* العجز التجاري التونسي يرتفع إلى مستوى قياسي عند 5.28 مليار دولار
* الحكومة ترفع الضرائب على سلع مستوردة لتقليص العجز التجاري
تونس - نصرالدين بن حديد
يجمع خبراء الاقتصاد من داخل تونس وخارجها، على أنّ طاقة الاستثمار الذاتية للبلاد، تقلّ بكثير عن حاجة اقتصادها الملحة، بمعنى توفير مواطن شغل قادرة على استيعاب جملة العاطلين عن العمل، خاصة من أصحاب الشهادات الجامعية، لذلك جاءت الحاجة أو هي الضرورة إلى بذل كلّ الجهود من أجل جلب "الاستثمارات الخارجية المباشرة"، وجعلها الرافعة الأولى بل الأهمّ، للاقتصاد عامة ولإنجاز المشاريع القادرة على التخفيض في نسبة البطالة في تونس، التي شهدت على مدى السنوات الفارطة.
لذلك عملت جميع الحكومات منذ 14 يناير 2011 على جعل هذا "الهاجس" على رأس الأولويات بل أرفعها مقامًا وأعلاها رتبة. ضمن هذه الرؤية انعقد بتونس بتاريخ 9 و10 نوفمبر الجاري "منتدى تونس للاستثمار 2017"، "تونس الجديدة برؤية اقتصادية جديدة"، بمشاركة ما يقارب 50 دولة، وأكثر من ألف رجل أعمال. علمًا بأنّ هذا المنتدى يأتي بعد سنة من انعقاد "الندوة الدولية للاستثمار 2020"، فكان المنتدى فرصة ليس فقط لتقييم ما تمّ انجازه من وعود على مدى سنة، بل كذلك السعي بالانتقال من مراتبة التفكير والتشاور إلى مستوى التنفيذ والشروع في الاستثمار. علمًا بأنّ تونس صادقت أثناء السنة الفاصلة بين الموعدين على "قانون الاستثمار"، الذي مثل غيابه العام الماضي بشهادة المشاركين عائقًا كبيرًا أمام دفع عجلة الاستثمار.
خلال الافتتاح أعلن رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد، عن إطلاق "المبادرة الحكومية لانعاش الاستثمار ودفع النموّ"، التي ستدخل حيز التطبيق العام المقبل، وتتمثل في الأساس، في رفع الحواجز أمام الاستثمار وتحسين تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة، واعداد برنامج وطني استثنائي يشجع التصدير، إضافة إلى وضع برنامج طموح لدفع الاستثمار في الجهات. أيضًا هناك مبادرة تحت عنوان "تونس منصة رقمية 2020"، كما سيتمّ إطلاق "البرنامج التونسي للطاقة الشمسية"، وغيرها من المبادرات.
رغم انفتاح البلاد على اقتصاد السوق ورغبة الحكومة في فتح المجال أمام القطاع الخاص، تجد الحكومة ذاتها مجبرة لأسباب تاريخية، على الاستثمار وإن كان عبر شراكة مع القطاع الخاص، وقد أعلن الشاهد أثناء كلمة الافتتاح عن تحديد 3 مشاريع كبرى في هذا الصدد بتكلفة قدرها 5200 مليون دينار تونسي "الدولار يساوي دينارين ونصف الدينار".
يعلم يوسف الشاهد رئيس الوزراء أنّ على حكومته أن تستثمر في البنية التحتية وازالة جميع العوائق أمام الاستثمار، ولذك أعلن أنه بحلول الثلث الأوّل من سنة 2020 تكون تونس قد صارت ذات قدرة تنافسية متميزة.
بلغة الأرقام عرفت الاستثمارات الخارجية المباشرة ارتفاعًا طفيفًا قدره 7 %، خلال الأشهر العشرة الأولى للسنة الجارية، كما ارتفعت نوايا الاستثمار بحوالي 35 %. كما عرفت الصادرات ارتفاعًا قدره 18 %.
أهميّة الاستثمار في تونس تكمن في أنه المولد الأول لمواطن الشغل، الضامنة بدورها لتشغيل ما أمكن أو العدد الأكبر من قرابة المليون عاطل عن العمل، مما يضمن استقرارا اجتماعيا، يوفّر بدوره استقرارًا سياسيا.
ويجمع الخبراء أنّ تونس بقدر ما تملك من نقاط جلب للاستثمارات، من بينها القرب من أوروبا أكبر الأسواق في العالم وارتباطها مع المجموعة الأوروبية باتفاق شراكة، دون أن ننسى العمالة ذات التدريب العالي، تبقى حاملة لصورة عديد العمليات الإرهابية التي جدّت بالبلاد إضافة إلى ما تشهد بعض الجهات من تململ اجتماعي.
وتحاول تونس تجاوز نقاط الضعف هذه من خلال قرارات وإن جاءت مؤلمة إلاّ أنها كما صرّح عديد المسؤولين تأتي ضرورية، وعلى رأسها الدينار التونسي، التي تراجعت قيمته أمام اليورو والدولار بما يزيد عن الثلث على مدى سنة كاملة، مما شجع على التصدير، لكنه رفع من الأسعار وكذلك من نسبة التضخم.
وفي هذا الصدد، قال المعهد الوطني للإحصاء التونسي إن العجز التجاري للبلاد زاد 23.5 % على أساس سنوي في الأشهر العشرة الأولى من 2017 إلى 13.210 مليار دينار تونسي "5.28 مليار دولار" وهو مستوى قياسي.
وبلغ العجز 10.710 مليار دينار في نفس الفترة من العام الماضي و12.6 مليار دينار في عام 2016 بأكمله. وزاد العجز بعد أن ارتفعت الواردات 19.6 % إلى 40.850 مليار دينار.
ويمثل العجز المتنامي أحد المشكلات الرئيسة التي تواجه حكومة الشاهد. وساهم العجز في تآكل احتياطيات العملة الأجنبية لتونس والتي لا تغطي حاليا سوى واردات 93 يوما.
وقال محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري للصحافيين "العجز التجاري بلغ مستويات خطيرة وتاريخية ويجب علينا وقف هذا النزيف".
والأسبوع الماضي أصدر البنك المركزي أمرا للمصارف المحلية بوقف تمويل الواردات لنحو 220 منتجا من الأسماك إلى العطور في الوقت الذي تسعى فيه البلاد إلى خفض عجزها التجاري.
وتواجه تونس، التي حظيت بالإشادة لنجاح انتقالها الديمقراطي بعد انتفاضة 2011، صعوبات في تنفيذ إصلاحات اقتصادية صعبة لخفض الإنفاق العام اتفقت عليها مع مقرضيها الدوليين.
وكان رضا السعيدي المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء قال الشهر الماضي إن الحكومة سترفع الضرائب على بعض السلع المستوردة من الخارج مثل أدوات التجميل وبعض المنتجات الزراعية للمساهمة في تقليص العجز التجاري.
* الحكومة ترفع الضرائب على سلع مستوردة لتقليص العجز التجاري
تونس - نصرالدين بن حديد
يجمع خبراء الاقتصاد من داخل تونس وخارجها، على أنّ طاقة الاستثمار الذاتية للبلاد، تقلّ بكثير عن حاجة اقتصادها الملحة، بمعنى توفير مواطن شغل قادرة على استيعاب جملة العاطلين عن العمل، خاصة من أصحاب الشهادات الجامعية، لذلك جاءت الحاجة أو هي الضرورة إلى بذل كلّ الجهود من أجل جلب "الاستثمارات الخارجية المباشرة"، وجعلها الرافعة الأولى بل الأهمّ، للاقتصاد عامة ولإنجاز المشاريع القادرة على التخفيض في نسبة البطالة في تونس، التي شهدت على مدى السنوات الفارطة.
لذلك عملت جميع الحكومات منذ 14 يناير 2011 على جعل هذا "الهاجس" على رأس الأولويات بل أرفعها مقامًا وأعلاها رتبة. ضمن هذه الرؤية انعقد بتونس بتاريخ 9 و10 نوفمبر الجاري "منتدى تونس للاستثمار 2017"، "تونس الجديدة برؤية اقتصادية جديدة"، بمشاركة ما يقارب 50 دولة، وأكثر من ألف رجل أعمال. علمًا بأنّ هذا المنتدى يأتي بعد سنة من انعقاد "الندوة الدولية للاستثمار 2020"، فكان المنتدى فرصة ليس فقط لتقييم ما تمّ انجازه من وعود على مدى سنة، بل كذلك السعي بالانتقال من مراتبة التفكير والتشاور إلى مستوى التنفيذ والشروع في الاستثمار. علمًا بأنّ تونس صادقت أثناء السنة الفاصلة بين الموعدين على "قانون الاستثمار"، الذي مثل غيابه العام الماضي بشهادة المشاركين عائقًا كبيرًا أمام دفع عجلة الاستثمار.
خلال الافتتاح أعلن رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد، عن إطلاق "المبادرة الحكومية لانعاش الاستثمار ودفع النموّ"، التي ستدخل حيز التطبيق العام المقبل، وتتمثل في الأساس، في رفع الحواجز أمام الاستثمار وتحسين تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة، واعداد برنامج وطني استثنائي يشجع التصدير، إضافة إلى وضع برنامج طموح لدفع الاستثمار في الجهات. أيضًا هناك مبادرة تحت عنوان "تونس منصة رقمية 2020"، كما سيتمّ إطلاق "البرنامج التونسي للطاقة الشمسية"، وغيرها من المبادرات.
رغم انفتاح البلاد على اقتصاد السوق ورغبة الحكومة في فتح المجال أمام القطاع الخاص، تجد الحكومة ذاتها مجبرة لأسباب تاريخية، على الاستثمار وإن كان عبر شراكة مع القطاع الخاص، وقد أعلن الشاهد أثناء كلمة الافتتاح عن تحديد 3 مشاريع كبرى في هذا الصدد بتكلفة قدرها 5200 مليون دينار تونسي "الدولار يساوي دينارين ونصف الدينار".
يعلم يوسف الشاهد رئيس الوزراء أنّ على حكومته أن تستثمر في البنية التحتية وازالة جميع العوائق أمام الاستثمار، ولذك أعلن أنه بحلول الثلث الأوّل من سنة 2020 تكون تونس قد صارت ذات قدرة تنافسية متميزة.
بلغة الأرقام عرفت الاستثمارات الخارجية المباشرة ارتفاعًا طفيفًا قدره 7 %، خلال الأشهر العشرة الأولى للسنة الجارية، كما ارتفعت نوايا الاستثمار بحوالي 35 %. كما عرفت الصادرات ارتفاعًا قدره 18 %.
أهميّة الاستثمار في تونس تكمن في أنه المولد الأول لمواطن الشغل، الضامنة بدورها لتشغيل ما أمكن أو العدد الأكبر من قرابة المليون عاطل عن العمل، مما يضمن استقرارا اجتماعيا، يوفّر بدوره استقرارًا سياسيا.
ويجمع الخبراء أنّ تونس بقدر ما تملك من نقاط جلب للاستثمارات، من بينها القرب من أوروبا أكبر الأسواق في العالم وارتباطها مع المجموعة الأوروبية باتفاق شراكة، دون أن ننسى العمالة ذات التدريب العالي، تبقى حاملة لصورة عديد العمليات الإرهابية التي جدّت بالبلاد إضافة إلى ما تشهد بعض الجهات من تململ اجتماعي.
وتحاول تونس تجاوز نقاط الضعف هذه من خلال قرارات وإن جاءت مؤلمة إلاّ أنها كما صرّح عديد المسؤولين تأتي ضرورية، وعلى رأسها الدينار التونسي، التي تراجعت قيمته أمام اليورو والدولار بما يزيد عن الثلث على مدى سنة كاملة، مما شجع على التصدير، لكنه رفع من الأسعار وكذلك من نسبة التضخم.
وفي هذا الصدد، قال المعهد الوطني للإحصاء التونسي إن العجز التجاري للبلاد زاد 23.5 % على أساس سنوي في الأشهر العشرة الأولى من 2017 إلى 13.210 مليار دينار تونسي "5.28 مليار دولار" وهو مستوى قياسي.
وبلغ العجز 10.710 مليار دينار في نفس الفترة من العام الماضي و12.6 مليار دينار في عام 2016 بأكمله. وزاد العجز بعد أن ارتفعت الواردات 19.6 % إلى 40.850 مليار دينار.
ويمثل العجز المتنامي أحد المشكلات الرئيسة التي تواجه حكومة الشاهد. وساهم العجز في تآكل احتياطيات العملة الأجنبية لتونس والتي لا تغطي حاليا سوى واردات 93 يوما.
وقال محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري للصحافيين "العجز التجاري بلغ مستويات خطيرة وتاريخية ويجب علينا وقف هذا النزيف".
والأسبوع الماضي أصدر البنك المركزي أمرا للمصارف المحلية بوقف تمويل الواردات لنحو 220 منتجا من الأسماك إلى العطور في الوقت الذي تسعى فيه البلاد إلى خفض عجزها التجاري.
وتواجه تونس، التي حظيت بالإشادة لنجاح انتقالها الديمقراطي بعد انتفاضة 2011، صعوبات في تنفيذ إصلاحات اقتصادية صعبة لخفض الإنفاق العام اتفقت عليها مع مقرضيها الدوليين.
وكان رضا السعيدي المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء قال الشهر الماضي إن الحكومة سترفع الضرائب على بعض السلع المستوردة من الخارج مثل أدوات التجميل وبعض المنتجات الزراعية للمساهمة في تقليص العجز التجاري.