كشف تحقيق لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، مدى التغلغل الإيراني في جاره الغربي العراق، ليس فقط في الحرب التي تقودها بغداد ضد المتطرفين في أنحاء البلاد، وإنما أيضاً فيما يخص حياة الناس اليومين وطعامهم وشرابهم.
وأشار التحقيق إلى أنه داخل أي متجر عراقي لن يجد المتسوق تقريبا سوى المنتجات الإيرانية، من الحليب والزبادي إلى اللحوم والدجاج، كما سيضطر إلى استخدام الأسمنت وقوالب الطوب المجلوبة من إيران أيضاً، في حال رغبة الشخص في تشييد أي مبنى بالعراق.
وحتى المخدرات التي يتم تعاطيها في هذا البلد، تم جلبها على الأرجح من إيران وهربت عبر الحدود التي تتعمد السلطات الإيرانية تركها دون ضبط أو تشديد.
وبينما يلقي التحقيق اللوم على الولايات المتحدة التي غزت العراق عام 2003 وخرجت منه لتتركه مرتعاً للأطماع الإيرانية، فإنه يسلط الضوء على النفوذ الكبير الذي تملكه طهران على الأراضي العراقية بعد 14 عاماً على إسقاط نظام صدام حسين، العدو اللدود لإيران.
وعبر أنحاء العراق، تنتشر الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران، وعلى رأسها "الحشد الشعبي"، التي لا تقاتل فقط من أجل مزيد من النفوذ الإيراني، وإنما تعمل على تمويل الجماعات الموالية في سوريا ولبنان بالمقاتلين والسلاح.
و"الحشد الشعبي" يشارك في كل عمليات القوات العراقية العسكرية، ويشارك في الصفوف الأولى رغم ما ينسب له من انتهاكات بحق المدنيين في عدد من المدن التي ساهم في تحريرها من قبضة "داعش".
وحتى أكبر المسؤولين في الحكومة العراقية يتولون مناصبهم باختيار أو تدخل إيراني.
ويقارن التحقيق بين ما فعلته كل من الولايات المتحدة وإيران خلال السنوات الثلاث الماضية، فبينما كان هم واشنطن الأول دعم بعض الأطراف في المعركة ضد تنظيم "داعش"، وإعادة أكثر من 5 آلاف جندي أميركي إلى العراق، كثفت طهران جهودها للسيطرة على الجارة المفككة وإجهاض إلقاء أي بذرة تمكن بغداد من مزاحمتها عسكرياً مستقبلاً.
ولكي تضمن إيران نفوذاً قوياً في المنطقة، قوت شوكة حلفائها حتى البحر المتوسط، من العراق حتى سوريا مرورا بلبنان.
وتحدث وزير المالية العراقي السابق هوشيار زيباري إلى "نيويورك تايمز"، قائلاً: "التأثير الإيراني مسيطر ومهم"، متهماً طهران بإقالته من منصبه بعدما "ارتابت" بشأن علاقته بالولايات المتحدة.
وبيّن التحقيق أن التغلغل الإيراني في العراق جزء من مشروع إقليمي كبير، تهدف من خلاله طهران إلى تقوية شوكتها وزيادة تأثيرها في كل من سوريا ولبنان واليمن وأفغانستان.
وتنوع إيران من تأثيراتها ومساحات نفوذها داخل العراق، بين الشؤون العسكرية والسياسة والاقتصاد والثقافة.
وأشار إلى أنه بخلاف تشكيل ميليشيات وتدريب مسلحيها على الأراضي العراقية، تقود شركات إيرانية مشروعات مدنية بحتة في عدد من مدن العراق، منها على سبيل المثال تولي رفع وفرز النفايات في النجف، بقرار من مجلس المدينة.
وسياسياً كشف الصحيفة أن لإيران العديد من الحلفاء داخل البرلمان العراقي بإمكانهم المساهمة في تمرير مصالحها، كما أن تأثيرها في اختيار وزير الداخلية يكفل لها السيطرة على الوزارة بكافة أفرعها.