عدنان أحمد يوسف
تمثل الاستدامة مستقبل الخدمات المالية والمصرفية، ففي ظل التحولات الجذرية المدفوعة بالتغيرات المناخية والتحولات الرقمية، التي يشهدها هذا القطاع اليوم، ومع شح الموارد وشدة المنافسة التي تواجهها البنوك، بات التحول إلى بنوك أكثر استدامة وكفاءة في استخدام الطاقة أمراً بالغ الأهمية، ومن هنا تبرز أهمية البنوك المستدامة، التي تسعى لتحقيق التوازن بين الأرباح والمسؤولية الاجتماعية والبيئية، وتساهم في بناء اقتصاد أخضر ومستدام من خلال دعم المشاريع الصديقة للبيئة، وتبني ممارسات عمل مستدامة.
ونحن في جمعية مصارف البحرين نحرص كل الحرص على دعم جهود الاستدامة في القطاع المالي والمصرفي في مملكة البحرين، في إطار التوجهات العامة للحكومة الموقرة، والمتابعة الحثيثة من مصرف البحرين المركزي، ورغم أن قطاع البنوك المستدامة يعتبر حديث العهد في البحرين، فإن العديد من البنوك قامت بخطوات واسعة على طريق تبني مبادئ الاستدامة، وتنفيذ المبادرات المبتكرة في هذا المجال، فقامت بتطوير أطر عمل خاصة للاستدامة، تغطي جوانب مختلفة، مثل الحوكمة البيئية والاجتماعية، والمسؤولية المجتمعية، إلى جانب إطلاق منتجات وخدمات مصرفية مستدامة، مثل التمويل الأخضر لقطاع الطاقة المتجددة.
ويقوم اتحاد المصارف العربية بدور حيوي في دعم البنوك الأعضاء في جهودها لتحقيق الاستدامة وكفاءة الطاقة، من خلال تقديم مجموعة من الخدمات الاستشارية والتدريبية، ومنها خدمات وضع أسس حوكمة الاستدامة وتنفيذها، وخدمات وضع رؤية واضحة للتغيير، وتوصيلها بشفافية إلى الموظفين وأصحاب المصلحة والعملاء، ومعالجة المخاوف، وتقديم التحديثات المنتظمة، وتدريب الموظفين على الممارسات المستدامة وكيفية رفع كفاءة الطاقة.
إلى جانب دعم التنفيذ التدريجي عبر تقسيم التغيير إلى مراحل يمكن إدارتها وتنفيذها تدريجياً، ما يقلل من الاضطراب، ويسمح بالتعديلات حسب الحاجة؛ لتحقيق الاستدامة ورفع كفاءة الطاقة، بالإضافة إلى المساعدة في تطوير آليات لمراقبة تحقيق الاستدامة، من خلال إنشاء قنوات رقمية للمراقبة، والتكيف حسب الضرورة، وتحديد مقاييس النجاح، وتقييم التقدم بانتظام، وتعديل الاستراتيجيات وفقاً لذلك.
يأتي ذلك في إطار ما تشهده منطقة الخليج والمنطقة العربية من تطور ملحوظ في مجال البنوك المستدامة، من خلال تمويل المشاريع الخضراء، والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتضع هذه البنوك الاستدامة في صميم استراتيجيتها، وتخصص موارد مالية وبشرية لتحقيق أهدافها البيئية والاجتماعية، وتعمل على تطوير مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات المصرفية الخضراء، مثل القروض الخضراء وسندات الاستدامة.
وتسعى البنوك العربية المستدامة لبناء شراكات مع الحكومات والمؤسسات الدولية، والمنظمات غير الحكومية، لدفع عجلة التنمية المستدامة، وتلتزم بنشر تقارير شاملة حول الأداء البيئي والاجتماعي، والالتزام بمعايير الحوكمة الرشيدة، إلى جانب تبني التقنيات الرقمية والابتكارات المالية لدعم الممارسات المستدامة.
وتلعب البنوك المستدامة العربية دوراً فاعلاً في تمويل المشاريع التي تساهم في التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، وتدعم البنوك المستدامة القطاعات الاقتصادية الواعدة، مثل الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة، ما يساهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، كما تعزز الممارسات المصرفية المستدامة ثقة العملاء والمستثمرين في القطاع المصرفي، إلى جانب دورها في تلبية تطلعات المجتمعات العربية نحو التنمية المستدامة.
لقد تغير مفهوم الخدمات المصرفية اليوم، ففي السابق كان مفهوم الاستدامة يعني القيام بالشيء الأقل ربحية، وقد أدرك العالم مؤخراً الحاجة الملحة إلى وضع أهداف التنمية المستدامة، التي تركز على تلبية احتياجات الناس اليوم دون المساس بحصة الأجيال القادمة، وبالطبع يشكل العمل المصرفي المستدام جزءاً لا يتجزأ من تحقيق هذه الأهداف.
إنّ التحول نحو بنوك أكثر استدامة وكفاءة في استخدام الطاقة يمثل فرصة كبيرة للقطاع المصرفي للعب دور رائد في بناء مستقبل مستدام، ومن خلال تبني التقنيات الحديثة وتغيير الثقافة المؤسسية، يمكن للبنوك تحقيق أهدافها التجارية والبيئية في نفس الوقت.
* رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين
{{ article.visit_count }}
تمثل الاستدامة مستقبل الخدمات المالية والمصرفية، ففي ظل التحولات الجذرية المدفوعة بالتغيرات المناخية والتحولات الرقمية، التي يشهدها هذا القطاع اليوم، ومع شح الموارد وشدة المنافسة التي تواجهها البنوك، بات التحول إلى بنوك أكثر استدامة وكفاءة في استخدام الطاقة أمراً بالغ الأهمية، ومن هنا تبرز أهمية البنوك المستدامة، التي تسعى لتحقيق التوازن بين الأرباح والمسؤولية الاجتماعية والبيئية، وتساهم في بناء اقتصاد أخضر ومستدام من خلال دعم المشاريع الصديقة للبيئة، وتبني ممارسات عمل مستدامة.
ونحن في جمعية مصارف البحرين نحرص كل الحرص على دعم جهود الاستدامة في القطاع المالي والمصرفي في مملكة البحرين، في إطار التوجهات العامة للحكومة الموقرة، والمتابعة الحثيثة من مصرف البحرين المركزي، ورغم أن قطاع البنوك المستدامة يعتبر حديث العهد في البحرين، فإن العديد من البنوك قامت بخطوات واسعة على طريق تبني مبادئ الاستدامة، وتنفيذ المبادرات المبتكرة في هذا المجال، فقامت بتطوير أطر عمل خاصة للاستدامة، تغطي جوانب مختلفة، مثل الحوكمة البيئية والاجتماعية، والمسؤولية المجتمعية، إلى جانب إطلاق منتجات وخدمات مصرفية مستدامة، مثل التمويل الأخضر لقطاع الطاقة المتجددة.
ويقوم اتحاد المصارف العربية بدور حيوي في دعم البنوك الأعضاء في جهودها لتحقيق الاستدامة وكفاءة الطاقة، من خلال تقديم مجموعة من الخدمات الاستشارية والتدريبية، ومنها خدمات وضع أسس حوكمة الاستدامة وتنفيذها، وخدمات وضع رؤية واضحة للتغيير، وتوصيلها بشفافية إلى الموظفين وأصحاب المصلحة والعملاء، ومعالجة المخاوف، وتقديم التحديثات المنتظمة، وتدريب الموظفين على الممارسات المستدامة وكيفية رفع كفاءة الطاقة.
إلى جانب دعم التنفيذ التدريجي عبر تقسيم التغيير إلى مراحل يمكن إدارتها وتنفيذها تدريجياً، ما يقلل من الاضطراب، ويسمح بالتعديلات حسب الحاجة؛ لتحقيق الاستدامة ورفع كفاءة الطاقة، بالإضافة إلى المساعدة في تطوير آليات لمراقبة تحقيق الاستدامة، من خلال إنشاء قنوات رقمية للمراقبة، والتكيف حسب الضرورة، وتحديد مقاييس النجاح، وتقييم التقدم بانتظام، وتعديل الاستراتيجيات وفقاً لذلك.
يأتي ذلك في إطار ما تشهده منطقة الخليج والمنطقة العربية من تطور ملحوظ في مجال البنوك المستدامة، من خلال تمويل المشاريع الخضراء، والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتضع هذه البنوك الاستدامة في صميم استراتيجيتها، وتخصص موارد مالية وبشرية لتحقيق أهدافها البيئية والاجتماعية، وتعمل على تطوير مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات المصرفية الخضراء، مثل القروض الخضراء وسندات الاستدامة.
وتسعى البنوك العربية المستدامة لبناء شراكات مع الحكومات والمؤسسات الدولية، والمنظمات غير الحكومية، لدفع عجلة التنمية المستدامة، وتلتزم بنشر تقارير شاملة حول الأداء البيئي والاجتماعي، والالتزام بمعايير الحوكمة الرشيدة، إلى جانب تبني التقنيات الرقمية والابتكارات المالية لدعم الممارسات المستدامة.
وتلعب البنوك المستدامة العربية دوراً فاعلاً في تمويل المشاريع التي تساهم في التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، وتدعم البنوك المستدامة القطاعات الاقتصادية الواعدة، مثل الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة، ما يساهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، كما تعزز الممارسات المصرفية المستدامة ثقة العملاء والمستثمرين في القطاع المصرفي، إلى جانب دورها في تلبية تطلعات المجتمعات العربية نحو التنمية المستدامة.
لقد تغير مفهوم الخدمات المصرفية اليوم، ففي السابق كان مفهوم الاستدامة يعني القيام بالشيء الأقل ربحية، وقد أدرك العالم مؤخراً الحاجة الملحة إلى وضع أهداف التنمية المستدامة، التي تركز على تلبية احتياجات الناس اليوم دون المساس بحصة الأجيال القادمة، وبالطبع يشكل العمل المصرفي المستدام جزءاً لا يتجزأ من تحقيق هذه الأهداف.
إنّ التحول نحو بنوك أكثر استدامة وكفاءة في استخدام الطاقة يمثل فرصة كبيرة للقطاع المصرفي للعب دور رائد في بناء مستقبل مستدام، ومن خلال تبني التقنيات الحديثة وتغيير الثقافة المؤسسية، يمكن للبنوك تحقيق أهدافها التجارية والبيئية في نفس الوقت.
* رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين