رفعت إيران سعر الوقود بنسبة تصل إلى 50% خلال موازنة العام المقبل، وستتجه لإلغاء الدعم النقدي عن أكثر من 34 مليون شخص.
وأعلن موقع الحكومة الإيرانية، الثلاثاء، أن سعر البنزين سيصل إلى 1500 تومان للتر الواحد "ما يعادل 0,43 سنت من الدولار الأمريكي تقريباً" أي زيادة بنسبة 50%، والديزل سيرتفع إلى 400 تومان بعدما كان 300 تومان.
هذا بينما حذرت صحيفة "دنياي اقتصاد" من مخاوف التأثيرات السلبية لارتفاع أسعار البنزين، ونقلت عن خبراء أن معدل التضخم في البلاد سيزداد بنسبة 1% جراء ارتفاع أسعار الوقود.
كما حذرت من الإعانات النقدية المقدمة للفقراء، وقالت إن الدعم النقدي سيلغى عن 34 مليون شخص خلال العام المقبل.
هذا بينما قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، لدى تقديمه مشروع الموازنة للبرلمان، الأسبوع الماضي، إنه أخذ بالحسبان كافة التحديات الرئيسة، وسيعمل على "معالجة قضية الفقر". وأكد "إذا أردنا أن نلخص مشروع الموازنة للعام الجاري في جملة واحدة، فعليّ أن أقول إن مشروع الموازنة للعام الإيراني القادم يقوم على أساس توفير فرص العمل بشكل شامل، وإزالة الفقر والحرمان وإرساء العدالة".
موجة انتقادات
لكن بعد نشر تفاصيل الموازنة التي أظهرت إنفاق جزء كبير منها على الحرس الثوري والمؤسسات الدينية المرتبطة بالمرشد، أثيرت موجة من الانتقادات ضد روحاني وفريقه الاقتصادي، لاسيما أن حكومته حاولت تبرير قرارها بربطه بمساعيها لإيجاد فرص عمل للحد من أزمة البطالة.
وفي البرلمان، قال متحدث رئيس لجنة "المادة 90" في البرلمان الإيراني ولی داداشي، إنه يعارض بشدة رفع قيمة الطاقة والوقود في البلاد، ورأى أنه قرار خاطئ تم اتخاذه في ظروف اقتصادية سيئة.
وانتقدت صحيفة "وطن امروز" المقربة من الحرس الثوري، زيادة أسعار المحروقات، وعلى رأسها البنزين، في ميزانية العام الجديد، كما لاقت الزيادات انتقادات واسعة حتى بين داعمي حكومة روحاني.
وقالت الصحيفة إن مركز الدراسات التابع للبرلمان، أصدر تقريرا تحدث فيه عن تناقضات في خطة الحكومة، وحذر من رفع قيمة الطاقة، لأن ذلك سيتسبب في رفع نسبة البطالة من 360 ألفاً إلى 480 ألف شخص.
رفع الأسعار لتقليص العجز
من جهتها، انتقدت صحيفة "كيهان" المتشددة التي يترأس تحريرها حسين شريعتمدارى، مندوب المرشد الأعلى في الصحيفة، وقالت إن "حكومة روحاني رفعت الأسعار بهدف تقليص عجز الموازنة من جيوب الإيرانيين".
ووصفت الصحيفة موازنة روحاني بأنها "تمهِّد الطريق للفقر والركود والبطالة، وتضع الشعب تحت تضييقات مالية شديدة"، مضيفة أن "قطع الدعم عن جزء ضخم من الشعب، ورفع أسعار ناقلات الطاقة سيعقبه طوفان من التضخم، ويحمل الشعب أقسى الضغوط".
ووصف فرشاد مومني، خبير اقتصادي مؤيد لروحاني، الموازنة الجديدة بأنها تفاقم أزمة المعيشة التي يواجهها الشعب، وفق وكالة أنباء "ايسنا".
خط الفقر في إيران
ويأتي هذا الارتفاع بأسعار الوقود بينما كشف برويز فتاح، رئيس لجنة إمداد الخميني في إيران أخيرا، بوجود 20 مليون شخص تحت خط الفقر المدقع وذلك طبقًا للمؤشرات العالمية.
وتشهد إيران احتجاجات عمالية ضد تأخر الرواتب وانخفاض الأجور وتفشي البطالة والفقر بسبب الفساد المستشري في أجهزة الدولة، والتي تنعكس على المواطن العادي ومعيشته بشكل مباشر.
وكانت قضية "سكان المقابر" في العاصمة طهران، وهم من مئات المشردين من الرجال والنساء والأطفال الذين يعيشون داخل القبور، قد أحدثت ضجة داخل البلاد بعدما نشرت صحف رسمية صوراً صادمة عن هؤلاء الفقراء.
ولا تتناسب أسعار الوقود الجديدة حتى مع مداخيل الموظفين من أصحاب الدخل المحدود، حيث أكد مركز أرباب العمل الإيراني، في تقرير سابق، أن راتب 220 دولاراً لا يكفي المواطن للعيش 8 أيام، وهذا ما أجبر العمال أن يبحثوا عن أعمال إضافية ليتمكنوا من تأمين معيشتهم لشهر كامل.
كذلك لفت موقع "اقتصاد أونلاين" الإيراني في تقرير إلى أن متوسط الرواتب للعمال في البلاد يقدر ما بين 700 ألف و812 ألف تومان "180 إلى 220 دولاراً" شهرياً، لكن أعلى الرواتب تصل إلى 16 مليون تومان أي حوالي 4400 دولار شهرياً، الأمر الذي يظهر الفارق الكبير بين مستوى الدخل في البلاد.