وقعت تركيا وقطر اتفاقا بقيمة 3 مليارات دولار للتبادل بالليرة والريال، بعد تعهد قطري بضخ 15 مليار دولار في الاقتصاد التركي عبر استثمارات مباشرة، لكن مع أزمة مريرة في اقتصاد يعاني من تضخم صاروخي، يبدو أن الأمر لن يضيف كثيرا.
وقال البنك المركزي التركي، الإثنين، إن الاتفاق الذي وقع في الدوحة يوم الجمعة، قبل إغلاق الأسواق، يهدف إلى "تسهيل التجارة الثنائية بعملتي البلدين ودعم استقرارهما المالي".
ولم يوضح البنك إذا ما كان الاتفاق منفصلا عن حزمة الـ15 مليار دولار التي تعهدت بها قطر خلال زيارة الأمير تميم بن حمد آل ثاني إلى أنقرة الأسبوع الماضي.
وجاءت الإجراءات القطرية على أعقاب حملة شنتها صحف موالية للرئيس التركي على الدوحة، منتقدة صمتها حيال الأزمة الاقتصادية التركية التي استفحلت بسبب تصاعد التوتر مع الولايات المتحدة على خلفية احتجاز القس الأميركي أندرو برانسون الموضوع قيد الإقامة الجبرية، ويحاكم بتهم لها صلة بالإرهاب.
وضاعف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسوم الجمركية على تعرفة الألومنيوم والفولاذ التركيين، فردت تركيا بزيادة الرسوم الجمركية على العديد من المنتجات الأميركية، و هددت بالرد بالمثل إذا فرضت واشنطن مزيداً من العقوبات.
وتراجعت الليرة من 4.7 مقابل الدولار، إلى 6.4 مقابله، بعدما تخطت في وقت سابق حاجز السبعة ليرات في مقابل العملة الأميركية، وهو ما يمثل انهيارا غير مسبوق في قيمة العملة التركية.
واستبعد الخبير المالي في "آي جي ماركت"، أشرف الجرف، أن يكون للخطوات القطرية تأثير كبير على الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا.
وقال لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "رقم 15 مليار دولار هو حوالى 10% من احتياطيات تركيا الأجنبية. وبالنظر إلى معدل التضخم في البلد، فمن الأرجح أن يكون ذلك حلاً قصير الأجل بدلاً من حل طويل الأجل".
وكان المكتب التركي للإحصاءات، أعلن مؤخرا أن معدل التضخم في تركيا وصل 15% في يونيو الماضي، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2003، مما يدفع الأسعار إلى الارتفاع ويشكل ضغطا على المستهلكين.
وفي المقابل، وصل الدين الخارجي إلى أكثر من 411 مليار دولار بحسب إحصائية تعود لعام 2016، وهو ما يضع عبئا ضخما على الاقتصاد.
وبدلا من الحلول قصيرة الأجل المتمثلة في الاعتماد على ضخ مالي لا يمثل نسبة مهمة، مقارنة بحجم العبء المالي الضخم الواقع على الاقتصاد التركي، "يحتاج الأمر إلى رؤية سياسات نقدية ومالية متينة تهدف إلى خفض التضخم"، بحسب الجرف الذي يقول إنه "بمجرد اقتناع السوق بهذه الخطط ، يمكن أن تبدأ الليرة في تعزيز وضعها على المدى الطويل".
وعندما أعلنت قطر عن حزمتها لمساعدة حليفتها تركيا، أكدت أن المبلغ الموعود سيستخدم في استثمارات مباشرة، وهو ما يشير إلى اتجاه لشراء شركات تركية متعثرة أو تنفيذ مشروعات جديدة.
وعادة ما تعطي الاستثمارات الأجنبية المباشرة ثقة أكبر في الاقتصاد وهي مفيدة بشكل عام، لكن في الوقت نفسه فإن طرفي الاستثمار هنا بلدان لا يتمتعان بعلاقة جيدة مع الولايات المتحدة، وهو ما لا يشجع دولا أخرى على ضخ استثمارات في تركيا خلال هذه الأزمة، بحسب الجرف.
وفي الحالة التركية، يخاطر الاستثمار المباشر عادة ببيع الشركات للمستثمرين الأجانب الذين "لا يضيفون قيمة ويبحثون عن الخروج السريع من تقلبات العملة، واستهداف الربح السريع".
ويقول الخبير المالي:" الشيء الوحيد الذي أراه هنا أن قطر لديها فرصة لاستثمار رخيص في بلد انهارت فيه العملة بنسبة 20% خلال أسبوع واحد".
ويشهد الاقتصاد القطري في المقابل مشكلات مالية جراء مقاطعة من دول محورية في الشرق الأوسط بسبب تورط الدوحة في دعم وتمويل الجماعات الإرهابية والعمل على ضرب استقرار المنطقة.