أدى ارتفاع أسعار إيجارات الشقق والمنازل، إلى زيادة الأعباء المالية على المواطنين، حيث أشاروا لـ"الوطن" إلى ارتفاع أسعار الشقق الصغيرة إلى أسعار خيالية بعد أن كانت لا تزيد عن 70 دينارا، أصبحت تتراوح بين 170 دينارا في أقل الأوضاع، إلى 250 دينارا، فيما يدفع البعض نصف رواتبهم للإيجار، فضلاً عن فواتير الكهرباء والماء، فضلاً عن باقي التزامات الحياة.
المشكلة تعدت العوائل التي ابتدأت مشوار حياتها، إلى الشباب البحريني الراغب في البدء بحياته، دون أن يضطر لدفع نصف راتبهم إيجارا لها، وزادت شكاوي الأسر والمواطنين من صعوبة التوفيق بين دفع الإيجارات والاحتياجات الحياتية الأخرى، ما أدى لمشاكل بين الأزواج، فضلاً عن مشاكل مع أطفالهم بحسب الخبراء النفسيين.
الخبراء الاقتصاديون أكدوا أن أسعار العقارات انخفضت نظراً لزيادة العرض عن الطلب، إلا أن أسعار الشقق لا تزال مرتفعة، وفوق قدرة المواطن ذي الدخل المحدود.
وقال المواطن جعفر مهدي : "تعتبر أسعار الشقق مرتفعة جداً خصوصا للشباب الذين تكون رواتبهم ضعيفة فأقل شقة يبلغ إيجارها 180 دينارا، والبيوت تبدأ إيجاراتها من 300 دينار وهو أمر غير منطقي وغير منصف في ظل الظروف المعيشية الحالية للمواطن البحريني وتشكل عبئاً كبيراً على عاتقه".
فيما قالت ليلى جمعة: "الإيجارات في غلاء متزايد ولا تتناسب مع رواتب المواطنين، فضلاً عن أن أغلب أعمال الصيانة والتصليح تقع على عاتق المستأجر، كما أن هناك مشاكل كثيرة في بنايات الإيجار منها عدم توفر مواقف للسيارات أو عدم توفر مصاعد وغيرها من الأمور، إلا أن المواطن يضطر للتغاضي فقط لرخص الإيجار بها عن باقي المناطق".
أما زينب محمد فتقول: "الإيجارات لذوي الدخل المحدود والمتوسط تشكل هما متعبا للنفسية، وقد يضطر الزوجان للعمل من أجل توفير ثمن الإيجار، وتكون هناك صعوبة في توفير احتياجات المنزل وتكاليف المعيشة الأخرى".
الوضع الاقتصادي
أما الخبير الاقتصادي د.جعفر الصايغ أكد أنه ونتيجة لانخفاض السيولة في الاقتصاد، يشهد القطاع العقاري في البحرين وبقية دول المنطقة انخفاضا في النمو والطلب، وأدى ذلك إلى انخفاض في الأسعار في كثير من المناطق، فالشقق تأثرت بذلك وشهدت انخفاضا ملحوظا في الطلب، والأسعار، مما أدى إلى فائض في العرض وانعكس ذلك على الاستثمار العقاري حيث انخفض بشكل ملحوظ مخافة من تدهور الأسعار وانخفاض الطلب.
وتابع: "على الرغم من ذلك إلا أن أسعار وإيجارات الشقق السكنية لا تزال مرتفعة لذوي الدخل المحدود الذين تراجعت دخولهم نتيجة للوضع الاقتصادي الراهن، الأمر الذي يعني أن أسعار الشقق لا تتناسب والوضع الاقتصادي، فهي مرتفعة لعدد كبير من المجتمع بعد أن تراجع مستواهم المعيشي، فبقاء أسعار الشقق مرتفعة لذوي الدخل المحدود سيضاعف العبء المالي عليهم حيث تنخفض قوتهم الشرائية، ومن المتوقع أن نصل في المستقبل القريب إلى الحاجة إلى السكن العمودي لحل مشكلة ارتفاع الطلب على الأراضي السكنية، وهذا الوضع ما وصلت إليه كثير من البلدان التي بها كثافة سكانية".
وأضاف: "أعتقد أن هناك حاجة إلى تغيير نمط الشقق ومواصفاتها لتتناسب مع المتطلبات السكنية كما هو الحال في البلدان الأخرى، واعتقد أن إحدى هذه الحلول، وضع البديل للفل والبيوت الباهظة الثمن خاصة على ذوي الدخل المحدود ، كما أن هناك حاجة لمضاعفة دور القطاع الخاص في هذا الشأن لخفض العبء على الدولة، وهذا يتطلب زيادة السيولة والقروض للقطاع الخاص لتشجيعهم على الاستثمار في القطار العقاري، كما أن الأهمية الإستراتيجية للقطاع العقاري اقتصاديا ومعيشيا تستلزم إجراء دراسة موسعة وشاملة لمعرفة التحديات والمتطلبات المستقبلية، ولتبني السياسة والرؤية المستقبلية التي يجب أن تتبناها الدولة في هذا القطاع."
الإيجار وآثاره الاجتماعية
ارتفاع أسعار الإيجارات، له تأثيرات اجتماعية ونفسية على المواطن الشاب، وتصل آثاره إلى الأطفال، والأرامل والمطلقات، وهو ما أكدته المرشدة الاجتماعية بسمة محمد حسن، إذ تتحدث عن قرائتها الاجتماعية لهذه المشكلة قائلة: "السكن هو حلم الشاب المقبل على الزواج أو المتزوج حديثا، وهذا الحلم يعترضه الكثير من العقبات على ارض الواقع، فحينما يكون هذا الشخص من ذوي الدخل المحدود ولا يوجد لديه مكان في منزل عائلته فيلجأ للإيجار الذي لا تتناسب أسعارها مع إمكانيات الشباب أو الأسر محدودة الدخل وبالتالي ينتج عن الأمر عدد من المشاكل، منها عزوف الشباب عن الزواج آو تأجيله لأجل غير مسمى، والوقوع في فخ الديون والقروض، والاستغناء عن الكثير من الاحتياجات الضرورية والمهمة لسداد قيمة الإيجار، والاضطرار للسكن في شقق ضيقة المساحة وسيئة المرافق لرخص أسعارها".
وتزيد بسمة قائلة: "يصل التأثير على الأطفال حيث لا يجدون مساحات للعب وتفريغ الطاقات الأمر الذي يعود سلبا على سلوكياتهم، ولهذه الإيجارات المرتفعه أثرها كذلك على الأرامل والمطلقات اللواتي غالبا ما يكن غير عاملات ويعتمدن على الضمان الاجتماعي وتحملهن ثقل جديد".
وقدم المثمن العقاري طالب الشيخ شرحاً للأسعار، وقال: "هناك ثلاث أسعار للعقار وهي السعر العادل الذي يتوقعه الخبراء ويكون المثالي للعقار بمختلف أشكاله، و سعر العرض وهو السعر الذي يضعه أصحاب العقار، والسعر الثالث هو السعر الحقيقي "سعر البيع"، وبالتالي يكون سعر العرض غير متناسب والسعر الحقيقي للبيع آو الإيجار وبه فروق بسبب عدم اكتمال السوق فيما يخص التشريعات، واعتماده على عملية العرض والطلب وسوق البحرين حاليا هو "سوق مشتريين".
وأضاف: "إن المشكلة الأكبر في موضوع أسعار الإيجارات هي انعدام القياس أي بما معناه إن الإيجار لا يثمن بالمساحة الحقيقة للشقة عكس بعض دول الخليج الأخرى التي يكون التثمين فيها من خلال قياس مساحة الشقة بالمتر المربع أو القدم".
وفيما يتعلق بمراقبة العملية يقول الشيخ: "إن سوق البحرين هو سوق مفتوح يتحكم فيه مبدأ العرض والطلب والأيادي الخفية التي تلعب بالأسعار، وتقتصر الرقابة على العقود وقانون الإيجار بين المؤجر وصاحب العقار وليس هناك رقابة سعرية".