القاهرة - عصام بدوي

تشهد أسواق الحديد في مصر حالة من الشد والجذب بين صناع ‏القطاع على خلفية ما تردد عن قرب فرض رسوم حمائية مؤقتة ‏على المنتجات شبه المصنعة من الحديد أو غير سبائك "البيلت" ‏بنسبة 15%، وكذلك فرض رسوم على قضبان ولفائف وقضبان من ‏الحديد"، وهو حديد التسليح بنسبة 25%، على أن يدخل هذا ‏الإجراء المؤقت حيز التنفيذ بدءًا من 15 أبريل 2019، ولمدة 180 ‏يوما.ً

وتسبب القرار في خلق حالة من الانقسام داخل مجتمع صناع الحديد ‏في مصر، ما بين مؤيد من أصحاب المصانع المتكاملة، ومعارض ‏من أصحاب مصانع الدرفلة والذين وصفوا القرار لـ"الوطن"، بأنه ‏‏"خراب بيوت".‏

وطالب أصحاب 22 مصنعاً لدرفلة الحديد بسرعة التدخل لوقف ‏صدور القرار وزاري بفرض رسوم مؤقتة على خام البليت ‏المستورد.‏

وقال رئيس غرفة الصناعات المعدنية باتحاد ‏الصناعات المصرية، جمال الجارحي، لـ"الوطن"، إن "القرار من شأنه أن يؤدي إلى ‏غلق 22 مصنعاً باستثمارات تقدر بنحو 50 مليار جنيه وتشريد ‏عمالة تتجاوز 30 ألف عامل".‏

ووصف عضو الغرفة، وأحد أصحاب مصانع الحديد، أيمن العشري، ‏لـ"الوطن"، "قرار فرض رسوم إغراق 15% على البيلت بأنه خراب ‏بيوت"، مطالباً "بإلغاء القرار"، قائلاً، "إذا لم يتم إلغاء القرار فمن باب ‏العدل أن يتم فرض نفس الرسم على الخردة، وعلى ‏DRI‏ "تراب ‏الحديد"، وهما المادة الخام لمصانع الحديد المتكاملة، كما يمثل ‏البيلت المادة الخام لمصانع الدرفلة وهنا يبقي هناك سواسية على ‏الكل".‏

ومصر لديها 3 أنواع من صناعة الحديد، صناعة الحديد المتكاملة ‏تبدأ من خام الحديد مرورًا بالاختزال والصهر والدرفلة، ثانيها ‏مصانع نصف المتكاملة والتي تبدأ من الخردة صهر ودرفلة ‏‏"مرحلتين"، ثالثها مصانع درفلة فقط، وهم من يستوردون البيلت ‏من الخارج ويغيرون في شكله فقط، ليتم بيعه في السوق المصرية.‏

وقال عضو مجلس غرفة الصناعات المعدنية، وأحد ‏أصحاب مصانع الحديد المتكاملة، حسن المراكبي، لـ"الوطن، إن "هناك من يقول إن ‏عدد المصانع المتكاملة 9 وهي نسبة صغيرة مقارنة بالعدد الأكبر ‏من المصانع المعارضة للقرار "الدرفلة"، ولكن بالرغم من ذلك فإن ‏هذه المصانع الـ9 تنتج حوالي 80% من إجمالي حديد التسليح في ‏مصر المتكاملة ونصف المتكاملة".‏

وأضاف أن "وضع الدولة لرسوم إغراق يعني وجود ضرر واقع ‏على الصناعة المحلية، ونحن كصناع قدمنا بيانات وتم فحصها، ‏وهو ما انتهت إليه الدولة بوضع تلك الرسوم"، مؤكداً أن "القرار ‏سيكون في خدمة الصناعة وتعميق الصناعة المصرية، خاصة أنه ‏دخول البيان بدون رسوم الفترة الماضية، شجع الجميع على إنشاء ‏عدد كبير من مصانع الدرفلة، للاستفادة من الأرباح التي لا تحققها ‏المصانع المتكاملة والنصف متكاملة".‏

وأضاف أن "القيمة المضافة على البيلت المستورد من الخارج لا ‏تزيد على 10%، بينما القيمة المضافة لصناعة الحديد في المصانع ‏المتكاملة ونصف المتكاملة تصل إلى من 50 إلى 60%، وهذا ‏يعني تعميق صناعة أكثر، وتشغيل عمالة أكثر، ويسهم في تقوية ‏صناعة الحديد في مصر لتصبح قادرة مستقبلا على مواجهة ‏الأزمات".‏

ولفت إلى أنه "عندما حدثت مشكلة من قبل في استيراد البيلت وقت ‏ارتفاع أسعاره، غطت المصانع المتكاملة ونصف المتكاملة العجز، ‏وسدت الفجوة"، مطالباً بأن "تتحول مصانع الدرفلة في مصر إلى ‏مصانع متكاملة أي منتجة، وهو ما يعمق الصناعة المصرية".‏

وتمتلك مصر طاقات لإنتاج حديد التسليح تصل إلى 15 مليون ‏طن، بينما مصر تستهلك 8 ملايين طن بفائض إنتاج يصل إلى 7 ‏ملايين طن.‏

وأشار خبراء صناعة الحديد في مصر إلى أن "قرارات الرئيس ‏الأمريكي الأخيرة، تسببت في فائض عالمي يقدر بنحو 35 ‏مليون طن، وهى كمية ما كانت تستورده أمريكا، لذا بدؤوا في ‏البحث عن دول أخرى فاتجهوا لمصر، وبما أن مصر تفرض ‏رسوما على حديد التسليح من أوكرانيا وتركيا والصين، فبدأ التفكير ‏داخل مصر في التحول من إنتاج حديد التسليح لإنتاج البيلت، وبما ‏أن البيلت غير مفروض عليه رسوم، فأصبح يدخل مصر بأقل من ‏تكلفته 100 دولار عن سعره في مصر".‏

ولفت خبراء الصناعة في مصر إلى أن "العائد على الاستثمار في مصانع الدرفلة يصل من 60 إلى ‏‏70%، وهي نسبة كبيرة جدًا بدون استثمارات كبيرة، لذا أغرت تلك الأرباح المستثمرين لإنشاء ‏مصانع درفلة، مما أدى إلى تضخم عدد مصانع الدرفلة في مصر، فكان لزاماً على الدولة التحرك ‏من أجل تشجيع القيمة المضافة المحلية".‏

وأكدوا لـ"الوطن"، أن "استثمارات المصانع المتكاملة تصل إلى 160 مليار جنيه في مصر، بينما ‏قيمة استثمارات مصانع الدرفلة وهي 22 مصنعاً 8 مليارات جنيه فقط، أي أن نسبة استثمارات ‏الـ22 تقدر بنحو 5% من الاستثمارات للمصانع المتكاملة ونصف المتاكملة، وبالنسبة للعمالة ‏الموجودة في مصانع الدرفلة لا تتجاوز 4800 عامل، بينما في المصانع المتكاملة والنصف، تقدر ‏بنحو 28 ألف عامل، كما أن إنتاج المصانع المتكاملة يتراوح ما بين 9.5 مليون طن إلى 11 ‏مليون طن، بينما يقدر إنتاج مصانع الدرفلة بحوالي 4 ملايين طن".