ماذا سيفعل مرشحو حزب الله إذا امتنعت المصارف اللبنانية عن فتح حسابات مصرفية لتمويل حملاتهم الانتخابية؟ إشكاليةٌ أثيرت في الأيام القليلة الماضية حول إمكانية تطبيق المعادلة "العجائبية" مع قرب الاستحقاق الانتخابي المنتظر في 6 من مايو المقبل.
فكيف يمكن لمرشحي حزب الله "الإرهابي" التعامل مع المصارف اللبنانية لفتح حسابات الحملة الانتخابية، في حين أن "اللهجة" الأميركية تعلو نحو شل الشبكة المالية غير الشرعية للحزب وتشديد الرقابة على امتثال البنوك اللبنانية للقانون الدولي لتجفيف منابع تمويل الإرهاب؟
وما الزيارات المتكررة لكبار مسؤولي وزارة الخزانة الأميركية إلى العاصمة بيروت، كان آخرها زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركي مارشال بيلنغسلي الأسبوع الماضي وما تحمله من دلالات في التوقيت مع قرب الانتخابات، إلا دليل على توجه سياسة البيت الأبيض نحو مزيد من التصعيد في العقوبات الاقتصادية والمالية والسياسية على حزب الله.
وسط هذه المعطيات، ترى مصادر مطلعة أن حزب الله في مأزق حقيقي، قد تتعطل معه العملية الانتخابية بأكملها.
إذ تنص المادة 59 من قانون الانتخابات الجديد على أنه "يتوجب على كل مرشح ولائحة فتح حساب في مصرف عامل في لبنان يسمى حساب الحملة الانتخابية، وأن يرفق بتصريح الترشيح، إفادة من المصرف تثبت فتح الحساب المذكور لديه وتبين رقم الحساب واسم صاحبه".
غير أن الموقف الأميركي من القانون الانتخابي يطرح تكهنات كثيرة، لاسيما أن واشنطن لم تخف خشيتها من أن يحصل حزب الله على كتل نيابية وازنة في البرلمان تمكنه من ممارسة سلطته على البلاد بصورة شرعية. بالتالي فمن غير المستغرب، أن تلجأ السلطات المالية الأميركية إلى تشديد الخناق على المصارف كأداة ضغط تُمارس لتعطيل الانتخابات، لاسيما أن الستارة قد أسدلت أمام أي تعديل مستجد على القانون الانتخابي.
هذا الاحتمال تنبّه له المشرعون، فوضعوا مخرجاً قانونيا لهذا السيناريو، بحسب ما يوضح الأستاذ المحاضر في القانون الدولي د.أنطوان صفير في حديث خاص "للعربية.نت"، إذ نص القانون على "أنه في حال تعذر فتح حساب مصرفي لأسباب تخرج عن إرادة المرشح، من الممكن أن يفتح حسابا في صندوق عام ينشأ لدى وزارة المالية اللبنانية بنفس الإجراء والأصول".
ويشير صفير إلى أنه ما ينطبق على الحساب المصرفي ينطبق على الصندوق "أي بانتهاء الحملة الانتخابية، يغلق حساب الصندوق لدى وزارة المالية".
هذا الإجراء برأي المصادر، دونه عقبات إدارية "إذ من غير المنطقي أن يقوم المرشح في تقديم معاملة إدارية إلى وزارة المالية، في كل مرة يريد استلام الأموال والمساهمات لتغطية النفقات الانتخابية، في حين أن الحملة الانتخابية تتطلب سرعة في التنفيذ إلا في حالة استثنائية واحدة إن تم صرف الأموال بأوامر دفع".
وترى المصادر أنه قد يتم اللجوء إلى إجراء بديل مغاير تماما، بحيث يسند إلى اللجنة الخاصة المشرفة على الانتخابات فتح حساب باسمها توضع فيه الودائع المالية. ولكن الإشكالية تبقى في ضيق الوقت لإدخال تعديلات جديدة على القانون الانتخابي.
ولكن السؤال يطرح نفسه هنا، هل ستلجأ الخزانة الأميركية إلى مساءلة وزارة المالية في هذه الحالة، لاسيما أن وزارة المال تعمل وفق القانون اللبناني الداخلي وتخضع لسيادة الدولة، على عكس المصارف التي تطبق النظام الدولي؟
وإذا كان القانون الجديد قد أوجب فتح حساب مصرفي لمراقبة سقف الإنفاق الانتخابي ومصادر الأموال، أوليس الوضع مختلفا تماما إذا كانت وزارة المالية المحسوبة على حركة أمل ، حليفة حزب الله، هي المشرفة على حسابات بعض المرشحين؟
يجزم الخبير في السياسية الخارجية الأميركية ومستشار ترمب السابق د.وليد فارس في حديث "للعربية.نت" أن أيّ إجراء لبناني سوف يمنح التغطية لحزب الله ويساعده، سوف تواجهه الحكومة الأميركية بالمساءلة وبالإجراء المضاد، "فهي لن تقبل الالتفاف على سياساتها، لذا فستكون السلطات اللبنانية أمام خيارين: إمّا التراجع عن القرار أو أن تشهد إجراءً مضادا".
يذهب فارس أبعد من ذلك، ليقول: "إن المشهد العام يحكمه اتجاهان:
السياسة الخارجية الأميركية تتجه نحو تصعيد العقوبات الاقتصادية والمالية والسياسية على حزب الله، في وقت يستعد فيه الكونغرس إلى فرض عقوبات جديدة، إلى جانب وضع حد لتدخل الحزب في اليمن وسوريا، وصولا إلى تطبيق قرار 1559 الذي نص على نزع سلاح حزب الله.
فريق العمل الأميركي المعني بالملف اللبناني من مسؤولي الأمن القومي ووزارة الدفاع يتباحثون في دور حزب الله المستقبلي، وفي استراتيجية تقليص نفوذه وسيطرته على كل مفاصل الداخل اللبناني بمبدأ الترهيب والقوة، ومنها ملف الانتخابات اللبنانية".