تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، انطلقت أعمال المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية (WIBC)، أكبر وأعرق تجمع لقادة البنوك والتمويل الإسلامي في العالم، في دورته السادسة والعشرين في فندق الخليج بالبحرين.
وتنظم المؤتمر شركة الشرق الأوسط للاستشارات العالمية بشراكة استراتيجية مع مصرف البحرين المركزي. وطرح المؤتمر سلسلة من المناقشات المتوافقة مع شعاره "الاتجاهات الكبرى في القطاعات المصرفية والتمويل"، تناولت عدداً من الموضوعات بينها بناء رؤية مميزة تسلط الضوء على مقترح القيمة العالمية للتمويل الإسلامي، وبناء رؤية من شأنها أن تسهم في تفادي التعقيدات المصاحبة للنظام المالي العالمي.
وقال محافظ مصرف نيجيريا المركزي غودوين إيمفيل في كلمته "شهد المشهد المصرفي والمالي العالمي نمواً وتطوراً ملحوظاً. فعلى مدى الأعوام القليلة الماضية ساهمت القوى المؤثرة بإحداث تغييرات تنظيمية، ورقمنة، وابتكارات تكنولوجية. في حين ستستمر المؤسسات المصرفية التقليدية بتعبئة الودائع، وتوفير الائتمانات، ومعالجة المعاملات. ومع تغير الخدمات المالية دوماً، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على التحولات الكبيرة التي تشهدها توقعات المستهلكين. وقد يؤدي ارتفاع تكاليف العمليات لاستبدال الخدمات المصرفية التقليدية، ببوابات مالية سريعة أكثر ملاءمة".
وأضاف "من المتوقع أن تكون التجارة الإلكترونية حول العالم، والتي تشمل مدفوعات السلع والخدمات عبر تطبيقات الإنترنت والهاتف النقال، هي العامل المهيمن الذي سيسهم بزيادة معدل تبني حلول الدفع الرقمية. وفي نهاية العام 2017، قدرت تجارة الهواتف النقالة بنسبة 48% من مبيعات التجارة الرقمية في جميع أنحاء العالم، ومن المتوقع أن تصل إلى 4.6 تريليون دولار بحلول العام 2022".
وتابع "بصفتنا صانعي السياسات، يتعين علينا أن نبقى على اطلاع دائم بأحدث الابتكارات الناشئة والمعنية بقطاع الخدمات المالية المتطورة. ونحن بحاجة كذلك لتشخيص مدى تأثير الابتكارات على الطرق التي تتطور بها الخدمات المالية، وخاصة الخدمات المصرفية الإسلامية على المدى الطويل. وبعدئذ، سنحدد المؤسسات المالية وصناع السياسات الذين استجابوا بأفضل طريقة لهذه التغييرات".
واختتم محافظ مصرف نيجيريا المركزي كلمته بالقول "إن أقوى التوجهات المتغيرة في قطاع الخدمات المالية اليوم هي انعكاس لقرارات السلطات العامة، لا سيما فيما يتعلق بالتنظيم والإشراف، حيث أدت الضغوط التنظيمية الناجمة عن الأزمة المالية 2008 - 2009 إلى زيادة تكلفة رأس المال، ما أدى إلى تراجع الاستثمارات على نطاق واسع، وإعادة تشكيل سلوكيات التعامل مع مختلف المخاطر. وأصبح الحفاظ على الثبات والاستقرار، وتطوير أنظمة مناسبة للتحكم في إدارة المخاطر شاغلاً رئيسياً للمنظمين".
مواجهة أزمة متوقعة
وقال نائب مدير المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب د.سامي السويلم في كلمته "يتوقع المحللون حدوث أزمة في العام 2020، إلا أن ما يهمنا في الحقيقة، هو لماذا ستحدث أزمة كبيرة أخرى؟ وكيف يمكن تجنبها؟ حيث يتفق الخبراء بالإجماع على أنها ستنجم عن تراكم الديون بشكل مفرط على الشركات والحكومات، نظراً لانخفاض أسعار الفائدة منذ بدء الأزمة المالية العالمية في 2008 ."
وأضاف "السؤال الرئيس الآن هو: كيف نكبح نمو الديون، بهدف تحقيق الاستقرار المستدام؟ يجب أن نوضح منذ البداية أن الاستقرار هو مصلحة عامة. فرغم أن الاقتصاد أصبح بحال أفضل في بيئة الرافعة المالية المنخفضة، فإن كل لاعب في السوق يمتلك حافزاً ليحيد عن الركب، ويضيف الرفع المالي. ولكن إن قام الجميع بفعل الشيء ذاته، فسيؤدي ذلك لركود الاقتصاد، كما سيصبح عرضة للاضطرابات المالية. إنها قضية "مغالطة التكوين" الرئيسية. وعليه، يجب أن يكون الحد من الديون هدفاً يسعى الجميع لتحقيقه. لذا، يتعين على لجنة بازل أن تصدر مجموعة جديدة من المعايير التي من شأنها أن تجعل القطاع المصرفي أكثر قوة ومرونة. إن الانتقال من بيئة عالية المديونية إلى بيئة منخفضة المديونية يتطلب مجموعة من السياسات واللوائح المشجعة على تقاسم المخاطر والتمويل التشاركي".
متحدثون من أكبر البنوك
وشهد اليوم الأول من المؤتمر اجتماع عدد من المتحدثين من أكبر البنوك المصرفية، هم: الرئيس التنفيذي لبنك الراجحي بالمملكة العربية السعودية ستيفانو بيرتاميني، والرئيس التنفيذي لبنك أبوظبي الإسلامي بدولة الإمارات العربية المتحدة د.مازن مناع، والرئيس التنفيذي لمجموعة بيت التمويل الكويتي بدولة الكويت مازن الناهض، والرئيس التنفيذي لمجموعة بنك دبي الإسلامي بدولة الإمارات العربية المتحدة عدنان شلوان.
وقال عدنان شلوان "في عامه السادس والعشرين، يستمر المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية بتصدر الريادة في مجال الفكر والرؤى الرامية نحو تحقيق تقدم القطاع المالي الموسع، في وقت تعد التطورات الحاصلة في التكنولوجيا واللوائح مهمة لضمان نجاح جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين. ولا ينبغي النظر إلى الأعراف على أنها قيود تمنعك من المضي قدماً. بل على العكس، يجب توظيفها لتكون بمثابة منصة لتدشين التحول المقبل. تقف البنوك اليوم على مفترق الطرق. لذا، يتعين على قادة المؤسسات المالية، الموجودة في هذا العالم الديناميكي والتقدمي، أن يظلوا على اطلاع ومعرفة دائمة بمتطلبات العملاء. ويمتد التنافس الحاصل بين الكيانات داخل القطاع، إلى المؤسسات الطموحة القادمة من خلف الحدود التقليدية. وبكل بساطة، حان الوقت لأن نصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة العملاء المصرفية (أو نمط الحياة المصرفية)".
الأسواق الجديدة ومعايير التمويل
وتضمن المؤتمر جدول أعمال ركز على الأسواق الجديدة ومواءمة معايير التمويل الإسلامي العالمية. وتشكلت اللجنة المناقشة من: المدير التنفيذي للرقابة المصرفية، مصرف البحرين المركزي خالد حمد عبدالرحمن حمد، والمدير التنفيذي لدائرة الاقتصاد والتمويل الإسلامي في بنك إندونيسيا، والمدير التنفيذي لدى Labuan IBFC في ماليزيا فرح جعفر كروسبي، ونائب الرئيس التنفيذي لدى البنك المركزي العماني في عمان د.قيس اليحيى، والرئيس المسؤول التنفيذي لدى وكالة تطوير تتارستان للاستثمار في جمهورية تتارستان تاليا مينولينا.
وناقشت فرح جعفر كروسبي مسألة تنسيق المعايير من منظور مركز مالي وتجاري دولي، يهدف إلى تسهيل نمو الخدمات المالية الإسلامية ومقبوليتها وفعاليتها من حيث التكلفة، سواء في البلدان الإسلامية أم غيرها. ودعت جميع المندوبين الحاضرين إلى كوالالمبور في العام 2020، حيث سيكون مركز لابوان الدولي للتجارة والاقتصاد الشريك الاستراتيجي للنسخة الثامنة من المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية آسيا، في الفترة بين 29 وحتى 30 يونيو. ويعد الاختصاص القضائي هو موطن أول إصدار صكوك صرف بالدولار الأمريكي في العالم، والذي يضمن تعزيز مكانة ماليزيا الرائدة في مجال الخدمات المالية الإسلامية عبر استضافة المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية آسيا 2020.
ومن أبرز الأحداث الرئيسية لليوم الأول، العرض التقديمي حول التوقعات الاقتصادية العالمية لمدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي د.جهاد أزعور، الذي ركز على الأسواق الجديدة، ومدى توافق وانسجام معيار التمويل الإسلامي العالمي، والتحول الرقمي: توجهات جديدة في التكنولوجيا المالية، وخلق قيمة من خلال عمليات الدمج والشراء. وقام خبراء الصناعة البارزين بتحليل التحديات التي يواجهونها، وارتأوا التركيز على الخروج باقتراحات فعالة تهدف إلى وضع خطة من شأنها أن تسهم في تنمية وتطوير قطاع التمويل الإسلامي ككل.
فيما أكد د.جهاد أزعور أن التوجهات العالمية المغايرة، آخذة في الازدياد، خاصة مع انخفاض النمو وزيادة الشك، وتقلب أسعار النفط المنخفضة، والمخاطر الجيوسياسية، والاضطرابات الاجتماعية. واقترح معالجة نقاط الضعف المالية واستئناف التوحيد التدريجي في OEs، وضمان القدرة على تحمل الديون في OIs.
جوائز المؤتمر للأداء
ويسلط المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية الضوء على المتميزين في القطاع المالي والمصرفي الإسلامي، خلال حفل عشاء خاص في 3 ديسمبر، حيث سيتم تقديم جوائز المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية للأداء من قبل رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين، الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية في مملكة البحرين عدنان أحمد يوسف، إلى أفضل المؤسسات المالية الإسلامية أداء، تبعاً لجوائز المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية "ليدر بورد"، وهي أداة تقييم شاملة بمثابة معيار مبتكر لمساعدة المؤسسات المالية الإسلامية على قياس وتقييم أدائها بالمقارنة مع منافسيها الرئيسيين.
وستتضمن محاور الحديث لليوم الثاني الأربعاء عرضاً تقديمياً حول التعاون والاتصال الاقتصاديين، وجلسة حوارية حول أهداف الشريعة والتمويل الإسلامي، والتمويل المستدام والمسؤولية الاجتماعية للشركات، والاقتصاد الإسلامي - الفرص ونماذج العمل، والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم وتضمينها المالي، وسوق الصكوك.
وتضم نسخة المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية هذا العام نخبة من الشركاء المرموقين هم: بنك الإثمار، المصرف الخليجي التجاري، بنك ABC الإسلامي، بنك البحرين الإسلامي، مصرف الطاقة الأول، مجموعة البركة المصرفية، شركة بيرث مينت، مؤسسة موديز لخدمات المستثمرين، شركة إيغر للتجارة، مجموعة DDCAP، كي بوينت، وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، تجوري، شركة سداد، شركة تراكس، شركة GPS ، وبيت التمويل الكويتي.