاقتصادية في لبنان عام 2019، وقع أكثر من ثلاثة أرباع السكان البالغ عددهم ستة ملايين نسمة في براثن الفقر، ويعانون من أجل البقاء، وسط معدلات تضخم هي من بين الأكبر في العالم.

ازدادت وتيرة انقطاع التيار الكهربائي في لبنان بشكل كبير قبل عامين، عندما لم تعد الحكومة - التي تعاني من ضائقة مالية - قادرة على تحمل تكاليف استيراد الوقود من أجل محطات الكهرباء.

وبينما يتطلع معظم دول العالم إلى مصادر الطاقة المتجددة للتعامل مع أزمة تغير المناخ، يعتمد لبنان على مولدات الديزل الخاصة الصاخبة والملوثة والمكلفة للحصول على الكهرباء.

ويحث صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وخبراء الحكومة اللبنانية منذ سنوات على إعادة هيكلة قطاع الكهرباء، لكن السلطات تعثرت بشأن مجموعة إصلاحات طلبها صندوق النقد الدولي كشرط للموافقة على حزمة إنقاذ، ولكي ينفذ البنك الدولي صفقة مرتبطة بالكهرباء من شأنها أن توفر الغاز الطبيعي من مصر عبر سوريا لدعم شبكة الكهرباء التي تديرها الدولة في لبنان.