بلومبرغ + وكالات
تسبب الطقس غير المستقر في القضاء على الأخضر واليابس، بعدما دمرت الفيضانات وموجات الجفاف المحاصيل في جميع أنحاء العالم، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشدة.
في الولايات المتحدة وروسيا، تسبب الجفاف في تدمير المحاصيل. وهو الأمر الذي ينطبق على حقول فول الصويا في البرازيل التي تعاني الجفاف الشديد أيضاً، إذ لم يبلّل تربتها سوى قليل من الأمطار العارضة. أما في دول مثل فيتنام وماليزيا وإندونيسيا، فالمشكلة تتمثل في العكس تماماً، فقد تسبب هطول الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات في حقول الأرز والأراضي التي تغطيها أشجار زيت النخيل.
ضربة موجعة
ويُعتبر ظهور كل تلك التوترات في سلاسل الإمدادات، بصورة مفاجئة، بمثابة ضربة موجعة للاقتصاد العالمي الذي كان يكافح لاستعادة توازنه بعد الصدمة التي تعرض لها بسبب الإغلاقات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا.
ومع ارتفاع أسعار كل شيء بدءاً من السكر إلى زيت الطهي، يُدفع ملايين من أسر الطبقة العاملة، التي اضطرت بالفعل إلى تقليص مشترياتها من المواد الغذائية تحت وطأة الوباء، للتوغل في أزمات مالية أكثر عمقاً.
وتهدد تلك الزيادات برفع مؤشرات التضخم الأوسع نطاقاً في بعض الدول، وقد تجعل من الصعب على محافظي البنوك المركزية الاستمرار في توفير الحوافز النقدية لدعم النمو.
مستويات مرتفعة
وكان مؤشر بلومبرغ للسلع الزراعية، الذي يراقب أسعار تسعة محاصيل، شهد ارتفاعاً بمقدار 28% منذ أواخر أبريل حتى أكتوبر 2020، محققاً بذلك أعلى مستوياته منذ ما يزيد على أربعة أعوام. كما كان القمح هو المحصول الأغلى منذ عام 2014، وفقاً للبيانات حتى أكتوبر 2020.
وقال دون روس، المدير العام لشركة "يو إس كوموديتيز" الأميركية: "تغيرت الأساسيات بشدة منذ مايو الماضي؛ لقد تصدر الطقس تلك التغيرات، ولدينا طلب متقلب في سوق صاعدة".
وتشير تداعيات الوباء وتنبؤات الأمم المتحدة التي كانت حذرت بالفعل من السيناريو الأسوأ بمعاناة نحو عُشر سكان العالم من الجوع في 2020، إلى أن الأمور قد تصبح أكثر خطورة إذا استمرت أسعار مواد البقالة في الارتفاع بحيث لا يستطيع مزيد من الناس تحمُّل كلفة الطعام.
وقال ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، المجموعة التي تكافح الجوع والفائزة بجائزة نوبل للسلام لعام 2020، إن هذا الأمر "يبدو محزناً للغاية"، وأضاف أن تراجع العملات في الدول المستوردة للغذاء والتهديد بمزيد من الإغلاق الاقتصادي والصعوبات التي يواجهها المزارعون لتوسيع الإنتاج، قد تؤدي جميعها إلى تفاقم المشكلة".
وتابع بيزلي: "تبدأ في تجميع كل هذه الأمور معاً، وتركض هنا وهناك محذراً من انهيار العالم، لكنها ليست فقط توقعات متشائمة بلا أسس".
تعطيل التجارة العالمية
وأدت سلاسل التوريد الممزقة وتدفق طلبات الشراء إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بالفعل في عدد من الدول، في وقت سابق من 2020، خاصة مع تسبب إغلاقات "كورونا" في تعطيل التجارة العالمية. لكن حتى في ذلك الوقت، كانت في مخزونات الحبوب وفرة كبيرة، وكان من المتوقع أن تكون محاصيل نصف الكرة الشمالي وافرة، ثم جاء الطقس الجافّ في صيف العام الماضي.
وعلى مدار الفترات السابقة، حذّر علماء المناخ من أن تزايد أنماط الطقس المتطرفة التي لا يمكن التنبؤ بها سيشكّل تهديداً متزايداً لإنتاج المحاصيل والأمن الغذائي.
وبالفعل، نحن نشهد ما يعنيه العيش في عالم مضطرب المناخ في ظل اجتياح حرائق الغابات جميع أنحاء غرب الولايات المتحدة، وتزايد ضراوة موسم الأعاصير، وتصريحات خبراء الأرصاد بأن عام 2020 هو أكثر الأعوام التي شهدها العالم سخونة.
ويرى أنطونيو كارلوس سيمونيتي، أحد مزارعي البرتقال من الجيل الرابع في البرازيل، التغير بشكل مباشر، فقد اختفى النهر الذي عادة ما كان يمر عبر ممتلكاته، في ظل الجفاف والحرارة اللذين ابتُليت بهما أراضيه في ولاية ساو باولو، التي تُعَد أفضل مناطق العالم لإنتاج عصير البرتقال.
وتُعتبر تلك هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك منذ أن استحوذت عائلته على المزرعة قبل 36 عاماً، إذ يجف البرتقال في بستانه البالغة مساحته 500 هكتار (1236 فداناً)، ويتجمد من الداخل، بسبب امتصاص الأشجار لكل الماء من الفاكهة في محاولة للبقاء تحت وطأة الجفاف.
وبعد إجراء بعض عمليات البيع في وقت سابق من الموسم، قال سيمونيتي، الذي يتوقع أن ينخفض محصوله بنحو 50% بسبب تقلبات الطقس: "ليس لديّ مزيد من الفاكهة لبيعه. ما تبقى على الأشجار يجفّ، دون ماء بداخله".
فورة الشراء
لم يكن الطقس وحده ما تسبب في ارتفاع أسعار المحاصيل، إذ كان مشترو السلع الزراعية من القاهرة إلى إسلام آباد يسارعون للشراء في محاولة من الدول لتحصين نفسها ضد مزيد من الاضطرابات في سلاسل التوريد، مثل تلك التي شهدتها الأشهر الأولى من العام الماضي، عندما تركت عمليات الإغلاق المواد الغذائية عالقة في المواني، وتسببت في تأخُّرات النقل عن طريق الشاحنات، وخلقت حالة من الجمود في المستودعات.
من ناحية أخرى، أدّى ضعف العملة إلى زيادة الأسعار بشكل أكبر في البرازيل، التي تمثل قوة زراعية عظمى، إذ ارتفعت أسعار فول الصويا بنسبة 81% والذرة بنسبة 56% في عام 2020، ما أدى أيضاً إلى زيادة تكاليف إنتاج لحم الدجاج ولحم الخنزير.
وكإجراء طارئ، ألغت الحكومة المحلية، مؤقتاً، رسوم الاستيراد على فول الصويا والذرة والأرز والقمح للسيطرة على تضخم أسعار الغذاء. وجمع الأردن احتياطيات قياسية من القمح، فيما اتخذت مصر، أكبر مشترٍ للقمح في العالم، خطوة غير مسبوقة لاقتحام الأسواق الدولية خلال موسم الحصاد المحلي، وعززت مشترياتها بأكثر من 50% في العام الماضي.
ومن جانبها، قالت تايوان إنها ستزيد مخزوناتها الغذائية الاستراتيجية، كما أن الصين تشتري القمح لإطعام قطعانها المتنامية من الخنازير. وكان آخر ارتفاع طويل الأمد شهدته أسعار المواد الغذائية في عام 2011 قد ساهم في اندلاع انتفاضات الربيع العربي. ومع ذلك، لا يزال أمام الأسعار طريق طويل للصعود قبل الوصول إلى تلك المستويات.
لكن المحصول الوفير في أستراليا قد يساعد أيضاً على سد فجوة العرض. كما يساعد هذا النموّ في الطلب على تفسير ارتفاع الأسعار على الرغم من وفرة احتياطي المخزون الضخم، إذ ارتفعت الاحتياطيات العالمية من القمح إلى مستوى قياسي في 2020.
وربما تسهم هذه الإمدادات في إبقاء تضخم أسعار الغذاء تحت السيطرة إذا بدأت المخاوف بشأن مشكلات الطقس تتلاشى.
تقليص نفقات الطعام
وتؤثر هذه الأمور كلها في أشخاص كثر، منهم دوان كام تشي، وهي أم عاملة في مدينة هو تشي منه، قدّرت أنها أنفقت أكثر بنحو 30% في 2020، على فواتير الطعام لعائلتها المكونة من 5 أفراد، إذ شهدت الأم العاملة انخفاض أسعار لحم الخنزير.
لكن أشياء مثل الأرز والحبوب والفواكه لا تزال ذات أسعار مرتفعة مقارنة بالأعوام الماضية. وقالت دوان كام تشي: "لا يمكنني تقليص نفقات الطعام لأن أطفالي في مرحلة النمو".
وفي هذه الأثناء، كانت لو تي زيانغ، البالغة من العمر 50 عاماً، والتي تمتلك كشك البيع الخاص بها في المدينة، قد تراكمت لديها منتجات كالسبانخ والأناناس والقرع والفاصوليا الخضراء والجزر، إذ يعني هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات في مناطق الزراعة الرئيسية في العام الماضي، أن الفاكهة والخضراوات باتت تُجلب بضعف ما كانت عليه قبل انتشار الوباء.
وقالت لو تي زيانغ، إنه في ظل هذه الأسعار المرتفعة لا يستطيع كثير من الناس شراء ما يحتاجون إليه لاتباع نظام غذائي صحي. وتضيف زيانغ، التي داومت على البيع في السوق منذ عقدين من الزمان: "أصبح علي الآن دعوة العملاء إلى الكشك الخاص بي، وهو أمر لم أفعله من قبل".
وكان تعافي الأسعار بعد سنوات من الركود بمثابة خبر سار للمزارعين في الولايات المتحدة، الذين اعتمدوا أكثر على المساعدات الحكومية لموازنة خسارة الدخل بسبب الرسوم الجمركية والحروب التجارية.
وقال كيفن روس، أحد المزارعين من ولاية أيوا، ورئيس الرابطة الوطنية لمزارعي الذرة، الذي يزرع الذرة وفول الصويا في جنوب غربي ولاية أيوا، في مقابلة عبر الهاتف: "إنها بشرى سارة أن نشهد طلباً قوياً جداً في الوقت الحالي على كثير من السلع. إن الصادرات في أوج ازدهارها".
{{ article.visit_count }}
تسبب الطقس غير المستقر في القضاء على الأخضر واليابس، بعدما دمرت الفيضانات وموجات الجفاف المحاصيل في جميع أنحاء العالم، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشدة.
في الولايات المتحدة وروسيا، تسبب الجفاف في تدمير المحاصيل. وهو الأمر الذي ينطبق على حقول فول الصويا في البرازيل التي تعاني الجفاف الشديد أيضاً، إذ لم يبلّل تربتها سوى قليل من الأمطار العارضة. أما في دول مثل فيتنام وماليزيا وإندونيسيا، فالمشكلة تتمثل في العكس تماماً، فقد تسبب هطول الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات في حقول الأرز والأراضي التي تغطيها أشجار زيت النخيل.
ضربة موجعة
ويُعتبر ظهور كل تلك التوترات في سلاسل الإمدادات، بصورة مفاجئة، بمثابة ضربة موجعة للاقتصاد العالمي الذي كان يكافح لاستعادة توازنه بعد الصدمة التي تعرض لها بسبب الإغلاقات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا.
ومع ارتفاع أسعار كل شيء بدءاً من السكر إلى زيت الطهي، يُدفع ملايين من أسر الطبقة العاملة، التي اضطرت بالفعل إلى تقليص مشترياتها من المواد الغذائية تحت وطأة الوباء، للتوغل في أزمات مالية أكثر عمقاً.
وتهدد تلك الزيادات برفع مؤشرات التضخم الأوسع نطاقاً في بعض الدول، وقد تجعل من الصعب على محافظي البنوك المركزية الاستمرار في توفير الحوافز النقدية لدعم النمو.
مستويات مرتفعة
وكان مؤشر بلومبرغ للسلع الزراعية، الذي يراقب أسعار تسعة محاصيل، شهد ارتفاعاً بمقدار 28% منذ أواخر أبريل حتى أكتوبر 2020، محققاً بذلك أعلى مستوياته منذ ما يزيد على أربعة أعوام. كما كان القمح هو المحصول الأغلى منذ عام 2014، وفقاً للبيانات حتى أكتوبر 2020.
وقال دون روس، المدير العام لشركة "يو إس كوموديتيز" الأميركية: "تغيرت الأساسيات بشدة منذ مايو الماضي؛ لقد تصدر الطقس تلك التغيرات، ولدينا طلب متقلب في سوق صاعدة".
وتشير تداعيات الوباء وتنبؤات الأمم المتحدة التي كانت حذرت بالفعل من السيناريو الأسوأ بمعاناة نحو عُشر سكان العالم من الجوع في 2020، إلى أن الأمور قد تصبح أكثر خطورة إذا استمرت أسعار مواد البقالة في الارتفاع بحيث لا يستطيع مزيد من الناس تحمُّل كلفة الطعام.
وقال ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، المجموعة التي تكافح الجوع والفائزة بجائزة نوبل للسلام لعام 2020، إن هذا الأمر "يبدو محزناً للغاية"، وأضاف أن تراجع العملات في الدول المستوردة للغذاء والتهديد بمزيد من الإغلاق الاقتصادي والصعوبات التي يواجهها المزارعون لتوسيع الإنتاج، قد تؤدي جميعها إلى تفاقم المشكلة".
وتابع بيزلي: "تبدأ في تجميع كل هذه الأمور معاً، وتركض هنا وهناك محذراً من انهيار العالم، لكنها ليست فقط توقعات متشائمة بلا أسس".
تعطيل التجارة العالمية
وأدت سلاسل التوريد الممزقة وتدفق طلبات الشراء إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بالفعل في عدد من الدول، في وقت سابق من 2020، خاصة مع تسبب إغلاقات "كورونا" في تعطيل التجارة العالمية. لكن حتى في ذلك الوقت، كانت في مخزونات الحبوب وفرة كبيرة، وكان من المتوقع أن تكون محاصيل نصف الكرة الشمالي وافرة، ثم جاء الطقس الجافّ في صيف العام الماضي.
وعلى مدار الفترات السابقة، حذّر علماء المناخ من أن تزايد أنماط الطقس المتطرفة التي لا يمكن التنبؤ بها سيشكّل تهديداً متزايداً لإنتاج المحاصيل والأمن الغذائي.
وبالفعل، نحن نشهد ما يعنيه العيش في عالم مضطرب المناخ في ظل اجتياح حرائق الغابات جميع أنحاء غرب الولايات المتحدة، وتزايد ضراوة موسم الأعاصير، وتصريحات خبراء الأرصاد بأن عام 2020 هو أكثر الأعوام التي شهدها العالم سخونة.
ويرى أنطونيو كارلوس سيمونيتي، أحد مزارعي البرتقال من الجيل الرابع في البرازيل، التغير بشكل مباشر، فقد اختفى النهر الذي عادة ما كان يمر عبر ممتلكاته، في ظل الجفاف والحرارة اللذين ابتُليت بهما أراضيه في ولاية ساو باولو، التي تُعَد أفضل مناطق العالم لإنتاج عصير البرتقال.
وتُعتبر تلك هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك منذ أن استحوذت عائلته على المزرعة قبل 36 عاماً، إذ يجف البرتقال في بستانه البالغة مساحته 500 هكتار (1236 فداناً)، ويتجمد من الداخل، بسبب امتصاص الأشجار لكل الماء من الفاكهة في محاولة للبقاء تحت وطأة الجفاف.
وبعد إجراء بعض عمليات البيع في وقت سابق من الموسم، قال سيمونيتي، الذي يتوقع أن ينخفض محصوله بنحو 50% بسبب تقلبات الطقس: "ليس لديّ مزيد من الفاكهة لبيعه. ما تبقى على الأشجار يجفّ، دون ماء بداخله".
فورة الشراء
لم يكن الطقس وحده ما تسبب في ارتفاع أسعار المحاصيل، إذ كان مشترو السلع الزراعية من القاهرة إلى إسلام آباد يسارعون للشراء في محاولة من الدول لتحصين نفسها ضد مزيد من الاضطرابات في سلاسل التوريد، مثل تلك التي شهدتها الأشهر الأولى من العام الماضي، عندما تركت عمليات الإغلاق المواد الغذائية عالقة في المواني، وتسببت في تأخُّرات النقل عن طريق الشاحنات، وخلقت حالة من الجمود في المستودعات.
من ناحية أخرى، أدّى ضعف العملة إلى زيادة الأسعار بشكل أكبر في البرازيل، التي تمثل قوة زراعية عظمى، إذ ارتفعت أسعار فول الصويا بنسبة 81% والذرة بنسبة 56% في عام 2020، ما أدى أيضاً إلى زيادة تكاليف إنتاج لحم الدجاج ولحم الخنزير.
وكإجراء طارئ، ألغت الحكومة المحلية، مؤقتاً، رسوم الاستيراد على فول الصويا والذرة والأرز والقمح للسيطرة على تضخم أسعار الغذاء. وجمع الأردن احتياطيات قياسية من القمح، فيما اتخذت مصر، أكبر مشترٍ للقمح في العالم، خطوة غير مسبوقة لاقتحام الأسواق الدولية خلال موسم الحصاد المحلي، وعززت مشترياتها بأكثر من 50% في العام الماضي.
ومن جانبها، قالت تايوان إنها ستزيد مخزوناتها الغذائية الاستراتيجية، كما أن الصين تشتري القمح لإطعام قطعانها المتنامية من الخنازير. وكان آخر ارتفاع طويل الأمد شهدته أسعار المواد الغذائية في عام 2011 قد ساهم في اندلاع انتفاضات الربيع العربي. ومع ذلك، لا يزال أمام الأسعار طريق طويل للصعود قبل الوصول إلى تلك المستويات.
لكن المحصول الوفير في أستراليا قد يساعد أيضاً على سد فجوة العرض. كما يساعد هذا النموّ في الطلب على تفسير ارتفاع الأسعار على الرغم من وفرة احتياطي المخزون الضخم، إذ ارتفعت الاحتياطيات العالمية من القمح إلى مستوى قياسي في 2020.
وربما تسهم هذه الإمدادات في إبقاء تضخم أسعار الغذاء تحت السيطرة إذا بدأت المخاوف بشأن مشكلات الطقس تتلاشى.
تقليص نفقات الطعام
وتؤثر هذه الأمور كلها في أشخاص كثر، منهم دوان كام تشي، وهي أم عاملة في مدينة هو تشي منه، قدّرت أنها أنفقت أكثر بنحو 30% في 2020، على فواتير الطعام لعائلتها المكونة من 5 أفراد، إذ شهدت الأم العاملة انخفاض أسعار لحم الخنزير.
لكن أشياء مثل الأرز والحبوب والفواكه لا تزال ذات أسعار مرتفعة مقارنة بالأعوام الماضية. وقالت دوان كام تشي: "لا يمكنني تقليص نفقات الطعام لأن أطفالي في مرحلة النمو".
وفي هذه الأثناء، كانت لو تي زيانغ، البالغة من العمر 50 عاماً، والتي تمتلك كشك البيع الخاص بها في المدينة، قد تراكمت لديها منتجات كالسبانخ والأناناس والقرع والفاصوليا الخضراء والجزر، إذ يعني هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات في مناطق الزراعة الرئيسية في العام الماضي، أن الفاكهة والخضراوات باتت تُجلب بضعف ما كانت عليه قبل انتشار الوباء.
وقالت لو تي زيانغ، إنه في ظل هذه الأسعار المرتفعة لا يستطيع كثير من الناس شراء ما يحتاجون إليه لاتباع نظام غذائي صحي. وتضيف زيانغ، التي داومت على البيع في السوق منذ عقدين من الزمان: "أصبح علي الآن دعوة العملاء إلى الكشك الخاص بي، وهو أمر لم أفعله من قبل".
وكان تعافي الأسعار بعد سنوات من الركود بمثابة خبر سار للمزارعين في الولايات المتحدة، الذين اعتمدوا أكثر على المساعدات الحكومية لموازنة خسارة الدخل بسبب الرسوم الجمركية والحروب التجارية.
وقال كيفن روس، أحد المزارعين من ولاية أيوا، ورئيس الرابطة الوطنية لمزارعي الذرة، الذي يزرع الذرة وفول الصويا في جنوب غربي ولاية أيوا، في مقابلة عبر الهاتف: "إنها بشرى سارة أن نشهد طلباً قوياً جداً في الوقت الحالي على كثير من السلع. إن الصادرات في أوج ازدهارها".