أكد رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب أحمد السلوم أنّ اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة، الذي يصادف الثالث من ديسمبر من كل عام، ليس مجرد مناسبة احتفالية، بل هو وقفة لمراجعة السياسات والبرامج، وتجديد الالتزام الوطني تجاه واحدة من أنبل القضايا الإنسانية والاجتماعية، مشدداً على أن رعاية هذه الفئة الكريمة وتمكينها هو معيار رقيّ المجتمعات وصدق انتمائها لقيم العدالة وتكافؤ الفرص.

وأشار النائب السلوم إلى أن انعقاد «البرلمان البحريني لذوي الإعاقة» مؤخراً تحت قبة مجلس النواب شكّل محطة مفصلية في مسيرة تمكين ذوي الإعاقة، إذ أتاح المجال أمام الشباب والناشطين وأولياء الأمور لطرح رؤاهم ومطالبهم بشكل مباشر أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية، في محاكاة حيّة لعمل المجلس التشريعي.

وقد ركزت مداخلات المشاركين على أربعة محاور رئيسية، من بينها العمل والتمكين الاقتصادي، ملاءمة بيئة العمل، تطوير سياسات التعليم الدامج، وتيسير الحصول على الخدمات الصحية والاجتماعية، مع اعتماد شهادات التأهيل المهني كوثيقة رسمية معترف بها للتوظيف في القطاعين العام والخاص.

وأوضح النائب السلوم أن ما طُرح في «برلمان ذوي الإعاقة» من توصيات، ولا سيّما ما يتصل بزيادة فرص التوظيف وتوفير بيئات عمل مهيأة، يتقاطع بصورة مباشرة مع الجهود التشريعية الجارية في مجلس النواب، وفي مقدمتها مشروع القانون بالموافقة على تعديل بعض أحكام القانون رقم (74) لسنة 2006 بشأن رعاية وتأهيل وتشغيل ذوي الإعاقة، الذي يقضي برفع الحد الأدنى لنسبة تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في المنشآت التي تستخدم (50) عاملاً فأكثر من 2% إلى 4%. وقد جدد السلوم تأكيده تحت قبة المجلس أن هذا التعديل يمثل خطوة نوعية لفتح مسارات أوسع أمام ذوي الهمم في سوق العمل، وأنه ينسجم مع التوجهات القائمة في عدد من دول الجوار ومع ضمانات الدستور البحريني في الحق في العمل دون تمييز.

وشدّد النائب السلوم على أن جوهر التحدي لم يعد في وجود النصوص فقط، بل في التطبيق الصارم لأحكام القانون رقم (74) لسنة 2006، الذي أوجب على المنشآت الكبرى الالتزام بنسبة تشغيل لا تقل عن 2% من ذوي الإعاقة، ورتب على المخالفات غرامات وإجراءات رادعة بحق أصحاب الأعمال الذين يرفضون توظيفهم دون عذر مقبول. كما دعا إلى أن تُفعَّل آليات التنسيق بين وزارة العمل والجهات الرقابية، في ضوء الأرقام المعروضة حديثاً أمام المجلس بشأن وجود وظائف شاغرة مخصصة لذوي الإعاقة مقابل أعداد أقل من الباحثين عن عمل، مع ملاحظات على عدم التزام شريحة من المؤسسات بهذه النسبة القانونية، الأمر الذي يستوجب المتابعة والمساءلة وإحالة الحالات المتعسفة إلى النيابة العامة وفقاً لما ورد في مناقشات الجلسات الأخيرة.

سياق متصل، نوّه النائب السلوم إلى المقترح النيابي المستعجل الذي تقدّم به مع عدد من زملائه مؤخراً، والرامي إلى صرف مكافأة شهرية تحفيزية للأشخاص ذوي الإعاقة خلال فترة التحاقهم ببرامج التدريب والتأهيل في المراكز والمعاهد المعتمدة، إلى حين استكمال متطلبات التأهيل والحصول على الشهادات التي تتيح لهم دخول سوق العمل بثقة وكفاءة. مؤكداً أن هذا المقترح يأتي لسدّ الفجوة بين مرحلة التأهيل ومرحلة التوظيف، والتخفيف من الأعباء المالية على الأسر، وتحفيز الاستمرار في البرامج التدريبية، بما ينسجم مع الاستراتيجيات الوطنية في مجال التمكين الاقتصادي لذوي الإعاقة.

ولفت النائب السلوم إلى أن هذا المسار التشريعي في الفصل التشريعي السادس يتكامل مع مبادرات سابقة دعمها على صعيد تعزيز الوصول إلى الخدمات الحيوية، من بينها المقترح النيابي الذي تقدّم به مع عدد من النواب لإنشاء نظام اتصال مرئي للصم والبكم يتيح لهم إنجاز معاملاتهم الصحية والرسمية بيسر عبر قنوات مخصصة تستلهم التجارب الدولية المتقدمة في هذا المجال، في تأكيد مستمر على أن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لا تقتصر على فرص العمل فقط، بل تمتد إلى الحق في الاتصال والوصول والخدمة الكريمة.

وختم النائب السلوم تصريحه بالتأكيد على أن اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة مناسبة لتجديد العهد بأن يكون مجلس النواب منصّة دائمة لنقل صوت هذه الفئة وتحويل مطالبها إلى مقترحات بقوانين ومبادرات رقابية حقيقية، داعياً جميع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني إلى التعامل مع ملف الإعاقة باعتباره أولوية وطنية وإنسانية، وإلى الانتقال من لغة التعاطف إلى لغة الحقوق والالتزام، حتى تبقى مملكة البحرين نموذجاً إقليمياً في صون كرامة الإنسان وتمكينه، أياً كانت قدراته أو احتياجاته.