قال رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين، والرئيس السابق لمجلس إدارة اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف، إن التوسع في تقديم الخدمات المصرفية من قبل المؤسسات غير المصرفية سيؤثر سلباً على ربحية البنوك، مبيناً أن تقديرات تشير إلى أن ما بين 10-40% من الإيرادات، وما بين 20-60% من أرباح الخدمات المصرفية الموجهة للأفراد، معرضة لخطر الزوال على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأكد أن صناعة التكنولوجيا المالية وتطبيقاتها تمثل فرصاً وتحديات في الوقت عينه للمصارف والمؤسسات المالية، لذلك، يتوجب على المصارف والجهات الرقابية النظر في كيفية تحقيق التوازن بين الحفاظ على سلامة ومتانة النظام المصرفي، وتطوير الابتكار في القطاع المالي والمصرفي.

وأضاف يوسف في واحد من سلسلة مقالات يكتبها تحت عنوان "التكنولوجيا المالية وأبعادها المصرفية والاقتصادية" إن البنوك حول العالم تدرك أن صناعة التكنولوجيا المالية ستساعدها في تعزيز الشمول المالي، فقد عزز التمويل الرقمي "Digital finance" إمكانية حصول الفئات المحرومة على الخدمات المالية، بسبب إمكانية وصول التكنولوجيا إلى المناطق النائية في كل بلد.

كما تسهم ابتكارات التكنولوجيا المالية في تسريع عمليات التحويلات والمدفوعات وكذلك في تخفيض تكاليفها، وعلى سبيل المثال، ففي خدمات تحويل الأموال عبر الحدود، يمكن لشركات التكنولوجيا المالية توفير خدمات مصرفية أسرع وبكلفة أقل. كذلك، فإن دخول لاعبين جدد ينافسون المصارف القائمة قد يؤدي إلى تقسيم لسوق الخدمات المصرفية، وتقليل المخاطر النظامية المرتبطة بالمصارف الكبيرة.

وأشار إلى أنه يمكن لاستخدام التكنولوجيا المالية تحسين عمليات الامتثال في المصارف والمؤسسات المالية، ومن الملاحظ أن الرقابة والتنظيم يزدادان تعقيداً على الصعيد العالمي، لكن التطوير الفعال لتطبيقات تقنيات الرقابة المالية يمكن أن يخلق فرصاً عبر ما يسمى الذكاء الاصطناعي.

وقال: "على سبيل المثال، تساعد التكنولوجيا المالية أتمتة التقارير التنظيمية ومتطلبات الامتثال، فضلاً عن تسهيل المزيد من التعاون بين القطاعات المصرفية وبين الدول لتعزيز الامتثال (مثلاً لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب)".

وأضاف يوسف: "في حين أن هناك فوائد واضحة من التكنولوجيا المالية، فإنه لا يمكن السير في الابتكار على حساب سلامة ومتانة المصارف، وكذلك على حساب حماية المستهلك، لذلك يجب على الرقابة على العمليات المصرفية والأجهزة الرقابية تطوير آليات الرقابة لتتماشى مع التطوّر الحاصل في العمليات المصرفية الإلكترونية، وما ينشأ عنها من مخاطر".

ولفت أيضاً إلى المخاطر التشغيلية ذات البعد النظامي على مستوى النظام المصرفي، حيث قد يؤدي تطور التكنولوجيا المالية إلى زيادة الترابط بين اللاعبين في السوق "أي المصارف وشركات التكنولوجيا المالية وغيرها" وإلى تشابك البنية التحتية للسوق، ما قد يؤدي إلى تحويل أزمة تكنولوجيا معلومات إلى أزمة نظامية في القطاع المصرفي، لا سيما عندما تتركز الخدمات في عدد قليل من الشركات المسيطرة.

وتحدث في الإطار ذاته عن أن انتشار المنتجات والخدمات المبتكرة قد يزيد من صعوبة إدارة ومراقبة المخاطر التشغيلية للمصرف، كما قد لا تكون نظم تكنولوجيا المعلومات المصرفية القديمة قابلة للتكيف بشكل كافٍ، أو قد تكون ممارسات التنفيذ -مثل إدارة التغيير- غير كافية.

واعتبر يوسف أن التطبيقات الواسعة للتكنولوجيا المالية ستؤدي لزيادة الصعوبات في تلبية متطلبات الامتثال خاصة المتعلقة بالتزامات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في حال قيامها بمعاملات بالنيابة عن عملاء شركات التكنولوجيا المالية.

فإذا قام العميل بتسديد الدفعات باستخدام بطاقة مصرفية أو حساب مصرفي، فإن المصرف يتحمل إلى حدّ ما مسؤولية عن مصادقة العميل، كما قد يكون مسؤولاً عن تغطية المعاملات الاحتيالية، ويمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى الاعتماد على التكنولوجيا وتوزيع المنتج أو الخدمة بين المصارف وشركات التكنولوجيا المالية إلى شفافية أقل بشأن كيفية تنفيذ المعاملات وحول من يتحمل مسؤوليات الامتثال.

وقال: "من المرجح أن ترتفع المخاطر السيبرانية مع زيادة الاعتماد على التكنولوجيا المالية، إذ يمكن للتكنولوجيات ونماذج الأعمال الجديدة أن تزيد المخاطر السيبرانية إذا لم تواكبها ضوابط هذا التغيير. ومن شأن الاعتماد بشكل أكبر على أنظمة مثل الـApplication programming interface والـ Cloud computing والتكنولوجيات الجديدة الأخرى التي تسهل زيادة الترابط، جعل النظام المصرفي أكثر عرضة للتهديدات السيبرانية، ويعرض كميات كبيرة من البيانات الحساسة للانتهاكات المحتملة".