تحاكم محكمة خاصة لمكافحة الفساد في إيران أكثر من 270 مشتبهاً به، وهي لا تمثل سوى نسبة بسيطة من المشكلة المتواجدة في إيران، بحسب صحيفة هآرتز.

ويواجه وزير الصحة والتعليم الطبي الإيراني، سعيد نمكي، مشكلة كبيرة على موقع تويتر، حيث أدعى، في مقابلة مع وكالة الأنباء العمالية الإيرانية، أن خصومه يدفعون 4000 دولار لكل تغريدة تنتقده ووزارة الصحة، حتى أن أقاربه أصبحوا هدفاً لخصومه، على حد زعمه، وليس لأي سبب سوى أنه بدأ بمعالجة الفساد داخل وزارته.

ووفقاً لنمكي، فإن "أكثر من 1.3 مليار دولار مخصصة لاستيراد المعدات الطبية اختفت ولا أحد يعلم من وراء ذلك".

ويدعي الوزير أن هناك شبكة كاملة من المهربين وغيرهم من المتورطين في سرقة الأموال الحكومية وأن سعر الفساد في القطاع الطبي ككل يبلغ حوالي 2.3 مليار دولار، مما أجبر إيران على استيراد معدات يمكنها أن تصنّعها داخلياً.

ومنذ فرض العقوبات الأمريكية على إيران، كانت مكافحة الفساد الدعامة الأساسية لسياسة "المقاومة الاقتصادية" التي أعلنها المرشد علي خامنئي.

ومن بين أولئك الذين حوكموا بتهمة الفساد على نطاق واسع كبار المسؤولين التنفيذيين في بنك سرمايه.

وحكم على الرئيس التنفيذي للبنك بالسجن 20 عاماً، وحُكم على كبار المسؤولين الآخرين بالسجن مدداً طويلة، حيث تواصل المحكمة الخاصة للفساد الاقتصادي التي أنشأها خامنئي سماع أدلة على وجود حالات فساد رهيبة.

وتتعلق إحدى الحالات، برشوة قدرها ملايين الدولارات دُفعت لكبير مستشاري المتحدث باسم مجلس الشورى الإيراني السابق، علي أكبر ناطق نوري، وهو شخصية محافظة بشكل متعصب، إذ توضح القضية العلاقات الوثيقة بين المال الوفير والحكومة في إيران، إن التقرير ليس بالأمر الجديد، لكن الآن تم الكشف عن مدى الكسب غير المشروع، الذي تم ذكره سابقاً كمزاعم، علناً وإقراره بصورة قانونية.

وتتعلق المسألة الأخرى باختفاء 3.5 مليار دولار من صندوق مدخرات موظفي وزارة التعليم الذي يدفع لآلاف المعلمين والموظفين الآخرين معاشاتهم التقاعدية.

وليس من الواضح في هذه الحالة من الذي حصل على الأموال، ولكنه أدى إلى خفض كبير في مدفوعات المعاشات الشهرية.

ويُمكن أن توضح المبالغ المعنية نطاق المبالغ الاحتياطية الضخم والذي يسمح للحكومة الإيرانية بمواصلة عملها على الرغم من العقوبات القاسية المفروضة على البلاد.

أورد موقع راديو فاردا المعارض، الذي يعمل من خارج إيران، أنباء عن تعيين أجراه قائد فيلق القدس قاسم سليماني، في اتحاد ضخم يديره.

ووفقاً للتقرير، عيّن سليماني مساعده رئيساً لمقر إعادة إعمار الأماكن المقدسة في العراق، وهي وكالة تأسست بناءً على نصيحة خامنئي في عام 2003 لتجديد وصيانة الأماكن المقدسة الشيعية في إيران والعراق وسوريا، إذ تبلغ الميزانية الرسمية للوكالة 120 مليون دولار، ولكن هذا مجرد جزء من التمويل المتاح لها، والذي يستخدمه سليماني لتمويل العمليات العسكرية والسياسية لفيلق القدس من أجل توسيع نفوذها في العراق وسوريا.

وكان رئيس الوكالة على مدى السنوات الـ15 الماضية هو حسن بولارك، صديق ومستشار سليماني، والذي أسس عام 2009 مجموعة أعمال ضخمة تضم صناعة السيارات واستيراد قطع غيار المركبات ومستحضرات التجميل وعلف الدواجن، وتم بيعها لاحقاً لمجموعة ياس القابضة المملوكة للحرس الثوري.

وأدت سيطرة الحرس الثوري على معظم القطاعات الاقتصادية الإيرانية إلى خلق صراع مرير بين رئيس البلاد حسن روحاني، وقادة الحرس، والذين اتهمهم روحاني بإلحاق أضرار جسيمة بالاقتصاد الإيراني وباحتمال إفشال الإصلاح الاقتصادي الذي خطط للقيام به، لكن عندما حاول الرئيس تجنيد خامنئي في معركته ضد الاحتكارات والشركات التابعة للحرس الثوري، وصل إلى طريق مسدود.

أدرك روحاني أن خامنئي نفسه، إلى جانب مئات الموظفين في مكتبه، يمتلكون ويديرون أموالاً سرية تقدر قيمتها بنحو 200 مليار دولار على الأقل، والتي تنافس أعمال الحرس الثوري. وربما تكون محكمة مكافحة الفساد الخاصة قادرة على التباهي بأنها حاكمت أكثر من 270 من المشتبه بهم في قضايا فساد، إلا أن هذا لا يعدو كونه نقطة في بحر عندما يتعلق الأمر بآفةٍ جعلت إيران بين صفوف أكثر دول العالم فساداً.

والعام الماضي، نشر مركز أبحاث البرلمان الإيراني دراسة شاملة مؤلفة من 345 صفحة لجميع الأبحاث حول الفساد المنتشر في إيران على مدار الثلاثين عاماً الماضية، حيث قام باستقصاء وتصنيف حوالي 300 من الدراسات.

ووفقاً للتقرير، فقد تم نشر أكثر من 60% من كافة الدراسات خلال فترة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، الذي شغل ذلك المنصب في الفترة من 2005 إلى 2013، وهي فترة تعتبر أكثر الفترات فساداً في تاريخ إيران الحديث، غير أن فترة رئاسة روحاني شهدت هي الأخرى عدداً كبيراً من هذه الدراسات.

وتبين الدراسة عدداً من الأسباب الرئيسية لانتشار الفساد، وتشمل هذه الأسباب قوة الاحتكارات، وهيكل السلطة السياسية، وعدم كفاءة الحكومة، والافتقار إلى الحرية السياسية وفشل الرقابة وقبول المسؤولية، كما تبين الدراسة، والتي لا تتضمن حالات اختبار أو ادعاءات موجهة إلى قادة البلاد أو كبار المسؤولين، الآثار الخطيرة للفساد على المجتمع والقيم الدينية.

ويدعو التقرير إلى مزيد من الشفافية وإنهاء الاحتكارات الكبرى وتنفيذ الإصلاح التشريعي والرقابة الوثيقة على صنع القرار.

وتشير الصحيفة إلى أن هذه الدراسة قام بها البرلمان، وأن محكمة أُنشئت للنظر في القضايا المتعلقة بالفساد الاقتصادي تعتبر على الأقل مؤشرا على أن النظام لم يتجاهل الخطاب العام.