هبة محسندور كبير للأسرة في حماية الأطفال من الابتزازقال الباحث الاقتصادي وخبير تنمية الموارد البشرية والاحتيال الإلكتروني د. مشعل الذوادي إن الاحتيال الإلكتروني أصبح متشعباً، ولم تسلم منه أي شريحة مجتمعية حتى الأطفال، مؤكداً على أهمية حملات التوعية للتصدي لهذه الآفة، وكذلك أهمية دور الأسرة في حماية أبنائها من الابتزاز عبر وسائل التواصل الاجتماعي.وأشار إلى هذه الظاهرة أدت في بعض الحالات إلى الانتحار في أمريكا وكندا بسبب الابتزاز بصور ومشاهد جنسية، وقد باشرت الأجهزة الأمنية بدول العالم حملات توعوية خاصة بالأطفال والآباء لتحذيرهم من مخاطر استخدام ألعاب الحروب الجماعية، وإمكانية دخول المحتالين لابتزاز الأطفال.وأضاف الذوادي أن تقرير تحالف «We Protect Global Alliance» الصادر في الربع النهائي من عام 2023 أكد ارتفاع وتيرة التهديدات المستهدفة للأطفال، مبيّناً أن أحدث التقارير كشف زيادة في التهديدات على الأطفال بنسبة 87%، مع زيادة في الحالات عالمياً إلى 32 مليون حالة على النطاق العالمي، وكشف التقرير كذلك أن نسبة الصور الجنسية الملتقطة للأطفال زادت بنسبة 360% على الشبكة العنكبوتية للفئة العمرية من 7-10 سنوات لعامي 2020 و2022.وأوضح أن التقرير أشار إلى أن المحادثات التي يجريها الأطفال مع المبتزين عبر وسائل التواصل الاجتماعي تتحول بغضون 19 ثانية إلى محاولات استمالة، وأن الحالات المبلغ عنها آخذة في الازدياد، ففي عام 2021 بلغ عدد الحالات 137 حالة مبلغاً عنها، ولكن بعام 2022 بلغت 10 آلاف حالة فعلية، ما يستدعي تحركاً حكومياً ومجتمعياً.وبين أن منظمة حقوق الأطفال «Ecpat» أكدت مؤخراً وجود زيادة ملحوظة في هذه الحالات منذ حوالي عام ونصف العام، حيث انتقلت من حالة واحدة في الشهر إلى ما بين حالة واثنين في الأسبوع.ولفت الذوادي إلى أن ممثلة عن «Ecpat» قالت إن خط المساعدة الخاص بالمنظمة يتلقى عدة مكالمات كل أسبوع من صبية بأعمار بين 10 و17 عاماً، ممن خُدِعُوا من قبل عصابات منظمة موجودة في الخارج على غرار عمليات الاحتيال الرومانسية التي تُجْرَى على كبار السن.وعن كيفية عملية الاحتيال، قال الذوادي: «هناك عدة أمور يحدث من خلالها هذا الابتزاز، منها المعرفة المسبقة، فأحياناً يحدث الاعتداء في أعقاب علاقة في الحيز الحقيقي للطفل، أو عبر الشبكة من خلال مجموعات اللعب، ويشمل الحوار الجنسي، بما في ذلك المراسلة ذات الطابع الجنسي، والانتحال، حيث يدور الحديث عبر حساب وهمي ينتحل في العديد من الأحيان شخصية شاب أو شابة ليتواصل المعتدي مع الضحية، الذي يعتقد أنه يخوض علاقات شبه واقعية».واستطرد: «كذلك تنمية العلاقة وتطورها (grooming)، فعندما لا تكون هناك معرفة مسبقة بين المعتدي والمعتدى عليه، يتصل حساب المعتدي بالشابة أو الشاب مع ممارسة التلاعبات، من أجل بناء علاقة معه وبناء علاقات الثقة، ويعمل حساب المعتدي على بناء الولاء، لتتوطد العلاقات تدريجيّاً فيما بينهما، حيث تتطور خلالها العلاقة التي تتعزز باستمرار، حتى تبنى الثقة بين الطرفين، ثم يبدأ بينهما تبادل الهدايا الافتراضية، وبعض الكردت بالحساب لتوطيد العلاقة».وقال الذوادي: «ينتهي الأمر بالتهديد والابتزاز، حيث يطلب المعتدي من الضحية الحصول على صور وأفلام جنسية أخرى. وتتصاعد خطورة الأفعال والمطالب تدريجيّاً، ثم يهدد المحتال الضحية بنشر المضمون الجنسي أو بالتوجه إلى جهات الاتصال الخاصة بالطفل إذا عاند الطفل رغباته».وأوضح أن هناك ردود فعل تنتاب الطفل، على سبيل المثال ضائقة نفسية، وفقدان السيطرة على التعامل مع الآخرين، والقلق، والعجز، والذنب، والإحراج من المجتمع، وتقلبات المزاج، والإحباط والشعور بالخيانة، ما ينتج عنه انعكاسات سلبية في سلوك الطفل، مثل الانعزال الطويل في الغرفة، والامتناع من حضور اللقاءات الاجتماعية والأسرية، وإخفاء الهاتف المحمول، وانخفاض التحصيل العلميّ بالمدرسة، والتغيرات في عادات الأكل وارتداء الملابس، والإضرار بالنفس في بعض الحالات، والتقاعس عن الواجبات الدينية، وفي بعض الحالات لا يعي الطفل أصلاً أنه تعرض لاعتداء جنسي، فهو يعتقد أنه يخوض علاقات حقيقية وصريحة.وذكر أنه في معظم الحالات يخشى الطفل، أو يخجل من التحدّث عن تعرضه للاعتداء، ومن ثم يمتنع من إخبار ولي الأمر أو الأشخاص الكبار في محيطه المباشر.وينصح الذوادي ببعض الإجراءات الاحترازية لمواجهة الابتزاز الجنسي وهي: تصوير الشاشة وتوثيق الاعتداء، وتجنب حذف المراسلات مع المعتدي، ووقف مراسلة المحتال، وحظر حساب المحتال، وعدم الاستجابة للابتزاز أو التواصل معه، والمشاركة وإخطار الوالدين أو شخص كبير، والإبلاغ فوراً لنيابة حماية الطفل، والاتصال بالإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني 992 - في كل حالة اعتداء على القاصرين.،وتسجيل الخروج من الحساب مع استشارة جهة مهنية بذلك، والحصول على الدعم النفسي الذي توفره الإدارة لمثل هذه الحالات. وأضاف قائلاً «لكل ما سبق، يبقى عامل الرقابة على الأطفال مهماً حتى في عملية الدفع الإلكتروني لشراء بعض المعدات من اللعبة، والتي قد تؤدي إلى عملية اكتساب شامل لحساب البطاقة الائتمانية، وفي بعض الحالات تُسْحَب مبالغ ضئيلة للتظاهر بشراء بسيط، لذا يفضل التركيز على الطفل والاستفسار اليومي عمن كان يلعب معهم لتجنب تلك المحاولات التي يستخدمها المحتالون لغرض ابتزاز الأطفال والسعي لعمل ضغط نفسي، ومن ثم سلب الأموال.وتبقى الحماية من خلال التوعية ومتابعة الأخبار عن أمور الاحتيال؛ لأن هذه الآفة دخلت كل بيت على أرض الوطن، ما يجعل عملية التصدي لها واجبة لحماية الأسرة من دخول الغرباء».