بعد فورة ارتفاع في سعر صرف العملة الأميركية لنحو عامين، أخذ الدولار في التراجع منذ مطلع العام ليفقد نحو 10% من قيمته مقابل العملات الرئيسة هذا العام.
وكما كان لارتفاع سعر الورقة الخضراء أثر واسع، ليس على الاقتصاد الأمريكي فحسب ولا حتى على اقتصادات دول ما تسمى "مجموعة الدولار"، بل على الاقتصاد العالمي كله تقريباً، فكذلك الحال مع هبوط سعره.
ومع توقعات باستمرار منحى الهبوط هذا لفترة، فقد يفيد معرفة أثر ذلك التراجع، خاصة وأنه ليس بسبب قوة عملات رئيسة كاليورو والين ولا حتى بسبب عوامل طارئة مثل الأعاصير وأثرها السلبي على أميركا أو التوتر النووي مع كوريا الشمالية، بل يرجح البعض أنه نتيجة ضعف النمو في الاقتصاد الأمريكي.
ورغم توصل الرئيس، دونالد ترامب، لنوع من "التفاهم" مع المعارضة الديمقراطية في الكونغرس بشأن الدين الأمريكي "19.8 تريليون دولار"، إلا أن الضغوط على سعر صرف الدولار قد تستمر مع ظهور أرقام الاقتصاد الكلي للربع الثالث من العام.
الدولار عملة العالم
منذ سبعينيات القرن الماضي، وبعد تجاوز "قاعدة الذهب" كمرجع احتياطي ثروة الدول التي أرستها اتفاقات "بريتون وودز" عام 1944، أصبح الدولار عملة الاحتياط الرئيسة في العالم.
لذلك تجد كثيراً من الدول تربط عملاتها الوطنية بالدولار لتجنب تقلبات سعر صرف العملة الأمريكية على قيمة ثروتها وعلى اقتصادها عموماً.
كما أن الدين العالمي المقدر بأكثر من 250 تريليون دولار أغلبه إما بالدولار أو مقوم به، وهناك 39% من الديون العالمية ديون بالدولار.
وتمثل "منطقة الدولار" نحو 60% من سكان العالم، وتسهم بنحو60% في الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وتنتج الدول، التي تربط عملاتها تماما بالدولار الأميركي نحو ثلث الناتج الاقتصادي العالمي، كما أن أغلب أسعار السلع في العالم مقومة بالدولار، حيث تشكل التعاملات الدولارية 85% من مبادلات العملات الأجنبية في العالم.
التأثير على أمريكا
أول تأثير مباشر لتراجع سعر الدولار على الاقتصاد الأمريكي هو ارتفاع العائد على سندات الخزينة الأمريكية وتراجع قيمتها، ويعني هذا أن تسديد أمريكا لديونها يكون أقل عبئاً.
كما إن تراجع سعر صرف العملة الوطنية يجعل صادرات الدولة أكثر تنافسية وبالتالي يحسن عائداتها من الصادرات.
ومع الأرقام الحديثة التي تشير لتباطؤ نمو التضخم في الاقتصاد الأميركي، يشكل تراجع سعر صرف الدولار عامل ضغط داخلي، إذ يصعب على الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي" الأمريكي رفع سعر الفائدة كثيراً، بينما التضخم أقل من حد الخطر، ومن ثم يتجنب المستثمرون شراء الدولار ويذهبون لعملات أخرى.
التأثير على العالم
بالنسبة للدول التي تربط عملاتها بالدولار، كدول الخليج وكثير من الدول العربية، بشكل أو بآخر فإن التأثير يكون طفيفا، ذلك أن قيمة عملتها تتحرك بتحرك سعر الدولار ارتفاعاً وهبوطاً.
وبما أن القاعدة أن أسعار السلع والمعادن المقومة بالدولار تتحرك عكس تحرك سعر صرف الدولار، فإن الدول المصدرة للمواد الخام تستفيد من هبوط الدولار لارتفاع أسعار ما تصدره، كالنفط مثلاً.
من المعادن الرئيسة، التي يلجأ إليها المستثمرون كمخزن للقيمة في حال تقلب أسواق العملات والأسهم الذهب، الذي يرتفع سعره كذلك مع هبوط سعر الدولار.
ولا يقتصر الأمر على المستثمرين والتجار، الذين يصدرون ويستوردون، بل يتأثر أيضا الأفراد في أنحاء العالم إذا علمنا أن أغلب التحويلات المالية تحسم مقابل الدولار.