يضع الاقتصاد الكلي الحديث، قيمة كبرى لفكرة استقلالية البنك المركزي الذي يجلس في الأعلى بعيداً عن الشجار السياسي، حيث يفترض أن يستخدم محافظو تلك البنوك أسعار الفائدة لإدارة الاقتصاد بين التضخم والركود.
ويرى تحليل نشرته وكالة "بلومبرج فيو" أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يحظى بالقليل من فهم الاقتصاد الكلي الحديث، حيث عبر عن أسفه أكثر من مرة تجاه قيام رئيس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" برفع معدلات الفائدة في الوقت الذي يتسارع فيه أداء الاقتصاد الأمريكي.
ولكن السؤال؛ ما السبب وراء قلق ترامب إزاء معدلات الفائدة؟، فبالرغم من قيام "باول" بإقرار 5 زيادات إلا أن أسعار الفائدة لا تزال متدنية بحسب المعايير التاريخية.
وتُعد أحد الأسباب وراء شعور ترامب بالقلق وهو اعتقاده بأن معدلات الفائدة المنخفضة سوف تساعده في الفوز بحربه التجارية.
ومن المحتمل أن السبب في ذلك هو رغبة ترمب أن يكون الدولار أضعف، فعندما تكون معدلات الفائدة منخفضة فإن النظرية تشير إلى أن الأموال تميل للخروج من الولايات المتحدة لأماكن تقدم معدلات عوائد أفضل.
وتطلب التدفقات الرأسمالية الخارجة بيع العملة الأمريكية الأمر الذي يدفع قيمة الدولار للهبوط، وبالتالي يتسبب في جعل صادرات الولايات المتحدة أرخص والواردات أكثر تكلفة.
ومن المرجح أن يكون هناك سبب آخر بشأن تفضيل ترمب لمعدلات الفائدة المنخفضة وهو مكافحة الضرر الاقتصادي الناجم عن الحرب التجارية.
ومن المتوقع أن يعاني المصنعون الأمريكيون من الرسوم على الصلب والمدخلات الأخرى، في حين سيتأثر مزارعو الولايات المتحدة سلباً من الردود الانتقامية من جانب الصين والدول الأخرى الغاضبة من سياسات ترمب العدوانية.
ويترتب على ذلك حدوث تباطؤ في الاقتصاد أو حالة من الركود والتي سيكون ترمب هو الطرف الملام فيها.
وبطبيعة الحال، يريد الرئيس الأمريكي معدلات فائدة منخفضة من أجل تعزيز الاقتصاد ومساعدته على تجاوز العاصفة.
ولكن هناك سبب آخر، حيث يمكن لارتفاع معدلات الفائدة حتى لو كان معتدلاً أن يكشف نقاط الضعف التي نشأت في الاقتصاد الأمريكي، ويقلل من التوسع الاقتصادي الحالي.