تبرز بعض الأسواق والقطاعات الاقتصادية التي أثبتت قدرتها على التكيف والنمو، ما يعكس مرونة كبيرة في مواجهة الظروف العالمية المتقلبة.
وعلى الرغم من الضغوط التي قد تواجهها بعض الشركات في ظل ارتفاع أسعار المواد الخام، والقيود التجارية، والتوترات السياسية بين القوى الكبرى، إلا أن هناك العديد من الشركات التي تمكنت من التغلب على هذه العوامل وتحقيق نمو ملحوظ في أدائها، وهذه التحركات الإيجابية تبرز بشكل خاص في بعض الأسواق الآسيوية والهندية التي تتمتع بفرص نمو واعدة.
وفي الصين أسهمت القيود التجارية التي فرضتها الولايات المتحدة على بعض الصناعات في دفع الشركات الصينية نحو تعزيز قدرتها على الاكتفاء الذاتي، خاصة في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة مثل صناعة الرقائق والذكاء الاصطناعي، مما يشير إلى فرص كبيرة في هذه الصناعات في المستقبل القريب.
كما شهدت أسواق أخرى مثل الهند انتعاشًا واضحًا في شركات تصنيع المواد الكيميائية والمنتجات الاستهلاكية، مع زيادة الطلب المحلي والدولي، وهو ما يعكس قدرة الشركات في تلك الأسواق على التكيف مع التغيرات السريعة وتحقيق مستويات نمو مستدامة.
كما أن قطاع الطاقة، خاصة شركات تكرير النفط في آسيا، بدأ يشهد تحسنًا ملحوظًا، مع استفادتها من ارتفاع أسعار المنتجات النفطية وتزايد الطلب على الطاقة في أسواق جديدة، ما يخلق فرصًا استثمارية واعدة في هذا القطاع.
وبناءً على هذه الاتجاهات الإيجابية، يمكن القول أن الأسواق العالمية أصبحت أكثر تنوعًا وقدرة على مواجهة التحديات، مما يعزز من فرص الاستثمار ويُتوقع أن يساهم في تحقيق عوائد جيدة للمستثمرين في المستقبل القريب.
شركات تصنيع الرقائق الصينية
أدى فرض الولايات المتحدة لرسوم جمركية على المنتجات الصينية إلى تغييرات جوهرية في قطاع التكنولوجيا، وخاصة في صناعة الرقائق، ومن أبرز الشركات التي استفادت من هذه الإجراءات "سيميكوندكتور مانوفاكتشورينغ إنترناشيونال"، وهي إحدى الشركات الكبرى التي تعمل في صناعة الرقائق الإلكترونية.
وتسعى الصين إلى تعزيز قدراتها في تصنيع الرقائق مع ازدياد الضغط من جانب الولايات المتحدة، حيث تحاول تقليص اعتمادها على شركات التكنولوجيا الأمريكية في قطاع الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وبفضل الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، تتسارع هذه الجهود في الصين لتعزيز الاكتفاء الذاتي في تصنيع الرقائق، ما يدفع الشركات الصينية لزيادة استثماراتها في هذا القطاع.
وتعتبر هذه التحركات خطوة استراتيجية نحو المستقبل، حيث تسعى الصين لتكون قادرة على إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي محليًا، وهو أمر حاسم للقطاعات التكنولوجية المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية، وبهذا الشكل، استفادت الشركات الصينية المصنعة للرقائق من هذه التطورات، مما جعل أسهمها تشهد ارتفاعات قوية على مستوى السوق في الفترة الأخيرة.
شركات تصنيع المواد الكيميائية الهندية
في إطار المواجهة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، لم تكن الشركات الصينية وحدها هي المستفيدة، بل أيضاً منافسوها في الأسواق العالمية، وشهدت أسهم شركات تصنيع المواد الكيميائية الهندية ارتفاعًا ملحوظًا، بما في ذلك "يو بي إل" و "جوبيلانت إنجريفيا".
ويعتقد المتداولون أن الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين قد تفتح المجال لهذه الشركات للحصول على حصة أكبر في السوق العالمي على حساب الشركات الصينية، وقد تؤدي هذه التطورات إلى زيادة الطلب على المنتجات الهندية في الأسواق التي كانت تعتمد سابقًا على المنتجات الصينية.
إضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تستفيد الهند بشكل عام من الحرب التجارية، حيث يمكن أن تلجأ العديد من الشركات العالمية إلى التنوع في مصادر سلاسل التوريد، وبالتالي زيادة الطلب على المنتجات الهندية في مختلف القطاعات مثل المواد الكيميائية، البلاستيك، والصناعات الأخرى التي تشكل جزءًا من سلاسل التوريد العالمية.
شركات تصنيع القفازات الماليزية
في قطاع آخر، وهو صناعة القفازات الطبية، كانت بعض الشركات الماليزية من أبرز المستفيدين من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والشركات مثل "سوبرماكس كورب"، "توب غلوف" و"هارتاليغا هولدينغز" شهدت زيادة ملحوظة في أسهمها.
والرسوم الجمركية المفروضة على الصين فتحت الطريق أمام الشركات الماليزية لزيادة حصصها في الأسواق العالمية، خاصة في ظل تزايد الطلب على القفازات الطبية التي تُستخدم في العديد من الصناعات مثل الرعاية الصحية، والأغذية، والمختبرات. مع تزايد الطلب على القفازات، بسبب جائحة كورونا وغيرها من العوامل، كانت الشركات الماليزية في وضع مثالي لتوسيع أعمالها وجذب المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع.
شركات تكرير النفط الآسيوية
قطاع آخر شهد تفاعلات إيجابية نتيجة للرسوم الجمركية الأمريكية هو قطاع تكرير النفط في آسيا، فقد أشار المحللون إلى أن بعض شركات تكرير النفط الآسيوية قد تكون من بين المستفيدين من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على واردات النفط من كندا والمكسيك.
وتستفيد هوامش الأرباح لدى شركات التكرير الآسيوية نتيجة لارتفاع أسعار المنتجات النفطية، مما يعزز من جاذبية هذا القطاع في أسواق النفط العالمية.
التوقعات المستقبلية للأرباح في هذه القطاعات
بناءً على الوضع الحالي، يمكننا أن نتوقع أن تواصل بعض هذه الشركات الاستفادة من الظروف الاقتصادية العالمية الجديدة، والشركات التي تعمل في قطاع الرقائق الإلكترونية وقطاع المواد الكيميائية في الهند والشركات الماليزية المصنعة للقفازات قد تستمر في تحقيق أرباح كبيرة على مدار العام المقبل، حيث تشير التوقعات إلى أن الرسوم الجمركية ستستمر في تحفيز هذا النمو.
كما أن شركات تكرير النفط الآسيوية قد تظل في وضع قوي بفضل الرسوم الأمريكية على واردات النفط من كندا والمكسيك، مما يتيح لها مزيدًا من الفرص للتوسع في أسواق جديدة.