يشهد العالم الآن ثلاث أزمات متتالية ليس بينها فواصل زمنية تتيح لبلدان العالم فرصة لالتقاط الأنفاس، بدأت بالانتشار العالمي لفيروس كورونا (كوفيد19)، ومن ثم الأزمة الاقتصادية في الصين بسبب الفيروس وأخيراً أزمة إمدادات النفط.
أولاً، الأزمة الصحية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا على الصعيد العالمي من آسيا إلى الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا ومساحات شاسعة من العالم.
ثانياً، الأزمة الاقتصادية التي بدأت في الصين بسبب الفيروس وهي بدأت تتخمر وتتمدد لتصل الولايات المتحدة ودول أوروبا، وثالثهما أزمة إمدادات النفط العالمية المستجدة بسبب الخلاف بين روسيا والسعودية عشية محادثات أوبك +، فقد صرحت مصادر تابعة لمنظمة أوبك وأخرى تابعة لجمهورية روسيا أن تقييد حجم إنتاج الدول الأعضاء ينتهي بنهاية شهر مارس الحالي، وسيصبح بإمكان الجميع الإنتاج غير المقيد. فكانت النتيجة أن هبطت أسعار النفط لتبلغ حوالي 35 دولاراً للبرميل ومن الممكن أن تهبط لأكثر من ذلك.
ويتساءل الكثيرون، كيف تداعت الأحداث لتهبط أسعار النفط لهذا المستوى الخطير حيث تراجعت 2.4% يوم الاثنين لتصل إلى 26.33 دولاراً للبرميل؟ ولمعرفة الأسباب لابد من التعرض لما حدث في الاجتماع الأخير لمنظمة أوبك.
ففي اجتماعها مؤخراً بفيينا عاصمة النمسا قالت أوبك في بيانها إن التوقعات الاقتصادية العالمية والطلب على النفط في عام 2020 تأثرت سلبياً وبشدة بانتشار فيروس كورونا (كوفيد19)، وأنه من المتوقع الآن أن يتراجع الطلب العالمي على النفط في عام 2020 إلى نصف مليون برميل في اليوم.
وأصدرت أوبك تحذيراً نهائياً لجميع أعضائها، داعية إلى تخفيض الإنتاج بمقدار 1.5 مليون برميل في اليوم، يتوزع الخفض بين دول أوبك (مليون برميل يومياً) ودول التحالف من خارج أوبك (نصف مليون برميل يومياً).
حاولت السعودية في مقر أوبك تمرير الصفقة بالتعاون مع روسيا وبالتفاوض المباشر بين البلدين، ولكن روسيا رفضت التوقيع على تخفيضات أكبر في الإنتاج لتتماسك الأسعار وترتفع نسبياً، وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بلاده كانت راضية إلى حد ما عن أسعار النفط الحالية، وأن الموازنة الروسية يمكنها تحمل أسعار النفط المنخفضة لبعض الوقت.
فمن الواضح أن السعودية جعلت التخفيضات مشروطة بانضمام روسيا. ولكن ولما لم تقبل روسيا بطلب السعودية وكان الموقف الروسي وكأنه القشة التي قصمت ظهر البعير، انقلب الموقف السعودي من طلب التخفيضات إلى الانفراد بزيادة إنتاجها فكانت الطامة الكبرى التي أدت لتفكك اجتماع أوبك+ دون التوصل لاتفاق، وأعقبه حدوث التراجع الكبير في أسعار النفط.
ويشكك كثير من المحللين الآن في إمكان استمرار عمل تحالف أوبك + بل إن بعضهم يرى أن عقد أوبك ذاتها قد انفرط. وحتى لو تمكنت أوبك + من الاجتماع مرة أخرى والموافقة على تخفيضات أعمق، فإن الاقتصاد والطلب العالمي على النفط قد تلقيا لطمة شديدة من فيروس كورونا.
خلاصة القول فإن ما تشهده الأسواق العالمية هذه الأيام أسوأ بكثير من أزمة الانهيار المالي في العام 2008 عندما أدى الانكماش الحاد في الاقتصاد العالمي إلى تراجع الطلب على النفط ولكن أوبك المتماسكة خفضت إنتاجها لتمر الأزمة ويبدأ الطلب بعدها بالتعافي. لكن هذه المرة في عام 2020 هناك بوادر لكارثة جديدة غير مسبوقة بسبب زيادة المعروض من النفط متزامناً مع انكماش الطلب عليه، ولذلك هناك تراجع في أسعار النفط يدعمه عدم التكاتف بين دول أوبك وعدم الاتفاق مع أهم الدول التي كانت تساند أوبك وهي روسيا.
يتوقع المحللون الآن أن تتجه منطقة اليورو نحو ركود اقتصادي. وفي الولايات المتحدة تتعثر شركات النفط الصخري وتحاول التأقلم مع الأسعار الهابطة وتجد نفسها مضطرة لخفض رأسمالها بسرعة وتقليص عدد الحفارات. وهناك تقارير تشير إلى احتمال إفلاس العديد من شركات الاستكشاف والإنتاج خلال العامين المقبلين.
بتول شبر - سيدة أعمال
[email protected]
{{ article.visit_count }}
أولاً، الأزمة الصحية الناجمة عن انتشار فيروس كورونا على الصعيد العالمي من آسيا إلى الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا ومساحات شاسعة من العالم.
ثانياً، الأزمة الاقتصادية التي بدأت في الصين بسبب الفيروس وهي بدأت تتخمر وتتمدد لتصل الولايات المتحدة ودول أوروبا، وثالثهما أزمة إمدادات النفط العالمية المستجدة بسبب الخلاف بين روسيا والسعودية عشية محادثات أوبك +، فقد صرحت مصادر تابعة لمنظمة أوبك وأخرى تابعة لجمهورية روسيا أن تقييد حجم إنتاج الدول الأعضاء ينتهي بنهاية شهر مارس الحالي، وسيصبح بإمكان الجميع الإنتاج غير المقيد. فكانت النتيجة أن هبطت أسعار النفط لتبلغ حوالي 35 دولاراً للبرميل ومن الممكن أن تهبط لأكثر من ذلك.
ويتساءل الكثيرون، كيف تداعت الأحداث لتهبط أسعار النفط لهذا المستوى الخطير حيث تراجعت 2.4% يوم الاثنين لتصل إلى 26.33 دولاراً للبرميل؟ ولمعرفة الأسباب لابد من التعرض لما حدث في الاجتماع الأخير لمنظمة أوبك.
ففي اجتماعها مؤخراً بفيينا عاصمة النمسا قالت أوبك في بيانها إن التوقعات الاقتصادية العالمية والطلب على النفط في عام 2020 تأثرت سلبياً وبشدة بانتشار فيروس كورونا (كوفيد19)، وأنه من المتوقع الآن أن يتراجع الطلب العالمي على النفط في عام 2020 إلى نصف مليون برميل في اليوم.
وأصدرت أوبك تحذيراً نهائياً لجميع أعضائها، داعية إلى تخفيض الإنتاج بمقدار 1.5 مليون برميل في اليوم، يتوزع الخفض بين دول أوبك (مليون برميل يومياً) ودول التحالف من خارج أوبك (نصف مليون برميل يومياً).
حاولت السعودية في مقر أوبك تمرير الصفقة بالتعاون مع روسيا وبالتفاوض المباشر بين البلدين، ولكن روسيا رفضت التوقيع على تخفيضات أكبر في الإنتاج لتتماسك الأسعار وترتفع نسبياً، وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بلاده كانت راضية إلى حد ما عن أسعار النفط الحالية، وأن الموازنة الروسية يمكنها تحمل أسعار النفط المنخفضة لبعض الوقت.
فمن الواضح أن السعودية جعلت التخفيضات مشروطة بانضمام روسيا. ولكن ولما لم تقبل روسيا بطلب السعودية وكان الموقف الروسي وكأنه القشة التي قصمت ظهر البعير، انقلب الموقف السعودي من طلب التخفيضات إلى الانفراد بزيادة إنتاجها فكانت الطامة الكبرى التي أدت لتفكك اجتماع أوبك+ دون التوصل لاتفاق، وأعقبه حدوث التراجع الكبير في أسعار النفط.
ويشكك كثير من المحللين الآن في إمكان استمرار عمل تحالف أوبك + بل إن بعضهم يرى أن عقد أوبك ذاتها قد انفرط. وحتى لو تمكنت أوبك + من الاجتماع مرة أخرى والموافقة على تخفيضات أعمق، فإن الاقتصاد والطلب العالمي على النفط قد تلقيا لطمة شديدة من فيروس كورونا.
خلاصة القول فإن ما تشهده الأسواق العالمية هذه الأيام أسوأ بكثير من أزمة الانهيار المالي في العام 2008 عندما أدى الانكماش الحاد في الاقتصاد العالمي إلى تراجع الطلب على النفط ولكن أوبك المتماسكة خفضت إنتاجها لتمر الأزمة ويبدأ الطلب بعدها بالتعافي. لكن هذه المرة في عام 2020 هناك بوادر لكارثة جديدة غير مسبوقة بسبب زيادة المعروض من النفط متزامناً مع انكماش الطلب عليه، ولذلك هناك تراجع في أسعار النفط يدعمه عدم التكاتف بين دول أوبك وعدم الاتفاق مع أهم الدول التي كانت تساند أوبك وهي روسيا.
يتوقع المحللون الآن أن تتجه منطقة اليورو نحو ركود اقتصادي. وفي الولايات المتحدة تتعثر شركات النفط الصخري وتحاول التأقلم مع الأسعار الهابطة وتجد نفسها مضطرة لخفض رأسمالها بسرعة وتقليص عدد الحفارات. وهناك تقارير تشير إلى احتمال إفلاس العديد من شركات الاستكشاف والإنتاج خلال العامين المقبلين.
بتول شبر - سيدة أعمال
[email protected]