سجل اليورو ارتفاعاً قوياً خلال الأشهر الماضية أمام الدولار مدفوعاً بتنامي الشكوك حيال سياسة دونالد ترامب الاقتصادية، وإن كان يخشى أن يمثل هذا الارتفاع عبئاً على النمو لا سيما في منطقة اليورو.
يذكر أن الأسواق في مطلع السنة كانت تخشى فوز الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة في فرنسا وتعول على مشاريع ضخمة للبنية التحتية الأمريكية بعد وعود ترامب بإنفاق مئات مليارات الدولارات لإنعاش الاقتصاد كان من شأنها رفع التضخم وتحسين أسعار الفائدة والدولار.
لكن خلافاً لكل التوقعات وبعد أقل من ثمانية أشهر، ارتفع سعر اليورو بعد زوال شبح الشعبوية مع فوز إيمانويل ماكرون بالرئاسة في فرنسا وهكذا بلغ اليورو الأربعاء أعلى مستوى منذ بداية يناير 2015 ليصل إلى 1.19 دولار.
وتعد استعادة الثقة نبأ ساراً لأوروبا التي ظلت مسيرتها متعثرة منذ بداية الأزمة وباتت تسجل اليوم نمواً ثابتاً بلغ 0.6% في الربع الثاني مقارنة مع الربع الأول في البلدان التسعة عشرة التي تعتمد اليورو.
وفي الوقت الراهن، يبقى التأثير على النمو معتدلاً مع توقع سوبران تراجعاً من 0.1 نقطة في منطقة اليورو هذه السنة، ولكن في حال واصل اليورو ارتفاعه قد يبلغ هذا التراجع 0.3 إلى 0.4% السنة المقبلة.
وتتجه الأنظار الآن إلى البنك المركزي الأوروبي لكي يتدخل وينقذ الموقف، ويختلف وقع اليورو القوي على كل بلد، فألمانيا أكبر اقتصاديات منطقة اليورو، ليس لديها ما تخشاه في الوقت الراهن وفق هولغر شميدنغ الاقتصادي لدى بنك بيرنبرغ الذي يقول إن اليورو "لايزال بعيداً عن سعره المتوازن على المدى البعيد وهو 1,25 دولار".
لكن إيطاليا في المقابل ستكون "أكثر المتأثرين بتحسن سعر اليورو" وفق سوبران الذي يذكر بأن صادراتها تتقلب باستمرار تبعاً لسعر صرف العملة الأوروبية.
ويرى الاقتصاديون الفرنسيون أن السعر المتوازن لليورو هو 1.15 دولار، وأن ارتفاع اليورو "سينعكس بالطبع على قطاعات مثل الملاحة الجوية" وفق سوبران الذي يذكر مع ذلك بأن كبرى الشركات الفرنسية هي التي تصدر خارج منطقة اليورو وأنها برهنت في السابق على قدرتها على التكيف مع يورو قوي.
وفي الوقت الحالي، لا ينبغي أن يثير ارتفاع سعر اليورو قلق إسبانيا التي يذهب نصف ما تصدره إلى منطقة اليورو وثلثاها إلى الاتحاد الأوروبي، والتي نمت صادراتها بمعدل 5% خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2017 مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية.