سبوتنيك
كان الدولار الأمريكي في حالة نشوة خلال الأيام القليلة الماضية، إذ سجل أفضل أداء أسبوعي له في نحو 9 أشهر، وواصل مكاسبه إلى اليوم، ما أثار الشكوك حول وجهة نظر المحللين التي أشارت إلى ضعفه في عام 2021.
منذ بلغ مؤشر الدولار – الذي يقيس قيمته أمام سلة من العملات الرئيسية – أدنى مستوى له في نحو 5 أشهر في الخامس والعشرين من مايو/ أيار الماضي، عند 89.63 نقطة، ظلت العملة الأمريكية مذبذبة لبعض الوقت بين الارتفاع والهبوط.
لكن الدولار سلك اتجاها صاعدا منذ منتصف الأسبوع الماضي، ليبلغ اليوم الأحد، 92.22 نقطة، ليقترب أكثر من أفضل مستوياته لهذا العام، والمسجل في أواخر مارس/ آذار عند 93.29 نقطة، بحسب "بيانات بلومبيرغ".
وقالت جين فولي، كبيرة محللي الفوركس في "رابوبنك"، في مذكرة: "حتى يوم الأربعاء كان إجماع السوق يشير إلى قيمة معتدلة لمؤشر الدولار على مدار الربعين المقبلين. لكن يشير نشاط الأسعار الأخير إلى أن إعادة تقييم الوضع جاري".
ويأتي هذا الارتفاع بعد أن قرر صانعو السياسة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) تثبيت الفائدة، يوم الأربعاء، لكنهم رجحوا رفعها مرتين بحلول نهاية عام 2023 وناقشوا تقليص برنامج شراء الأصول الخاص بالبنك المركزي في نهاية المطاف، بحسب "تقرير لموقع ماركت ووتش".
انخفض اليورو يوم الأربعاء، إلى ما دون 1.20 دولار أمريكي للمرة الأولى منذ 6 مايو/ أيار، وواصل انخفاضه في الأيام التالية.
وقالت فولي إن توقعات "رابوبنك" الحالية لارتفاع الدولار الأمريكي هذا الصيف تستند إلى وجهة النظر القائلة إن الجدل حول التضخم وسياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يتصاعد. ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 2.2% منذ بداية العام.
كانت المفاجأة من تحول بنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر وضوحًا في أسواق العملات، ما يعكس التوقعات، حتى بين المحللين الذين كانوا متشككين في دعوات لضعف الدولار، حيث ظن الأغلبية منهم أن الاحتياطي الفيدرالي سيستمر في التقليل من مخاوف التضخم وإرجاء الحديث عن عكس سياسته.
ألقي اللوم على قوة الدولار أيضًا في عمليات بيع أدت إلى انخفاض حاد لأسعار العقود الآجلة للذهب، لتسجل أكبر تراجع أسبوعي في 15 شهرا. كما تعثرت العقود الآجلة للنفط، وانخفض أسعار خامي "برنت" و"نايمكس" الأمريكي على مدار يومي الأربعاء والخميس.
يمكن أن يكون الدولار الأقوى مؤثرا سلبيا على السلع المسعرة بالدولار (مثل الذهب والنفط)، ما يجعلها أكثر تكلفة لمستخدمي العملات الأخرى.
براد بكتل، الرئيس العالمي للعملات الأجنبية في مصرف "جيفريز"، قال إنه كان في البداية متفائلا بحركة الدولار خلال الربع الرابع والربع الأول، لكنه تحول بعد ذلك إلى توقع هبوطه في الربع الثاني من هذا العام.
وبرر ذلك بأنه توقع أن يواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي تدقيق البيانات حتى انعقاد ملتقى "جاكسون هول" على الأقل، قائلا إنه يشعر "بخيبة أمل" لعدم تمسكه بالتفاؤل إزاء الدولار الأمريكي.
وأضاف أنه يتوقع أن يواصل الدولار الاندفاع للأعلى، على الرغم من أن الحركة التي شوهدت حتى الآن كانت جامحة، متابعا: "لا شيء يسير في خط مستقيم، والفيدرالي يدير الأمور ببطء، والاقتصاد يتحسن بوتيرة سريعة مع الكثير من الزخم، كما أن الوباء ينحسر، وهذا أمر إيجابي وداعم للدولار الأمريكي".
في المقابل، شكك الاقتصاديون لدى مصرف "ويلز فارغو" في استمرار ارتفاع الدولار، وقالوا: "الارتفاع الحاد في قيمة الدولار كان جديرا بالملاحظة، ولكن من وجهة نظرنا، من المرجح أن يكون مؤقتا ونحن نحافظ على وجهة نظرنا بشأن ضعف الدولار الأمريكي على المدى المتوسط إلى الطويل".
جزء من سبب اعتقادهم باستمرار هبوط الدولار هو أن السياسة النقدية الفعلية للاحتياطي الفيدرالي لم تتغير بعد، في حين أن البنوك المركزية الأجنبية في جميع أنحاء العالم المتقدم قد اتخذت بالفعل إجراءاتها الخاصة، ومن المرجح أن تستمر في اتخاذ خطوات لتشديد السياسة النقدية.
وأضافوا: "مع تشديد البنوك المركزية الأجنبية لسياستها والإشارة صراحة إلى تغييرات في السياسة المستقبلية، وتحلي الفيدرالي بالصبر، نتوقع أن تجذب العملات الأجنبية تدفقات رأس المال".