أصبح شح السيولة النقدية بالبنوك الليبية معاناة إضافية للمواطن، أنتجت عدداً من الآثار السلبية في حياته اليومية، وإن كان أقلها، بحسب شهادات سكان، جنون الأسعار.
وتوجه عدد من الليبيين إلى إيجاد سبل لتعويض نقص السيولة لتلبية متطلبات حياتهم اليومية، منها العمل في مختلف المهن التي من شأنها أن توفر نقداً بشكل يومي تمكنه من شراء الاحتياجات الضرورية كالغذاء أو الدواء أو مستلزمات أطفالهم بالمدارس وغيرها.
ترك الوظيفة واتجه للعمل في بيع الطيور
طارق (41 عاماً) يقف في بداية طريق تاجوراء الفرعي بسيارته الخاصة التي حولها إلى ما يشبه "سيارة الأجرة" دون ترخيص رسمي. وقال طارق "لقد أنشأت أنا وثلاثة أصدقاء لي خط نقل الطلاب والمواطنين إلى مناطق أقصى شرق العاصمة مقابل مبلغ زهيد سعياً منا لإيجاد حل لنقص السيولة".
وأضاف في حديث لـ"العربية.نت": "نترك في كثير من الأحيان الدوام الرسمي في الوظيفة لأنها لم تعد توفر لنا شيئاً، ونقف هنا خصوصاً في أوقات ذهاب الموظفين والطلاب صباحاً ورجوعهم مساء، ونجني مبالغ لا بأس بها يكفي المصروف اليومي لأسرنا".
سليم (48 سنة) موظف عاد لمهنة والده في الصيد
أما عادل، وهو طالب بالسنة الثالثة الجامعية، فقد قرر أن يعمل بائعاً بأحد محال الملابس في الفترة المسائية، معتبراً أنه "أصبح ثقلاً على والده الذي يتقاضى مرتباً تقاعدياً ولا يحصل إلا على جزء منه شهرياً".
وقال: "على الأقل أحصل على مرتب نهاية الشهر أتسلمه في يدي من صاحب المحل يكفيني مصاريفي الخاصة وبعض احتياجات دراستي"، مؤكداً لــ"العربية.نت" أنه تعرف على الفكرة من خلال زملاء له اتجهوا إلى ذات المجال "منهم من يعمل بائعاً في محل لبيع الخضار أو في مقهى" بعد أن عجزت أسرهم على توفير مصاريفهم .
سبل عديدة يسلكها الليبيون لتجاوز أزمة السيولة حتى بات بعضهم يستثمر خبراته السابقة، فسالم يعمل الآن في شركة لصيانة الأجهزة الإكترونية في الفترة المسائية، وقال "أيام دراستي في الكلية العسكرية في مجال الاتصالات والإلكترونيات، أكسبتني خبرة في هذا المجال والظروف اضطرتني للاستفادة من هذه المعرفة القديمة". أما ناجية فهي واحدة من خمس سيدات اتفقن على تكوين م
وليد يعمل في الخضار بسوق شعبية
جموعة للعمل في إعداد الحلويات ومتطلبات الأفراح، وأكدن أنهن نجحن في هذا المجال أسوة بغيرهن ممن يعلمن في أعمال منزلية مشابهة.
ومنذ ما يزيد عن العام والنصف تواجه البنوك الليبية أزمة نقص السيولة إثر توقف إنتاج النفط لعدة سنوات متأثراً بحالة الانقسام السياسي والفوضى الأمنية التي تعيشها البلاد، حيث يصطف المئات من المواطنين في طوابير طويلة أمام البنوك للحصول على ما يعادل ثلث مرتباتهم شهرياً بعد معاناة طويلة قد تكون الوقوف لثلاثة أيام أمام البنك ليصله الدور (متوسط المرتبات 700 دينار ويساوي الدولار الأميركي 1.40 دينار ليبيي).
ويوفر البنك المركزي المنقسم بين إدارتين ومحافظين في البلاد السيولة النقدية على بعض البنوك في المدن الكبرى مرة أسبوعياً بناء على جداول للتوزيع حيث تكون حصة كل مدينة بنكاً واحداً كل أسبوع، أما في المدن والمناطق البعيدة، لا سيما في جنوب البلاد، فيمر أكثر من ثلاثة أشهر دون أن تحصل البنوك هناك على مبالغ مالية لا تكاد تكفي حاجات السكان.