إرم نيوز
في خضم المنافسة الهادفة إلى إزاحة الصين عن مكانتها التي تحتلها كأرض لإقامة المصانع في العالم، تواجه دول مثل المكسيك والهند وفيتنام منافسا شديدا؛ إنها المناطق الداخلية الشاسعة في الصين.
وبعيدا عن المناطق الساحلية للصين، يتوسع التصنيع ذو التكاليف المنخفضة، حيث تبحث الشركات عن أراض وعمالة أرخص في المقاطعات الوسطى والغربية.
وفي السنوات الأخيرة، تسارعت حركة الانتقال مع ارتفاع تكاليف المصانع بسبب التعريفات الجمركية الأمريكية، ومع تركيز المدن الساحلية الكبرى في الصين على الصناعات الإلكترونية عالية التقنية والسيارات الكهربائية وصناعات أخرى متقدمة.
وكانت النتيجة ازدهار الصادرات في المقاطعات الداخلية في الصين، ما أدى لتقليل التسارع في المبيعات الخارجية الذي تمتع به المنافسون المحتملون للصناعات الصينية.
يساعد التطور الكبير الذي شهدته المناطق الداخلية في الصين في تعميق هيمنتها على مساحات شاسعة من التصنيع العالمي حتى مع تزايد قلق الدول الغربية من الصين كمورد للصناعات الحيوية كأشباه الموصلات والطاقة المتجددة.
ما تزال الصين تواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على مكانتها كدولة صاحبة اليد العليا، حيث أن تدهور التركيبة السكانية للصين يعني تقلص القوى العاملة في مجال التصنيع، وجفاف الاستثمار الأجنبي.
وتعرض الولايات المتحدة وحلفاؤها حوافز كتقديم الاعانات وأمور أخرى لإقناع الشركات بتبني بدائل للصين، رغم أنه من المرجح أن يستغرق التحول الكبير في مصادر الشركات سنوات عديدة، وفقا لاقتصاديين.
ومنذ بداية 2018، ارتفعت الصادرات من 15 مقاطعة صينية من المقاطعات الوسطى والغربية ارتفاعا صاروخيا بنسبة 94% مع توسع إنتاج المصانع إلى ما هو أبعد من منطقتي دلتا نهري "بيرل" و"يانغتزي" اللتين تعتبران غرفتا محرك الاقتصاد الصناعي للصين.
وفي الأشهر الـ12 وحتى آب، صدّرت هذه المقاطعات مجتمعة ما قيمته 630 مليار دولار أمريكي، أي أكثر من صادرات الهند البالغة 425 مليار، والمكسيك 590 مليار وفيتنام 346 مليار خلال الفترة نفسها.
وكذلك، نمت الصادرات من داخل الصين بسرعة أكبر من صادرات تلك البلدان على الرغم من تزايد الاهتمام بمواقع بديلة للتصنيع غير الصين.
ومنذ بداية 2018، ارتفعت الصادرات من الهند بنسبة 41%، وارتفعت الصادرات من المكسيك 43%، ومن فيتنام 56%. وجميع هذه الدول الثلاث استفادت من إعادة ترتيب سلاسل التوريد العالمية في أعقاب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وجائحة كورونا. وفي 2018، كانت صادرات المكسيك أكثر من صادرات الصين الداخلية، لكنها تخطتها في 2020.
ويقف خلف التحول إلى الداخل الصيني عدة عوامل؛ منها البحث عن العمالة.
وفي تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي، هجر ملايين الصينيين المناطق الريفية للعمل في المصانع المنتشرة في مدن الساحل.
واليوم ارتفعت الأجور في المناطق الساحلية بشكل حاد مع تنافس الشركات للاستحواذ على الكوادر.
ومن العوامل الأخرى البحث عن مساحات أرخص لاقامة المصانع عليها، والقيود الصارمة على المناطق الساحلية للتخفيف من التلوث، واعادة تقسيم المناطق الصناعية لغايات التنمية السكانية.