يمكن لشركات قطاع الأعمال العام في مصر أن تمثل ثروة كبيرة للدولة تدر عوائد مرتفعة بشرط أن يتم إدارتها بأسلوب القطاع الخاص. وعلى مدار سنوات طويلة كان يتم تعيين وزير لإدارة الملف، وفي أوقات أخرى يتم ضم ملفها إلى وزارة الاستثمار، ولكن لم يكن الأمر يختلف كثيرا، سواء كانت هناك وزارة مختصة لها أو تابعة لوزارة الاستثمار.
ونتيجة لعدم ثبات وزارة قطاع الأعمال فقد مر عليها 4 وزراء فقط هم الدكتور عاطف عبيد، والدكتور مختار خطاب فترة التسعينيات التي شهدت أكبر عملية خصخصة وبيع لعدد من هذه الشركات، إضافة إلى طرح أسهم عدد كبير منها في البورصة، ثم عادت الوزارة في 2016 مع الدكتور أشرف الشرقاوي، والآن خالد بدوي الذي تولى المسؤولية في يناير الماضي.
باستثناء فترة التسعينات التي شهدت عملية خصخصة واسعة للشركات لم يحاول أي وزير دراسة هذه الشركات ومحاولة وضع خطط للتطوير، خاصة أن أغلبها تم تأسيسه بعد ثورة 1952 بل بعضها يرجع تاريخه إلى ما قبل هذه الثورة، وهي الشركات التي تم تأميمها من أصحابها مثل شركات التجارة الداخلية التي كانت تمثل علامات تجارية متميزة، ومع ذلك تتعرض للانهيار حاليا، وأبرزها شركات "عمر أفندي" التي تم بيعها ثم استردادها مرة أخرى، و"جاتينيو" و"بيع المصنوعات" وبنزايون" و"صيدناوي" وغيرها.
وللتعرف على أوضاع شركات قطاع الأعمال العام يكفي الإشارة إلى أن هناك 8 شركات قابضة للغزل والنسيج والمعدنية والكيماوية والأدوية والتشييد والسياحة والفنادق والنقل البحري والبري والتأمين، ويتبعها نحو 121 شركة بعضها يعد من أكبر الشركات في مصر، خاصة في مجال الغزل والنسيج وشركات للإسمنت والحديد والتجارة الداخلية والفنادق، وشركات التأمين، ومع ذلك بلغت أرباحها عن العام المالي 2016/2017 نحو 7 مليارات جنيه مقابل خسائر بلغت 323 مليون جنيه في العام الأسبق، وتتجاوز الأجور في هذه الشركات 5 مليارات جنيه.
ولا شك أن أرباح 121 شركة من كبرى الشركات في مصر تعد ضعيفة للغاية، حيث تحقق بعض شركات القطاع الخاص نتائج أفضل كثيرا من كل هذه الشركات التابعة للدولة، وهذا يستدعي خططا مختلفة وجرأة في التنفيذ.
وجاء خالد بدوي، وزير قطاع الأعمال الجديد من القطاع الخاص، وطرح مجموعة من الأفكار الجريئة في أول لقاء له مع الإعلام تدل على رغبة في الإصلاح ولكن التحدي الذي سيواجهه هو التنفيذ.
ومن أبرز تصريحاته ما يتعلق بعدم القدرة على المنافسة في مجال صناعة السيارات وضرورة تطوير مصانع الغزل والنسيج، وإمكانية دمج شركات مع بعضها بعضا، كما أن الدولة تشجع الاستثمار الخاص ولا تريد مزاحمته، وبالتالي لن تكون هناك صناعات جديدة في قطاع الأعمال العام، مشيرا إلى أنه سيتم تطوير القطاع، ويمكن التعاون مع القطاع الخاص في إدارة الشركات كمطور ومشغل مقابل عائد.
وقال رئيس شركة لإدارة الأصول شارك في اجتماع مع وزير قطاع الأعمال العام لطرح خطط جديدة لإدارة أصول شركات التأمين، إن الوزير يمتلك أفكارا قوية للتطوير، ولكن كان واضحا أنه ستكون هناك مقاومة من رؤساء شركات قطاع الأعمال أنفسهم لأنهم يرون أن الأداء الذي يحققونه جيدا ولا يرغبون في هذا التطوير الذي يمكن أن يهدد وجودهم من وجهة نظرهم.
ويرى أن الوزير القادم من القطاع الخاص سيواجه مشاكل كبيرة على أرض الواقع، فمثلا شركات الغزل والنسيج تحقق خسائر وتحتاج إلى سيولة ضخمة لتطويرها وشراء ماكينات جديدة، وتدريب العمالة الضخمة الموجودة فيها، وفتح المعاش المبكر أيضا، وهذه مهمة ليست سهلة، خاصة أننا شهدنا مظاهرات لعمال المحلة في السنوات الماضية، ولضخامة عدد العمال يتم الاستجابة لمطالبهم في المعتاد رغم خسائر هذه الشركات.