خالد الطيب وأحمد خالد:

البيتكوين عملة إلكترونية افتراضية يتم تداولها بشكل كامل عبر الإنترنت، ويمكن استخدامها للشراء أو تحويلها للعملات العادية وصرفها مقابل الدولار، أطلقها الياباني ساتوشي ناكاموتو العام 2009، غير منتمية إلى أي دولة وغير مساندة من قبل أي عملات أخرى وانتشرت "البيتكوين" مؤخراً بشكل لافت رغم استهجان الدول لكونها خارجة عن رقابتها وتحذيرات الخبراء من استخدمها قبل إقرارها رسمياً من الهيئات المالية الدولية.

وقال الخبير الاقتصادي د.أكبر جعفري لـ"الوطن" إن "البيتكوين عملة غير منتمية لأي دولة ولا تساندها أي عملة أخرى رسمية وهي عملة وهمية إلكترونية بدأت تأخذ ثقة الشارع رغم أن تحركاتها غير مستندة إلى أصول إصدار العملات".

وذكر جعفري: "أصبحت العملة الآن شبه حقيقية منسوجة بالوهم ولا أحد يعلم حتى الآن أي منعطف ستتجه إليه تلك العملة"، مبيناً أن التفاعل مع هذه العملة مغامرة قرر خوضها البعض وقد تسودها منافع ولكنها ممزوجة بمخاطر كبيرة جداً، مؤكدا أنه "ورغم ذلك فهناك توجهات من بعض البورصات العالمية كالبورصة الأمريكية في إدراجها كعملة للمضاربة فيها وهذا يؤكد أن هذه العملة أصبحت تتخذ منحى جدياً أكثر".

وأضاف "رغم ذلك لا نستطيع التكهن لأي مستقبل منظور بالنسبة لقوة حقيقية لهذه العملة.. لا أشجع أحداً في الخوض بهذا المعترك لحين الوصول لقبول تام من الهيئات المالية العامة كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وإلى ذلك الحين لا نستطيع الآن الحسم في الموضوع أبداً".

وقال "نحن غير متفائلين بهذه العملة لعدم ثباتها فترى أن أسعارها تصعد وتهبط بنسب كبيرة جدا في أيام قليلة، معبراً عن اعتقاده بأن خلف هذه العملة دوافع سياسية بهدف إحراج الروس والصينيين لكونهم يقفون سداً منيعاً أمام الدولار الأمريكي، داعيا صغار المستثمرين إلى توخي الحذر قبل الدخول في مثل هذا النوع من العملات، نتيجة عدم استقرارها وانهيارها في فترة وجيزة بمعدل يجاوز نصف قيمتها.

وكانت قيمة البيتكوين في بدايتها تصل إلى 0.001 دولار، حتى ارتفع سعرها وأصبح كسعر الدولار واليورو في فبراير 2011، ثم ارتفع سعرها في مفاجئة للعالم ووصلت إلى ألف دولار للبيتكوين الواحد في 2013، إلى أن وصلت بشكل تدريجي إلى 19 ألف دولار للبيتكوين الواحد مقابل الدولار في يوم 11 ديسمبر من هذا العام من ثم هبطت بعد 7 أيام إلى أن وصلت 16 ألف دولار.

وتكمن المشكلة في كون أن البيتكوين عملة لا تملك قيمة حقيقية كباقي العملات، فالدولار والدينار يمثل كل عملة فيها احتياطي نقدي من الذهب يعطي للعملة قيمة شرائية. أما البتكوين فهي عملة افتراضية يتم استخراجها عن طريق القيام بعملية التعدين وهي عملية افتراضية تتم عن طريق الحاسب عن طريق إجراء معادلات حسابية وكلما زادت العملات التي يتم استخراجها وزاد عدد المنقبين زادت صعوبة استخراجها وبالتالي ارتفع سعرها.

وكل ما يحتاجه المستثمر لشراء هذه العملة هو إنشاء "محفظة إلكترونية" شبيهة بالبنوك لإيداع وحفظ الأموال، ولكن الفرق أن هذه المحافظ لا تحتاج أي معلومات شخصية لفتحها ولا حتى عند الإرسال والاستقبال فقط رقم المحفظة والمكون من رموز عديدة.

ويتم الشراء عن طريق مزوديها على مواقع الإنترنت الأمر الذي سيشكل عقبة لدى أي مشتري في إيجاد المواقع الصادقة أو عن طريق الشراء من خلال ملاكها بشكل مباشر وهو الأضمن كشرائها من صديق على سبيل المثال

وأهم ما يميز البيتكوين عن غيرها من العملات هو السرية الشديدة فيها وهو أساس هذه العملة كما أسماها مبرمجوها نظام "الند للند" أي من المرسل للمستقبل دون أي وسيط، فالاسم والموقع والمعلومات الخاصة مجهولة للجميع فكل ما يحتاجه الشخص رقم المحفظة التي سيتم إرسال الأموال لها حتى تصله الأموال بدون أي معلومات أخرى.

وبسبب ارتفاع أسعار العملة بشكل مستمر شكل هذا الأمر دافعاً للمستثمرين المتمرسين والهواة للدخول في عالم الاستثمار المجهول في عملة مجهولة المصدر مجهولة القيمة.

يشار إلى أن "البيتكوين" من أخطر العملات التي تتداول على المنصات لما فيها من ارتفاع ضخم بآلاف الدولارات وانخفاض بآلاف الدولارات، فيمكن لمستخدمها أن يصبح فاحش الثراء في يوم واحد وممكن أن يخسر كل أمواله فهي أقرب للمقامرة كما وصفتها سلطة السلوك المالي البريطانية (FCA)، ولكن بعض المنصات التي تقدم هذه العملة للتداول تفرض قيودا على أصحابها حيث تفرض "كوين بيز" وغيرها من مقدمي خدمات التداول قيود شراء وبيع أسبوعية متفاوتة، متمثلة في حد أقصى قدره 2500 دولار، ما يعني استحالة بيع العملات الضخمة مرة واحدة.

وأكبر ما يهدد ملاك "البيتكوين" هم القراصنة أو ما يعرف بالهاكرز فالارتفاع الشديد للعملة ووجوب احتفاظ ملاكها في حواسبهم، أمر يجعل ملاكها فريسة شهية لهم ولذلك يتم التحذير الشديد عند شراء عملة من أهمية أخذ الاحتياطات من الهاكرز.

ويستغل البعض عملة البيتكوين كونها أغلى عملة بالعالم بالنصب على المهتمين بالاستثمار فيها، فيقومون بفتح منصات إلكترونية للتداول عبر العملات، ويقومون بنشر الإعلانات عن البيتكوين لما فيها من ارتفاعات ضخمة، بعد ذلك يقومون بالاتصال بالمهتمين ويغسلون أدمغتهم لشراء البيتكوين عبر منصاتهم من ثم يقومون بسرقة جميع أموال المستثمرين الذين يودعون أموالهم في منصاتهم.

وتواجه البتكوين حالياً الاستهجان من الدول لكونها خارجة عن رقابتهم وتعطي الأفراد الحرية الكاملة فقد أكدت الحكومة الهندية على ضرورة توخي المستهلكين "الحذر الشديد لتفادي الوقوع في فخ هذا النوع من الخطط الاحتيالية".

ورغم المحاربة الشديدة من قبل الدول تعد ألمانيا الدولة الوحيدة التي اعترفت رسمياً بعملة بيتكوين بأنها نوع من النقود الإلكترونية، وبهذا اعتبرت الحكومة الألمانية أنها تستطيع فرض الضريبة على الأرباح التي تحققها الشركات التي تتعامل بـ"بيتكوين"، في حين تبقى المعاملات المالية الفردية معفية من الضرائب.

وتظل هذه عملة موجودة وفي صعود مستمر وتجذب العديد من المستثمرين فهي في نظرهم المستقبل الجديد للعملات في حين يراها البعض يراها الفقاعة التي ستنفجر قريباً مخلفة وراءها العديد من الضحايا.