تشكل الشركات العائلية العمود الفقري للاقتصاد الألماني الذي يعد رابع أكبر اقتصاد في العالم بإجمالي ناتج محلي 3.69 تريليون دولار.
هذه الشركات تستحوذ على 90% من الشركات الألمانية، وتضم قائمة طويلة من الشركات العملاقة مثل فولكسفاجن وهنكل وبوش، وميرك، وأوتكر، وميلي، وبي إم دبليو، وينجلمان.
تتمتع الشركات العائلية بمراكز مالية قوية وشبكات عمل واسعة تغطي منها العديد من أنحاء العالم، وتقود قطاعات عالمية، ولكن ليست هذه الصورة الكاملة.
الصراعات والتنافس على قيادة إمبراطوريات البيزنس أحد علامات العديد من الشركات العائلية في ألمانيا، خاصة بين الأجيال التي تخلف الجيل الأول من الأباء المؤسسين.
ويوضح هيرمان سيمون، المستشار الإداري لعدة مؤسسات استثمارية بالشركات متوسطة الحجم في ألمانيا، أن الصراع يقوم في الأغلب على خلافة قيادة الشركة، ما يؤثر سلبا على قيمتها، والتعرض لمخاطر التقسيم أو الإفلاس أو الاستحواذ عليها من جانب المنافسين.
ويقول أريست فون شليبي من معهد ويتنر للشركات العائلية، إن الصراع يجمع عادة بين قيادة العائلة واختيار نشاط تجاري معين.
ويضرب مثالا بقيام مؤسس أحد الشركات العائلية بالترتيب لأن يؤول ورثه بالتساوي بين أبنائه الأربعة، مع حثهم على الحصول على المؤهلات اللازمة لتولي أحدهم رئاسة الشركة، ومن هنا ينطلق الصراع، بحسب مجلة الإيكونوميست.
ومن بين نماذج الصراع أسرة مجموعة فولكسفاجن، حيث أن أبناء فرديناند بيتش، الرئيس السابق للمجموعة، من 3 زيجات مختلفة تجمعهم ساحة المحكمة مع زوجته الأخيرة، بشأن النزاع على ثروة تبلغ 1.8 مليار دولار.
كما أن أسرة رودولف أوجست أوتكر حفيد مؤسسة مجموعة إنتاج البودنج، تشهد دخول الأبناء الخمسة من الزوجة الأولى في خلاف لمدة سنوات مع أبنائه الثلاثة من زوجته الثالثة.
وعادة تتوقف حدة الخلاف على مدى اهتمام أفراد الأسرة بالعمل، فكلما انخفض عدد الأشخاص الذين يتطلعون لإدارة الأعمال يقل الصراع والعكس صحيح، فضلا عن ارتباط الأمر بعدد الزيجات والتي تسفر عن أبناء من عدة أمهات.
تحاول بعض الأسر الألمانية السيطرة على الموقف، عبر سن مواثيق داخلية تنظم علاقات العائلة، مثل تنظيم معكسرات للأطفال وتخصيص منزلا للعائلة وفي الأغلب يكون بيت مؤسس المجموعة، وتنظيم يوم تجمع عائلي سنويا.
ومن النماذج المضيئة عائلة هانييل الألمانية التي تضم 680 فردا، ولديهم دستور عائلي مكون من 80 صفحة، يحظر عمل أو تدريب أي شخص من الأسرة بالشركة، تفاديا للنزاع.
ورغم هذا الجانب السئ لبيزنس العائلات الألمانية، إلا أن هناك جانبا مشرقا للغاية، وهي قدرتها على مواجهة الأزمات، ومنها جائحة كورونا بفضل وفرة احتياطي مالي ساعدها على الإنفاق على البحث والتطوير ووضع خطط عمل طويلة، على الرغم من تراجع المبيعات.
ويشرح نيكو موهر، شريك ماكينزي للاستشارات، أن الشركات الألمانية المملوكة لعائلات تتمتع بنسب حقوق ملكية عالية، ما يساعدها على توفير دعم جيد وكلمة أغلبية لمساندة الشركات في الأوقات الحرجة.