تمخضت الزيارة التي أدتها بعثة صندوق النقد الدولي إلى تونس، خلال الفترة الممتدة بين 15و31 أغسطس المنصرم، عن اتفاق أولي لإجراء المراجعة الرابعة من قرض الصندوق، في ظل جدل متنامٍ حول مخاوف تونسية من تعطيل القسط الجديد من القرض المقدر بنحو 257 مليون دولار.

ووافق مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، في مايو 2016، على إقراض تونس 2.8 مليار دولار "5.79 مليار دينار"، من خلال برنامج مدته 4 سنوات.

وأفاد تقرير المراجعة الأخير للصندوق، الصادر، السبت، أنه من شأن استكمال المراجعة توفير شريحة تبلغ 257 مليون دولار، ليصل إجمالي المدفوعات للحكومة التونسية إلى 1.5 مليار دولار.

وخلافاً للتطمينات التي قدمتها مصادر حكومية حول الدعم الكبير الذي يلقاه الاقتصاد التونسي من قبل هياكل التمويل الدولية نتيجة تحسن معظم المؤشرات الاقتصادية، فإن أطرافاً وخبراء آخرين يرون أن بعثة الصندوق قدمت «موقفا سلبياً» نتيجة تعطل الإصلاحات الاقتصادية وصعوبة الموازنة بين مطالب الصندوق، خاصة منها ما تعلق بتجميد الأجور، والضغوط المحلية الكبرى الصادرة عن الهياكل النقابية والمنظمات الاجتماعية المنادية بكبح الأسعار والضغط على تكلفة الحياة.

واتفق الطرفان في زيارات سابقة على إجراء مراجعات كل ثلاثة أشهر لمدى تقدم الإصلاحات الاقتصادية المتفق بشأنها، غير أن عدة مؤشرات اقتصادية محلية لا تبعث على الاطمئنان، على غرار الانهيار السريع للعملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، وتراجع مخزون النقد الأجنبي حتى إنه لم يعد يغطي سوى 70 يوماً توريداً، وهي أسوأ حصيلة منذ عقود من الزمن، علاوة على صعوبة كتلة الأجور ومطالبة تونس بالنزول بها من مستوى 14% من الميزانية إلى 12% فحسب.

كما أن نسبة التضخم المسجلة ما زالت غير قابلة للسيطرة، ووصلت إلى حدود 7.8% خلال يوليو الماضي، وتوقع محافظ البنك المركزي التونسي أن تزيد مجدداً لتصل إلى 8%.

وما زال صندوق النقد مصرا على مجموعة من المطالب، من بينها الحد من عجز الميزانية التونسية ودعم الاحتياطي المحلي من النقد الأجنبي، وكان تقييم بعثة الصندوق لمختلف هذه المطالب اعتبر أن «الأزمة ما زالت متواصلة»، وأن الإصلاحات الاقتصادية المتفق بشأنها «لم تتقدم قيد أنملة»، وأن تلك الإصلاحات ضرورية لمواصلة دعم الاقتصاد التونسي.