أيمن همام
«لا غنى عن الشباب لتحقيق مستقبل أكثر عدلاً وشمولاً واستدامة ومرونة». بهذه الكلمات المعبرة ختمت الأمين العام للكومونولث باتريشيا أسكتلندا تقرير مؤشر تنمية الشباب العالمي 2023، الذي تبوأت فيه البحرين المرتبة الثالثة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو ما يعكس جهود حكومة البحرين الحثيثة لتمكين الشباب وصقل مواهبهم وحسن إعدادهم لشغل المناصب القيادية في المستقبل.

القائمون على إعداد هذا التقرير قيّموا 183 دولة، وقاموا بتصنيفها وترتيبها وفقاً لمعادلة تشمل ستة مجالات لتنمية الشباب: التعليم، والتوظيف والفرص، والمساواة والشمول، والصحة والرفاهية، والسلام والأمن، والمشاركة السياسية والمدنية، وأعطوا لكل مجال منها وزناً تم على أساسه احتساب الدرجة النهائية لكل دولة.

اللافت للانتباه هو أنهم أعطوا الأوزان الأعلى لمجالات التعليم، والصحة والرفاهية، والتوظيف والفرص بنسبة 22% لكل منها بالتساوي، وفي الدرجة الثانية المساواة والشمول بنسبة 14%، وأخيراً مجالا السلام والأمن، والمشاركة السياسية والمدنية بنسبة 10% لكل منهما، وهو ما يبرز أهمية التعليم من وجهة نظر معدي التقرير.

بالفعل، التعليم هو أساس تنمية الشباب، بل هو عماد التنمية الاقتصادية لأي مجتمع ينعم بالازدهار وتتوافر فيه مقومات الحياة الكريمة، والبيئة الخصبة للقيام بالأعمال التجارية، فعندما تكون استراتيجية التنمية متجذرة في الالتزام بتحسين جودة الحياة للمجتمع وأفراده يكون الاقتصاد ناجحاً. لكن كيف يمكن تحسين جودة الحياة بدون توفير تعليم جيد؟

في دراسة أجرتها جامعة مقاطعة كولومبيا الأمريكية، تم وضع التعليم على رأس خمسة أعمدة أساسية للتنمية الاقتصادية، إلى جانب الرعاية الصحية، ووسائل الرفاهية، والبيئة، وتكنولوجيا المعلومات والمواصلات، وإذا نظرنا إلى الأعمدة الأربعة الأخرى التي حددتها الدراسة أدركنا بوضوح أنها لا تستقيم ولا تزدهر في غياب التعليم الجيد.

وخير دليل على أن التعليم هو العماد الأساسي للتنمية الاقتصادية هو أن القوى العاملة الناجحة التي يزداد الطلب عليها في اقتصاد اليوم هي تلك التي تتمتع بتعليم جيد ومهارات عالية وتشارك بفاعلية وكفاءة في أسواق الخدمات المتخصصة والتكنولوجيا والتصميم والابتكار، وغيرها من القطاعات الواعدة.

حكومة البحرين أولت تطوير منظومة التعليم اهتماماً فائقاً وعملت على توفير الفرص التعليمية المميزة، وبذلت جهوداً حثيثة للتوسع في البنية التعليمية الأساسية، وتطوير التعليم العالي والفني والمهني، واستحداث وتطوير المناهج الدراسية، وتشجيع الاستثمار في التعليم، وثمار هذه الرؤية نراها اليوم من خلال الإنجازات التي يحققها الشباب البحريني في المجال العلمي على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

ولكن بالعودة إلى مؤشر تنمية الشباب العالمي، وبالنظر إلى التقدم الذي أحرزته البحرين على المستوي العالمي، حيث قفزت من المرتبة الـ47 عالمياً في تقرير 2020 إلى المرتبة الـ32 في التقرير الأخير، نجد أنها كانت تحتل المرتبة الـ52 في مؤشر التعليم في 2020، بينما جاءت في المرتبة الـ61 في ذات المؤشر لعام 2023، ولكن هذا الانخفاض لا يعني تراجع التعليم في البحرين، بل هو يرجع إلى تقدم دول أخرى في مؤشر التعليم تحديداً.

الجيد أن البحرين تتفوق في مؤشر التعليم على دول أوروبية مثل قبرص ومقدونيا، ودول آسيوية كبرى مثل الصين والهند، فما بالنا لو تقدم مركز البحرين بمؤشر التعليم تحديداً في تقرير تنمية الشباب العالمي 2024، الذي لا يزال قيد الإعداد؟! من السهل توقع أن يحقق ترتيب البحرين العام على المستوى العالمي قفزة كبيرة تضعها ضمن الدول الأكثر تقدماً في مجال تنمية الشباب.