يتوقّع التقرير الجديد مستجدات اقتصادية: الشرق الأوسط للربع الأول من العام 2021، الذي أعدته "أكسفورد إيكونوميكس" بتكليف من معهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW، أن توزيع لقاحات فيروس كورونا من شأنه أن يسمح بالعودة إلى الوضع الطبيعي نسبياً في الشرق الأوسط خلال النصف الثاني من 2021، بينما ستستفيد معظم اقتصادات المنطقة من ارتفاع أسعار السلع الأساسية وزيادة الطلب الخارجي.

وبحسب تقرير المستجدات الاقتصادية، تبلغ توقعات إجمالي الناتج المحلي لمنطقة الشرق الأوسط ما نسبته 2.5% لهذا العام، على غرار متوسط الوتيرة من 2010 إلى 2019 (بنسبة 2.6%). ويأتي ذلك في أعقاب الانخفاض غير المسبوق الذي شهدناه في 2020، وبنسبة تقديرية تبلغ 5.2%.

وأشار التقرير إلى أن العام 2021 اتسم ببداية بطيئة للاقتصاد العالمي بسبب تدابير الاحتواء التي تهدف إلى السيطرة على حالات الإصابة بفيروس كورونا. وبالمثل، اضطرت دول الشرق الأوسط إلى اتخاذ إجراءات صارمة، وفرضت قيوداً على السفر والأنشطة الاقتصادية المحلية للحد من انتشار الفيروس.

ومع أن وتيرة توفير اللقاح لم تكن متكافئة نوعاً ما، إلا أنه قد تم إحراز تقدم جيد في هذا الصدد، وعلى وجه الخصوص في دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين، حيث تم تطعيم شريحة كبيرة نسبياً من السكان مقارنة بالدول المجاورة، وبلدان العالم. وبشكل عام، ووفقاً لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW، سينمو إجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 1.4% في 2021، بعد انكماش يقدّر بنحو 5.4% في 2020.

وأدت توقعات تعزيز النشاط وزيادة الطلب إلى رفع المعنويات، مما دفع بأسعار النفط إلى 66 دولار أميركي للبرميل في أواخر شهر فبراير (مرتفعاً من نقطة منخفضة بلغت 9 دولارات أميركية في أبريل 2020). كما تم دعم توقعات أسعار النفط من خلال القيود المستمرة على الإمدادات من منتجي أوبك+. وتخطط المجموعة لزيادة الإنتاج بمعدلات متواضعة فقط في الأشهر المقبلة، للحفاظ على انخفاض مستويات المخزون، مع التزام المملكة العربية السعودية بتقليص طوعي إضافي للإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً حتى أبريل.

وفي حين أن مستوى أسعار النفط الحالي لا يزال أقل بكثير مما اعتادت عليه دول مجلس التعاون الخليجي، إلا إنه يوفر فترة راحة للميزانيات العامة، ويخفف الضغط من أجل المزيد من الضبط المالي. ومع ذلك، فإن بعض الحكومات مثل سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية ستخفّض الإنفاق على خلفية استمرار تراجع عائدات النفط.

وعلى الرغم من أن احتياجات تمويل العجز ستنخفض في 2021، فإن معظم البلدان ستستمر في الاقتراض في أسواق الديون الدولية لتمويل برامج التنويع، أو إعادة تمويل الديون المستحقة بمعدلات منخفضة.

وقال مايكل آرمسترونغ، المحاسب القانوني المعتمد والمدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا: "بينما يتم طرح وتوزيع لقاحات كوفيد-19، يجب على حكومات الشرق الأوسط الاستمرار في تطوير القطاعات والصناعات التي تولّد قيمة صافية للاقتصاد. وتعد زيادة الإيرادات غير النفطية مهمة صعبة في هذه المرحلة، لذا سيكون الابتكار أمراً حاسماً للانتعاش الاقتصادي في المنطقة".

وقال سكوت ليفرمور، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW وكبير الخبراء الاقتصاديين في "أكسفورد إيكونوميكس": "تسببت جائحة كورونا في توقف اقتصادات الشرق الأوسط مؤقتاً في الربع الأول من 2020. ولكن اليوم، نتفاءل بالخطوات التي تتخذها الحكومات الإقليمية لإعادة الحياة إلى طبيعتها. ومع ذلك، فإن استمرار حالة عدم اليقين في السوق العالمية يفرض مزيداً من الضغط على الاقتصادات المعتمدة على النفط لزيادة إيراداتها غير النفطية. يجب أن تظل الحكومات استباقية وأن تواصل دعم اقتصاداتها بمبادرات داعمة للنمو من أجل التعافي بسرعة".

وتواجه بقية دول المنطقة أيضاً العديد من التحديات، بما في ذلك خفض إنتاج النفط، وعمليات الإغلاق المؤقت الدورية المرتبطة بالجائحة، وفي حالة إيران، العقوبات الأميركية. إلا أن العودة المحتملة لخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) للرئيس الأميركي بايدن، ورفع العقوبات، قد يعطي دفعة قوية للاقتصاد النفطي الإيراني، وميزانيته العامة، مما يساعد على تخفيف معدلات التضخم العالية.

وفي لبنان، يستمر التعثّر في تشكيل الحكومة والوضع الصحي المقلق في التأثير على الاقتصاد وسط الأزمة المالية المستمرة. ومع عدم وجود إصلاحات لتحفيز الانتعاش، واستمرار انخفاض الطلب، يتوقع التقرير أن يتراجع إجمالي الناتج المحلي اللبناني بنسبة 5.3% في 2021، بعد انخفاض يقدر بنحو 25% العام الماضي.

أما العراق - الاقتصاد الأقل تنوعاً في الشرق الأوسط، فقد تم دفعه مرة أخرى إلى ذراعي صندوق النقد الدولي للمساعدة في تلبية احتياجات التمويل. وأدى تراجع احتياطيات النقد الأجنبي إلى انخفاض قيمة الدينار العراقي بنسبة 16% في ديسمبر/ كانون الأول، ليصل إلى مستوى هو الأول من نوعه منذ 2003.