شارك أستاذ الموارد المائية، عميد كلية التربية والعلوم التقنية والإدارية بجامعة الخليج العربي، الأستاذ الدكتور وليد زباري، في حلقة نقاشية لكرسي اليونسكو حول "تحلية المياه في دول مجلس التعاون الخليجي: التحديات والفرص"، والتي عُقدت حديثاً خلال المؤتمر الدولي حول المواد المتقدمة والمستدامة في جامعة قطر بالدوحة، بمشاركة مجموعة من الخبراء الإقليميين.

وتحدث الدكتور زباري عن كيفية توطين تقنيات التحلية في دول المجلس، داعيًا إلى تحول استراتيجي من كون دول المجلس مستهلكة إلى أن تصبح قائدة ومبتكرة في صناعة التحلية، مشيراً إلى أن التحدي الرئيسي والاستراتيجي الذي يواجه دول المجلس هو: "كيف لنا أن نتحول من مركز عالمي للطلب على التحلية إلى مالكين وقادة في هذه التكنولوجيا".

وقال: "على الرغم من وجود التكنولوجيا في المنطقة منذ الخمسينيات وامتلاك دول المجلس لأكثر من نصف السعة العالمية، واعتمادها على التحلية في توفير مياه الشرب، فإن القيمة المضافة لصناعة التحلية في اقتصاداتها لا تزال محدودة. ولمواجهة هذا التحدي، هناك ضرورة لاتباع نهج متعدد الجوانب، وإنشاء نظام متكامل لصناعة التحلية".

وأضاف موضحًا: "يمكننا تحقيق ذلك من خلال إنشاء صندوق وطني أو خليجي لتمويل البحث والتطوير، واستخدام الصناديق السيادية للاستثمار في الشركات المتخصصة، وفرض متطلبات التوطين في المشاريع الكبرى".

وحول سؤال عن أولويات التوطين في سلسلة القيمة للتحلية، أوضح الدكتور زباري أن ميزة دول الخليج التنافسية الحالية تكمن في تمويل المشاريع وإدارتها، وقال: "لكن أولويتنا القصوى يجب أن تكون في البحث والتطوير والتصنيع عالي التكنولوجيا، لأن السيادة الحقيقية تكمن هناك". ولفت إلى مجالين رئيسيين يجب التركيز عليهما، وهما: توطين تصنيع الأغشية المتقدمة وتطوير أدوات تحسين العمليات بالذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن هذا ما سيحولنا من بناة إلى مبتكرين.

وفيما يتعلق بإدارة الطلب وتغيير ثقافة الاستهلاك، أشار إلى أن تغيير سلوك استخدام المياه هو تحدٍ اجتماعي وثقافي عميق، لافتًا إلى أن الحل لا يكمن في أداة واحدة، بل في "دمج الأدوات الاقتصادية والتقنية والاجتماعية معًا".وبيّن أن "الجمع بين أداتين، مثل رفع التعرفة مع الحملات التوعوية، يكون أكثر فعالية ويعزز كل منهما الآخر".

واستعرض التطورات الحاصلة في مجال رفع الوعي لدى المستهلكين في ظل التطورات الناشئة، مستشهدًا في الوقت ذاته بالتطور التكنولوجي في هذا المجال، مثل "التحول من الفواتير الشهرية إلى العدادات الذكية والتطبيقات التي تقدم بيانات آنية للمستهلك، حيث يمكنه التعرف على معدلات استهلاكه والتفاعل معها بالإيجاب المطلوب".

وعن دور التكنولوجيا المتقدمة والتقنيات الناشئة، ذكر أن الفرصة تكمن في "أن يكون التفكير غير محصور في تحسين محطة تحلية واحدة، وإنما بالنظر إلى النظام البيئي الكامل لإمدادات المياه". وأورد مجموعة من التطبيقات الواعدة مثل الصيانة التنبؤية التي "قد تطيل عمر الأصول بنسبة 20-30%"، والتنبؤ بالطلب، وتحسين كفاءة الطاقة.

وأكد في ختام الجلسة النقاشية ثقته في قدرة دول المجلس، إذ قال: "تمتلك دول الخليج رأس المال والبنية التحتية المركزية والإرادة السياسية لتصبح القائد العالمي في شبكات المياه المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مما يمكنها ليس فقط من تحسين أنظمتها، بل من خلق نموذج جديد قابل للتصدير للعالم".