هبة محسن
لقد آن الأوان لوفاء الجامعات بمسؤولياتها في بناء الأجيال الصاعدة على أسس علمية سليمة، ولتكن تربيتنا علمية لا شرقية ولا غربية. والتربية العلمية هي فلسفة وشفرة لابد من امتلاك مفاتيحها، فهي نقطة اللقاء المناسبة لربط ودمج الجانب الأكاديمي والجانب التربوي، وهي أيضاً خبرة فريدة في نوعها وعظيمة في شأنها، كونها تتيح للطالب فرص لتنمية العلاقة المباشرة بينه وبين العالم الخارجي.
وعلى اعتبار أن المنهج الجامعي هو الوعاء الحاضن، والحزام الناقل لفلسفة التعليم العالي وأهدافه، فلزم الأمر في الوقت الراهن تغيير المفاهيم والسياسات التي تحكم عملية المناهج التعليمية في الجامعات، فالآن لابد أن يستند المنهج الجامعي بصورة صريحة أو ضمنية إلى فلسفة تربوية تساعد على رسم إطاره وتحديد أهدافه.
أما السؤال الذي يتبادر دائماً إلى الذهن هو كيف يختار خريجو الثانوية تخصصهم في الجامعة؟ ويتفق معظم الناس على أن التخطيط للجامعة جزء مهم جداً من التخطيط لوظيفة المستقبلو وإيجاد الجامعة المناسبة بعد التخرج من المدرسة الثانوية يلعب دوراً كبيراً في تشكيل المستقبل، كما أن اختيار التخصص أو مجال الدراسة شأن لا يقل أهمية؛ حيث يقضي معظم الخريجين حياتهم المهنية بأكملها في العمل في المجال الذي تخرجوا فيه من الجامعة.
ولكن لكي يتسنى للطلاب أن يتخذوا هذا القرار الهام، عليهم مراعاة بعض العوامل عند البحث عن الجامعات والتقدم إليها. سواء كانت التخصصات الأكاديمية التي يرغبون في دراستها، أو اسم الجامعة التي يرغبون في الالتحاق بها، أو النجاح الوظيفي الذي يتطلعون إليه بعد التخرج، وربما ما هو أكثر من ذلك ما يحتاجه سوق العمل الآن وليس أمس، كل ذلك يلعب دوراً كبيراً عند اتخاذ الخيار الأمثل للجامعة مما سيكون له تأثير كبير على حياة الطالب على الصعيدين الشخصي والمهني.
وتعتبر نقاط القوة الشخصية أحد أهم العوامل التي ينبغي مراعاتها عند اختيار التخصص الجامعي المناسب، فعلى سبيل المثال، إذا كان الطالب متفوق في العلوم والرياضيات ويحب حل المشكلات، فمن المناسب أن يختار تخصصات في مجال الهندسة أو الطب أو العلوم الطبية بشكل عام.
وإذا كان الطالب مهتماً بالتواصل مع الآخرين والعلوم الإنسانية، فقد يجد تخصصات الإعلام أو علم النفس أو اللغات مناسبة له أكثر من غيرها.
ومما لاشك فيه أننا في البحرين البلد، التي تحتضن العلم وتسعى من خلال توجهات قيادتنا الرشيدة إلى الارتقاء بوسائله ومنابعه، نحتاج إلى تضافر الجهود وتحديث أداء جميع المكونات المرتبطة بالعملية التعليمية سواء خاصة أو عامة، خاصة أن الدول التي حققت طموحاتها وارتقت بأدائها كان السبب الأول راجعاً إلى النتائج الجيدة التي يقدمها التعليم لسوق العمل من خريجين قادرين على التحديث والتطوير والابتكار والتحليل والتفكير في حلول عديدة قادرة على حل المشكلات التي تواجه قطاعات الإنتاج والخدمات.
أخيراً وليس آخراً، إننا نعيش كما نحن مقبلون على عصر جديد يحمل آفاقاً جديدة، وهذا العصر يلقي على عاتق معلمي اليوم مسؤولية كبيرة في تكوين شخصية الجيل الجديد لاحتواء هذا الكم الهائل من التكنولوجيا، التي يحملها الطالب معه أينما ذهب إلى المدرسة أو الجامعة، لذلك لابد من التحكم فيها، فلم يعد دور المعلم نقل المعلومة والمعرفة، بل أصبح دوره في ظل هذه الظروف هو تفهم وإدراك عقلية الطالب والتعامل معها بحكمة وحرفية.