مع مباركة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، إنشاء مجلس التنسيق البحريني السعودي في إطار الإعلان الرسمي خلال زيارة وزير الخارجية السعودي د.إبراهيم بن عبدالعزيز العساف للبحرين، حيث وقع مع وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، على محضر إنشاء المجلس، مما يعبر عن عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين والتي ترتكز على دعائم قوية مشتركة، لقي هذا الإعلان أصداء شعبية واسعة فرحة بهذا الحدث التاريخي والتي عبر عنها مجلسي النواب والشورى في بيان رسمي يترجم فرحة الشارع البحريني ويعبر عن الرأي الرسمي "بأنه يحقق رؤية وتطلعات قيادتي المملكتين الشقيقتين".

إن التكامل الاقتصادي عبر الإعلان الرسمي لم يكن وليد حدث اليوم فقط، حيث كان ممارساً بشكل عميق وتاريخي منذ العام 1986 مع افتتاح جسر الملك فهد والذي عزز القرب بين البلدين وكمية التداول الاقتصادي والسياحي بين المملكتين، حيث سجلت المؤسسة العامة لجسر الملك فهد فقط يوليو الماضي، مع تزامن إعلان توقيع المجلس التنسيقي، أعلى عدد مسافرين خلال شهر واحد فقط ليصل إلى حوالي قرابة 3 ملايين مسافر منذ افتتاحه بمعدل 91 ألف مسافر يومياً.

ويهدف المجلس التنسيقي إلى التكامل الثنائي بين البلدين من خلال عدة مجالات، ولعل أهم ما نريد أن نطرحه في عمودنا هذا هو الجانب الاقتصادي والاستثماري والذي سيكون بلا شك إضافة كبيرة لمملكة البحرين.

إن القرب الاستراتيجي لأهم منطقة في المملكة العربية السعودية من البحرين والتي تعد الأهم صناعياً وتجارياً متمثلة في المنطقة الشرقية، حيث تعد البحرين حتى أقرب للمنطقة الصناعية من الرياض نفسها، وجد حاجة تلقائية لمعظم الشركات بمحاولة استثمار هذه المسافة لما لمناطق البحرين الصناعية من إضافة تكميلية ممتازة لهذه المصانع الثقيلة، نظراً لتوفر الأراضي الصناعية والمستودعات بأسعار أقل خليجياً بالإضافة لمرونة النظام التجاري الذي يتيح للمستثمر السعودي نفس المميزات التي يتيحها للمواطن نفسه.

السعودية الصناعية اليوم مثال متفوق خليجياً وعربياً نظراً لتطور النظام الصناعي وارتفاع قائمة المستثمرين السعوديين حتى عالمياً بين دول المنطقة، ما يجعل هذا المجلس التنسيقي إضافة حقيقية يلحق جملة من الأحداث التاريخية التي جمعت البلدين في جميع الأصعدة.

إن فن التجارة اللوجستية ليس بعيداً عن حسابات المستثمر السعودي الذكي الذي أدرك توافر الخدمات الاستثمارية في مملكة البحرين بالإضافة إلى سهولة الشحن والنقل والتوصيل وحتى احتساب الفروقات بين نظام كلفة الطاقة والأيدي العاملة والأجور والتي تعد أهم عوامل مصروفات أي استثمار صناعي، وإن الهدف من التجارة اللوجستية هو تقليل المصروفات باستغلال هذا البعد الجغرافي التكميلي والذي يحتسب لصالح الطرفين من المستثمرين السعودين والمستفيد من المواطنين البحرينيين حسب ظروف التعاون.

هذا النوع من الشراكات الصناعية طويلة الأمد، يتيح للشركات المتوسطة محاولة التطور والبناء التصاعدي الاقتصادي وفتح المجال للتفكير ومحاولة للتحول الصناعي بدلاً من الاكتفاء أو الانكفاء بالتركيز على الاستثمارات العقارية أو السياحية والاتجاه إلى التصنيع الثقيل.

إن تطبيق النموذج السعودي الصناعي في البحرين عبر الشراكات الاقتصادية التكميلية، انعطافة في تاريخ الاقتصاد البحريني نبدأها بالخدمات اللوجستية وننتهي بجلب أجزاء من توسعات المصانع الأم من السعودية "انطلاقاً من المصانع الغذائية وانتهاءً بمواد البناء وغيرها".

ويبقى بعد دور المملكتين الشقيقتين، دور النخب من كبار المستثمرين البحرينيين والمقيمين بالحث على جلب الاستثمارات السعودية بالذات والاستفادة من هذه الحقبة التاريخية.

بتول حسين شبر- سيدة أعمال

[email protected]